أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (٢٢)

نــــــــــزار حيدر
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
ب/ كما أَنَّ الإِمامُ (ع) صبرَ على كلِّ الطُّعون التي تعرَّض لها وهُوَ مَن هُوَ، فكانَ المُصداقُ لقولِ الله تعالى {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا}؛
١/ إِتِّهامهُ بالكَذب وهو أَخو رسولَ الله (ص) ونفسهُ بنصِّ القرآن الكريم {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}.
يَقُولُ (ع) {مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِّبْتُ وَلَا ضَلَلْتُ وَلَا ضُلَّ بِي}.
تعالُوا نقرأ الخطاب التَّالي للإِمام (ع) يشرحُ فِيهِ جانِباً من هَذِهِ التُّهمة؛
{أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَالْمَرْأَةِ الْحَامِلِ حَمَلَتْ فَلَمَّا أَتَمَّتْ أَمْلَصَتْ وَمَاتَ قَيِّمُهَا وَطَالَ تَأَيُّمُهَا وَوَرِثَهَا أَبْعَدُهَا.
أَمَا وَاللَّهِ مَا أَتَيْتُكُمُ اخْتِيَاراً وَلَكِنْ جِئْتُ إِلَيْكُمْ سَوْقاً وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عَلِيٌّ يَكْذِبُ قَاتَلَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَعَلَى مَنْ أَكْذِبُ أَعَلَى اللَّهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ أَمْ عَلَى نَبِيِّهِ فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَهُ؟! كَلَّا وَاللَّهِ لَكِنَّهَا لَهْجَةٌ غِبْتُمْ عَنْهَا وَلَمْ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا وَيْلُ أُمِّهِ كَيْلًا بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَوْ كَانَ لَهُ وِعَاءٌ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}.
٢/ إِتِّهامهُ بالدُّعابة والإِنحراف الخلُقي [والعَياذُ بالله].
يَقُولُ (ع) {عَجَباً لِابْنِ النَّابِغَةِ [ويقصدُ بهِ عمرُو بن العاص] يَزْعُمُ لِأَهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِيَّ دُعَابَةً وَأَنِّي امْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ أُعَافِسُ وَأُمَارِسُ لَقَدْ قَالَ بَاطِلًا وَنَطَقَ آثِماً أَمَا وَشَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ إِنَّهُ لَيَقُولُ فَيَكْذِبُ وَيَعِدُ فَيُخْلِفُ وَيُسْأَلُ فَيَبْخَلُ وَيَسْأَلُ فَيُلْحِفُ وَيَخُونُ الْعَهْدَ وَيَقْطَعُ الْإِلَّ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَرْبِ فَأَيُّ زَاجِرٍ وَآمِرٍ هُوَ مَالَمْ تَأْخُذِ السُّيُوفُ مَآخِذَهَا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ أَكْبَرُ [أَكْبَرَ] مَكِيدَتِهِ أَنْ يَمْنَحَ الْقَرْمَ سَبَّتَهُ! أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَيَمْنَعُنِي مِنَ اللَّعِبِ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَإِنَّهُ لَيَمْنَعُهُ مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ نِسْيَانُ الْآخِرَةِ إِنَّهُ لَمْ يُبَايِعْ مُعَاوِيَةَ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهُ أَتِيَّةً وَيَرْضَخَ لَهُ عَلَى تَرْكِ الدِّينِ رَضِيخَةً}.
٣/ إِتِّهامهُ بالكُفرِ والمرُوقِ عن الدِّين! وذلكَ عندما حكمَ عليهِ الخوارج بالكُفر ودعوهُ للتَّوبةِ والعَودةِ إِلى الإِيمان، فقالَ لهم الإِمام (ع) {أَبَعْدَ إِيمانِي باللّه وَجِهاديِ مَعَ رَسُولِ اللّه (ص) أَشْهَدُ عَلى نَفْسي بِالكُفْرِ؟! لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذَنْ وَما أَنا مِنَ المُهْتَدِين}.
ومعَ ذَلِكَ ولشدَّة صبرهِ وعظيمِ سِعةِ صدرهِ (ع) قَالَ لهم {فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا أَنْ تَزْعُمُوا أَنِّي أَخْطَأْتُ وَضَلَلْتُ فَلِمَ تُضَلِّلُونَ عَامَّةَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (ص) بِضَلَالِي وَتَأْخُذُونَهُمْ بِخَطَئِي وَتُكَفِّرُونَهُمْ بِذُنُوبِي}.
هل سمِعتُم بزعيمٍ يقبل التحدِّي ويتحمَّل كاملِ المسؤُوليَّة بسببِ [خطأ إِفتراضي] من أَجلِ حمايةِ الأُمَّة وتحصينِ المُجتمعِ من الإِنحرافِ؟!.
ج/ صبرهُ على عُدوانِ الأُمَّةِ عليهِ عندما تعرَّض لضربةِ الخارجي التَّكفيري إِبنَ مُلجَم وهو وقتها الخليفة والقائد العام للقوَّات المسلَّحة! فَلَو كان غيرهُ لدعا إِلى الإِنتقام والأَخذ بالثَّار بكلِّ طريقةٍ! أَمّا أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فقد أَوصى ولدَيه السِّبطَين الحَسن والحُسين (ع) بعد ضربة عدوَّ الله بقولهِ {يَا بَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ، لاَ أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ خَوْضاً، تَقُولُونَ: قُتِلَ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ.
أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ بِي إِلاَّ قَاتِلِي.
انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هذِهِ، فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ، وَلاَ يُمَثَّلوُا بِالرَّجُلِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (ص) يَقُولُ؛ (إِيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ وَلَوْ بَالْكَلْبِ الْعَقُورِ)}.
د/ صبرهُ على الشَّهادةِ، كما يصفُ ذَلِكَ (ع) بقولهِ {فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَوَلَيْسَ قَدْ قُلْتَ لِي يَوْمَ أُحُدٍ حَيْثُ اسْتُشْهِدَ مَنِ اسْتُشْهِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَحِيزَتْ عَنِّي الشَّهَادَةُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ فَقُلْتَ لِي أَبْشِرْ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ؟! فَقَالَ لِي إِنَّ ذَلِكَ لَكَذَلِكَ فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذاً؟! فَقُلْتُ؛ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ وَلَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى وَالشُّكْرِ}.
لم يوفِّر الإِمام (ع) شيئاً لم يضحِّ بهِ من أَجلِ حمايةِ الدِّين والمُجتمعِ والقِيَمِ.
ضحَّى بكلِّ شيئٍ صابِراً مُحتسباً بأَعظمِ اليقينِ حتى قَالَ عندما ضربهُ المُجرم {فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ} وهوَ القائِلُ لشِدَّة يقينهِ {لَوْ كُشِفَ لِيَ الغِطاءُ ما ازْدَدْتُ يَقِيناً} فحقَّ عليهِ قولُ الله تعالى {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.
٦ حُزَيران ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here