الهيئة العربية للمسرح تخوط بصف الاستكان

د.سرمد السرمدي

يخوط بصف الاستكان جملة ترددت كثيرا على مسامعي والتي تعني في اكثر الاحيان ان هنالك شخصا فقد القدرة على التركيز واخذه الاسهاب في الحديث ليتكلم للسامعين عن ما لا يمت للموضوع قيد النقاش بصلة, اوليس اغلب النقد الثقافي الممتد في ترويج فكرة وجود الناقد في مقابل أي منتج ادبي وفني اشبه ما تكون اقرب للخوط بصف الاستكان بوجود البوكس اوفيس كمعادل موضوعي مهمل بقصد من قبل النقد, وللذي لا يعرف ترجمتها العامية باللهجة العراقية تعني ان هنالك شخص يمسك بيده الملعقة ليذوب السكر في قدح الشاي العراقي أي الاستكان ولكنه بدل ان يدخل الملعقة بداخل القدح اخذ يمررها بجانبه, مما يعني انه خرج عن الموضوع, او لعل الموضوع من خرج.

كأحد متابعي صفحة فيديو الهيئة على اليوتوب, وجدت ذكرا لاسمي كمصدر في احد البحوث التي تنقد مصطلح المسرح الرقمي, ووجدتني مستغربا من مناقشة الهيئة مسرحا لا ورقميا هذه المرة, وكنت قد دحضت هذا الاتجاه الإعلامي الصرف عام 2006م ولدي فيديو يثبت رأيي لما سمي بالمسرحية الرقمية ولم يكن الا لقاء عبر سكايبي!, وفي الوقت الذي قد يفتح هذا المقال الباب الواسع لانتشار عملية الخوط, احب ان انبه الى ان الفيديو الآخر المسجل من قبل الهيئة لما سمي مؤتمرا فكريا عندي لمن يرغب في مشاهدته والتأكد مما سأقول, حيث انني اتوقع ان يحذف من موقع الهيئة على اليوتوب كما حذف منه الصوت ولخلل فني !, ان الفيديو الذي يظهر فيه الدكتور فاضل السوداني وقد تم قطع الصوت عن كلماته التي القاها تجاه المسرح الرقمي ليعبر اشد ما يعبر عن عودة كل دكتاتور عربي سقط غير مأسوفا عليه, فبمجرد سماعي صوت الصمت الصادر عن القطع الرقابي الغير محمود اتخذت من شباك غرفتي برج مراقبة بعدما قفزت من على اللابتوب لاشهد عودة الجلاوزة, وكنت اترقب أي اشارة, أي صراخ يؤكد لي ان ما شهدته في هذا الفيديو مبرر!, وما ان انتهت دقائق ترقبي المرعبة ولم اجد شيئا يدل على ان الربيع العربي لم يحدث وكان حلما حليما حلوما ابن حلومة, تنفثت المارليبورو وترجمتها تنفست الصعداء بنكهة دخان ليتناسب ليفل اعصابي مع حادثة الفيديو المروحة, لو لم يكن الدكتور يتحدث في مؤتمر فكري اقامته الهيئة في مهرجان مسرحي في تونس, لو كان يلقي خطابا ثوريا في جمع من المسلحين, لقلت ماشي, الا ان دكتورا في المسرح وعلى منبر نقد مسرحي يتحدث بالمسرح, ويقطع كلامه لا لشيء الا لأنه لايتفق على وجود مسرحا تحت عنوان الرقمي بعدما شاهد فيديو يوثق اللقاء عبر سكايبي الذي اعتبره البعض مسرحية!.

