الإحصاء الغائب والإنحراف المستطير!!

المجتمع العربي لا يعتمد الإحصائية الدقيقة والتدوين الصحيح لما يجري فيه ويتفاعل في أيامه , مع أن الدول العربية مولودة من رحم الدولة العثمانية التي هي من أحرص الإمبراطوريات في التأريخ على التدوين , وقد تعلم الغرب منها هذا السلوك.
ففي الدول الغربية كل شيئ يُسجل ويخضع لدراسات وتقديرات وعمليات إحصائية رصينة تضع اللمسات الفعّالة على خارطة المعالجات , والتداخلات اللازمة للحيلولة دون التكرار أو للوقاية وتقليل الأضرار.
بينما في مجتمعاتنا يغيب السلوك الإحصائي ويكاد ينعدم تماما , فلا نعرف ما يحصل ولا نمتلك نظرة موضوعية صائبة عن الواقع , ولهذا نجنح لإتخاذ قرارت ضارة ومدمرة , لأنها لا تستند على حقائق واقعية مدونة ومحسوبة , وإنما على تصورات وتقديرات ورؤى أشبه بالسرابات والأوهام.
وهذه علة سلوكية خطيرة تتسيد على الواقع العربي في جميع الدول العربية , فأصحاب القرار يتخذون القرارات وفقا لهواهم وليس إستنادا علة إحصاءات ودراسات , وتقديرات علمية تضع المعالجات والحلول الصائبة النافعة للمشاكل والمعوقات.
ولا يُعرف لماذا تهمل الأنظمة العربية موضوع التدوين والإحصاء , والبحث الكفيل بالوصول إلى إتخاذ القرار الواعي الذي يمتلك درجة عالية من الصوابية.
وبسبب هذا الإغفال والتجاهل والإهمال , تعيش مجتمعاتنا في تخبطات ونوبات إنفعالية , أشبه بالنوبات الصرعية , وكأنها مجتمعات مصروعة لشدة ما ينحبس فيها من إنفعالات وعواطف سلبية تتقد وتنفجر بقوة هائلة ومدمرة.
ولهذا يجب الإعتماد على التدوين والإحصاء والبحث العلمي في مواجهة أية مشكلة مهما كانت صغيرة أو كبيرة , لأننا نعيش في عصر السلوك العلمي والمعرفة البحثية الصارمة , فالعلم هو القائد والرائد والمتحكم بمصير الوجود الأرضي , وعندما لا نستوعب هذه الحقيقة الساطعة ونتعامل بجهل وسذاجة وإندفاعية وإنفعالية , فأننا نحصد الخسران والهوان.
فلابد من التوثيق والتدقيق والإحصاء والبحث والدراسة وتعليم آليات ومهارات التفكير العلمي لصناعة الحياة الأفضل والأقوى.
فهل من رؤية معاصرة ذات بصيرة ونهى؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here