4 حكومات متعاقبة فشلت في توفير الكهرباء وإنشاء مشاريع ستراتيجيّة لخزن المياه

بغداد/ وائل نعمة

حثّ عراقيون في مقاطع فيديو نُشرت على “فيسبوك”، وهم يقومون بحفر آبار في المنازل والمزارع، سائر المواطنين على أن يحذوا حذوهم لمواجهة أزمة المياه التي تصاعد الحديث بشأنها في الايام الأخيرة، تزامناً مع نقص حاد في ساعات تجهيز التيار الكهربائي، حيث تراشقت وزارتا الكهرباء والنفط إعلامياً، بالاتهامات حول مسؤولية كل منهما عن سوء تجهيز الكهرباء مع بداية موسم الصيف، على الرغم من أن الوزارتين تجتمعان دورياً داخل لجنة مخصصة لمناقشة الطاقة في البلاد!
وحمّل مجلس النواب الذي حضر 50 عضوا فقط من أصل 328، جلسة أول من أمس المخصصة لمناقشة قضية المياه، الحكومات المتعاقبة بعد سقوط النظام السابق، مسؤولية تفاقم الازمة.
وفي هذا الشأن أكدت وزارة الموارد المائية، أمس الإثنين، أنّ اتفاق العراق مع تركيا تضمن منح 75% من الإيرادات المائية للعراق و25% لملء سد إليسو التركي، فيما أشارت إلى أنّ إنشاء سدود جديدة في العراق غير مفيد.
وقال وزير الموارد المائية حسن الجنابي في تصريحات متلفزة إن “المطالبات بإنشاء سدود أخرى في العراق هي غير واقعية وخاطئة لأن سدودنا الموجودة هي ما زالت فارغة وتحتاج الى مزيد من المياه”، لافتا الى أن “سد الموصل يمكن ان يستوعب خمسة مليارات متر مكعب إضافية ،كما أن سد الثرثار يمكن ان يستوعب 40 مليار متر مكعب إضافية أخرى”.
وتابع الجنابي إن “العراق يستهلك مياهه لـ 75% لأغراض الزراعة و12% لمياه الشرب و13 % لأغراض البيئية كالاهوار وشط العرب والأغراض الصناعية”.
وفي وقت سابق، أعلنت تركيا أنها ستباشر ملء سد إليسو في الاول من حزيران الحالي، وحذرت من أنه سيؤدي الى شحّ كبيرفي الإيرادات المائية في نهر دجلة.

