صفقة القرن

ما يدور من حديث عن صفقة سيتم الإعلان عنها خلال الفترة القادمة من قبل الإدارة الأمريكية تتضمن حل شاملة للقضية الفلسطينية – الإسرائيلية تحاول أمريكا من ورائه تحقيق غاية واحدة لا تقبل الشك أو التأويل ضمان بقائها وحمايتها وتحقيق أهدافها ،أنها الدولة اليهودية المزعومة .
مقترح دونالد ترامب لإنهاء الصراع القائم ( صفقة القرن ) يهدف بشكل رئيسي إلى توطين الفلسطينيين في وطن بديل خارج الأراضي المحتلة ، وإنهاء حق اللجوء للاجئين الفلسطيين في خارج فلسطين ، بمعنى خيار الدولتين .
خلال السنوات السابقة عملت إدارة البيت الأبيض على تهيئة كافة الظروف المناسبة لإعلان صفقتها ، ولكي يكتب لها النجاح لابد من توفر بعض متطلباتها، وهي مجموع من الإجراءات أو الخطوات خلال مراحل متعاقبة ، عملت عليها الولايات المتحدة وبشكل لافتة للنظر من خلال ما تعرف بوقته بخارطة الطريق التي إعلانها بوش الابن ، لتضع الكل إمام الواقع ، وخيارين الدولتين الحل الأمثل للقضية ، لكن لابد من تكون هناك تنازلات من بعض الإطراف مقابل إن يضمن قيام الدولة فلسطين ، وتبقى إسرائيل المستفيد ويحقق أمالها في اتساع سيطرتها على اكبر قدر من الأرضي العربية ، لتجعل إسرائيل دول أقوى من الماضي بكثير.
وبطبيعة الحال لا يمكن تطبيق الاتفاق بسهولة ، لذا التجأت إلى سياستها المعهودة في تدمير البلدان وقتل الشعوب ، وادخلها في دوامة من الفتن والاضطرابات والاقتتال الداخلي ليكون حالها مأساوي في نهاية المطاف ، مع ما يصبها من الضعف وعدم القدرة على المواجهة أو الاعتراض أو حتى التنديد ، وكان الربيع العربي الخيار الأمثل لتحقيق مأربها .
كل دول المحور مصر الأردن سوريا وضعها يرثى له ، مشاكل سياسية اقتصادية وبعضها أمنية كبرى ، بل اغلب الدولة العربية والإسلامية ، معلومة من الجميع كيف حالها اليوم ، ومواقفها السابقة من القضية الفلسطنيه واتجاه إسرائيل كانت سببا أساسي في قيام الكيان المغتصب ، وعندما إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية ، لم نسمع أو نرى مواقف حقيقة من الكل، وبقي شعبنا العربي الفلسطينين يعاني الأمرين .
بنود هذه الصفقة هي إكمال المرحلة الثانية لسايكس بيكو الثانية ، لان الأولى وضعت حجر الأساس لها و اقصد هنا الدولة اليهودية ، وستوسع الثانية من سيطرتهم بالاستحواذ على أراضي جديدة ، وقد تكون هناك خفايا أو مفاجآت في الصفقة ، لكنها في الحقيقة ستكون لصالح اليهود .
مواقف الأمم المتحدة أو الجامعة العربية وغيرها من المنظمات الدولية لا يعول عليه كثيرا، بل بالعكس ستكون هي من تؤيد هذه الصفقة ، وتضغط على الفلسطينيين لقبولها وتشجعهم عليها ولسبب بسيط جدا ، عجزها وفشلها الوقوف بوجه أمريكا ومشاريع اليهود التوسعية ، رغم جرائمها وانتهاك لحقوق الإنسان ، وتعارضها مع مبادئ والقوانين الدولية .
ولا يختلف الأمر عن دول الاتحاد الأوربي رغم مشاكلها الاقتصادية ومواقفها الأخيرة المعروفة من الجميع مع أمريكا، لكن القضية مع إسرائيل لعا إبعاد أخرى بالنسبة لهم ، و تختلف كل الحسابات عن القضايا الأخرى ، لان مثلما دعمت قيامها سابقا فان مواقفها اليوم لا يختلف عن السابق مطلقا ، والأيام ستثبت هذه الحقيقة .
لكن أقولها وقلبي يمتلئ خزنا وغيظا ، ستنجح أمريكا في تنفيذ وما تعرف بصفة القرن حسب كل المعطيات والمؤشرات الحالية ، لكن يبقى لنا بصيص من الأمل يكمن في قوة وإصرار المقاومة الإسلامية ومن يقف ورائها ، بردة فعل تقف حائل دون تنفيذ بعض بنوده هذه الصفقة أو يبقى الخيار الذي يعيد التوازن في المعادلة الفلسطينية حتى لو بعد حين ، رغم فارق الإمكانيات الكبير ، لكن خيار المقاومة والدفاع سيبقى الأمل الوحيد لدينا في تحقيق هدف الأمة وهو التخلص الكامل من قتلت كل زمان ومكان .
ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here