مااجمل الخوط بصف الاستكان بكونه يثير التساؤل الاجمل منه وهو لماذا هذا الاضطرار الى الخوط بصف الاستكان في الوقت الذي يكون فيه الخوط في الاستكان اكثر فاعلية لشرب الشاي المحلى بما يعني الدخول في صلب الموضوع اجدى بالوقت والجهد من تناول الخروج عنه بديلا, غير موضوعيا بالضرورة, ام ان مرارة النتيجة ما بعد الخوط المترتبة على عدم تحلية الشاي تكون تسوية مرضية دوما بذرائع ضرر الاكثار من السكر, اسئلة لا تنتهي بعلامة استفهام بشكل مقصود للدلالة على الخوط الناتج من ذات العلة, أي تذييل سؤال بعلامة تستدعي الفهم لا المعلومة, فحينما يتم تذييل السؤال بعلامة استفهام يتطلب من الجواب ان يكون اقرب الى الافهام بما انها علامة استفهام, لكن ناتج تحصيل الأسئلة من اجوبة عادة ما تكون معلومة غير مفهومة, غير قابلة للفهم لتغلق باب التساؤل ما بعد اجابة السؤال, لتنهي عملية تحول النتائج الى استنتاجات, ومن خلال البحث عن الاستكان للخوط بصفه, قد يتضح ان لا وجود له, وتكتفي علامة الاستفهام بهذه المعلومة سواء وجد ام لم يوجد, وتبقى عملية الفهم معلقة لحين ان تحترم وظيفة الاستفهام ويتضح الفرق بينها وبين الاستعلام.

لأن الهيئة تقبلت بكافة لجانها المفترضة لاختيار الضيوف والبحوث مصطلح المسرح الرقمي فكان مخجلا على ما يبدوا ان يأتي رأي اخر ينفي علميتها!, طيب ما هي الاسس العلمية التي تستند اليها الهيئة لكي تقوم بتشريع مصطلح مسرحي لم يوافق عليه ذات اكاديمية اختصاصه مسرح كالدكتور السوداني, ومن قبله أي منذ 2006م قلنا انه ليس للرقمية مسرح, من اين جاءت الهيئة وهي ليست اكاديمية معتمدة علميا بهذه الشرعية لدرجة ان اصبحت لا تقبل رأي علمي مخالف قامت هي باستضافته!, فلم يكن السوداني الدكتور فردا من بين الجمهور بل معقبا علميا على مجريات بحوث المؤتمر باختيار الهيئة نفسها, كيف يمكن والحال هكذا ان تستقيم اهداف الهيئة على الصعيد النظري فهي ليست منبرا حرا للنقد ولا منصة اكاديمية للبحث العلمي, بل ان هذه الانتقائية التي اصطدمت بالتناقض الفعلي الحاصل ما بين ضيفين تم اختيارهما من قبل الهيئة الاول يقول بوجود المسرح الرقمي والثاني بلا وجوده انتهت الى قطع الصوت عن الثاني وقوفا غير مبرر بصف الاول ورأيه, لو ان للهيئة مصداقية النقد او البحث العلمي لأكتفت بالدليل وهو الفيديو الذي يقدم لقاءا عبر سكايبي اعتبره البعض مسرحية رقمية, ومقارنته بفن المسرح, الذي من ابسط ملامح التعرف عليه هو اللقاء المباشر بين الممثل والجمهور, وفعلا كانت جلسة المؤتمر عامرة بمن اصطفوا لهذا المنطق البسيط, الذي اصرت الهيئة على نكرانه, من خلال الوقوف ضده وقطع الصوت عن المعتقدين به واولهم الجالس على منبر الهيئة ذاتها الدكتور السوداني, وانتهت الجلسة بنتيجة ان الهيئة التي تعنى بالمسرح لا تعرف ما هو المسرح, تحت شعار الدنيا كلها مسرح, وهذا هو الخوط دون وجود استكان.

ان تختار الخوط بصف الاستكان قاصدا ومتعمدا اهمال الجمهور كفة ميزان لمسرح وجد من اجله كفن, ووجد من دونه كاستكان, هذا هو الخوط باب اول, فالخوط درجات وباب اول يشكل درجة الخوط الرفيعة التي اعتاشت عليها بطالة الاعلام المرئي وبطانة ملتحفي هوية الصحفي, وليس بقليل ذلك الخوط الذي اوصل الجمهور الى حافة محو ذاكرة لسعات البعوض, ليحل كل مؤهل كمصاص دماء اعمارنا التي انقضت ونحن نطالب بالتصفيق من قادة كورس التهليل لمواسم حصاد هويتنا, فهل ننظر لنصف الاستكان المملوء ؟, نكاية بما نحس به من لسعات متتالية, ام يا ترى نلعب بالملعقة ولعلنا نتعلم الخوط وننسى ان هنالك استكان, مشروع بناء إنسان.

د. سرمد السرمدي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here