سدّ آذان الحكومة
بدوره يقول محمد الصيهود عضو لجنة المياه في مجلس النواب في تصريح لـ(المدى) أمس إن “السد سيقلل الإيرادات المائية الداخلة للعراق من 20 مليار لتر مكعب إلى 9.7 مليار لتر مكعب سنويا”. وأشار الى أن 70% من إيرادات العراق من المياه تأتي من تركيا.
وأوصى البرلمان في جلسة تشاورية عقدها أول من أمس الأحد، اللجنة الحكومية العليا المشكلة لأزمة المياه بأن تكون في حالة طوارئ مستمرة لحين إنهاء الأزمة تماما في جميع أنحاء العراق.
وقال النائب الأول لرئيس البرلمان همام حمودي إن مجلس النواب سيرسل رسالة عاجلة لنظيره التركي يدعوه لتأجيل ملء سد إليسو لثلاثة أشهر، وتشكيل وفد تفاوضي لزيارة تركيا والاتفاق على ذات الموضوع، إضافة إلى تفعيل لجنة الصداقة البرلمانية العراقية – التركية.
وتعرّضت الجلسة البرلمانية الاخيرة التي حضرها وزيرا الموارد المائية والزراعة، الى انتقادات بسبب غياب 288 نائبا، ما أعطى إشارة إلى عدم اهتمام المجلس بالأزمة الحالية.
من جانبه دافع الصيهود عن مجلس النواب، وأكد أن الأخير “قدّم توصيات، وليس من صلاحيته إجبار الحكومة على الذهاب للتفاوض مع تركيا من أجل الإطلاقات المائية”.
وأكد النائب أن هناك قوانين كثيرة تساعد في حل الأزمة “لكن الحكومة الحالية وكل الحكومات السابقة ووزارات المالية منذ 2005 وحتى الآن لم تتحرك داخلياً لبناء السدود أو الخزانات، ولا خارجياً في عقد اتفاقيات مع الدول المتشاطئة”.
وأصدر المجلس الوزاري للأمن الوطني أمس الإثنين، توجيهاته باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ خطة لمعالجة شح المياه المتوقع في الصيف الحالي.
واستمع المجلس أثناء الاجتماع إلى إيجاز عرضه وزير الموارد المائية حسن الجنابي تضمن خطة لمعالجة الشحّ المائي المتوقع، بحسب ما جاء في بيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء. وتابع البيان أن المجتمعين اطلعوا على انعكاس التغييرات المناخية على مستوى إيراد المياه، بالإضافة إلى آثار الإجراءات المتخذة في دول الجوار، وبالدرجة الأولى بدء ملء سد إليسو في تركيا.
واتخذ المجلس، بحسب البيان، القرارات اللازمة في سبيل تعزيز الأمن المائي خلال الصيف، حيث تم الاتفاق على تأمين الحصص المائية “بما يلبي حاجة المواطن من مياه الشرب والزراعة مع مراعاة ترشيد استهلاك المياه”.
ووجّه المجلس الجهات ذات العلاقة، بما فيها وزارات الموارد المائية والبلديات والزراعة والمالية وأمانة بغداد والجهات الأمنية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة الأزمة.
وأشار متخصصون وبرلمانيون إلى وجود “إقطاعيين” و”متنفذين” قريبين من السلطة يتجاوزون على حصص المياه بين المحافظات، فيما شاروا الى عجز الحكومة عن معالجة تلك المشكلة.
في غضون ذلك بدأ عراقيون بنشر مقاطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” لتعليم السكان كيفية حفر الآبار في المنازل والمزارع استعداداً لمواجهة أزمة المياه، فيما استعان آخرون بحلول ظهرت في أفلام الرسوم المتحركة الشهيرة في العراق “السندباد” الذي عرض قبل نحو 40 عاماً، حيث تناولت سلسلة الرسوم في إحدى الحلقات مشكلة جفاف نهري دجلة والفرات.

وزارات متخاصمة
وقبل تصاعد أزمة المياه، كانت المدن العراقية قد شهدت اتساع الاحتجاجات الغاضبة على تردي الطاقة الكهربائية، التي تزامنت مع ارتفاع درجة الحرارة.
وخرج وزير الكهرباء الذي أعيد انتخابه مجدداً للدورة التشريعية المقبلة، مبرراً نقص ساعات تجهيز الكهرباء بأنه يرجع الى قلة المخصصات المالية والوقود الخاص بتشغيل المحطات، بالاضافة الى تفاجؤ وزارته بارتفاع درجات الحرارة.
من جهته استغرب زاهر العبادي، عضو لجنة النفط والطاقة في البرلمان في تصريح لـ(المدى) أمس ” خروج الاتهامات بين وزارتي الكهرباء والنفط الى العلن، ورمي مسؤولية تردي الطاقة الكهربائية على إحداهما الأخرى”.
واعتبر عضو اللجنة أن تبادل الاتهامات “يعني إقرار الوزاراتين بالفشل في حل الأزمة المستمرة منذ عدة سنوات”، وأشار إلى أن “الوزيرين يلتقيان بشكل دوري داخل لجنة الطاقة التي تضم عدداً من الوزارات، لكنهم يدورون حول نفس المشاكل بدون حل”.
وأنفق العراق نحو 40 مليار دولار على إصلاح الكهرباء منذ 2003، فيما يقول النائب العبادي إن “هناك نقص 5 آلاف ميكاواط حتى الآن”.
وتعرض الفهداوي خلال السنوات الماضية الى احتجاجات واسعة بدأت في عام 2015، وقد نجا من أكثر من محاولة لإقالته في البرلمان.
وحذّر عضو لجنة الطاقة في البرلمان، من استمرار الأزمات في البلاد ،لأنها تولّد أزمات أخرى، إلى أن تصل الى مرحلة “الخطر والانفجار”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here