أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (٢٤)

نــــــــــزار حيدر
{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.
أَيدينا هي الْيَوْم من أَكثر الأَعضاء التي تدلُّ على الفضيلةِ أَو تسوقُ إِلى الرَّذيلة!.
الفضيلةُ والرَّذيلةُ العقديَّة والفكريَّة والسياسيَّة والإِجتماعيَّة والعلميَّة فضلاً عن الأَخلاقيَّة!.
ففي عصر العَولمة والتَّكنلوجيا والإِنترنيت باتت أَصابعنا تتحكَّم في طريقة تفكيرِنا واتِّخاذ قراراتِنا وتوجيهِ الآخرين! من خلال سيطرتِها على تحريكِ وسائل التَّواصل الإِجتماعي بالإِتِّجاهات التي تتحكَّم بها! فبِلمسةٍ بسيطةٍ على شاشة الهاتف ننشر ما نريدُ؟ وكيفَ نريدُ؟ ولِمن نريدُ؟ ومتى ما نريدُ! ولذلكَ يكفي يَوْمَ القيامةِ [يومَ الحِسابِ الذي قَالَت عَنْهُ الآية المُباركة {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}]أَن تشهدَ السَّبَّابة علينا بدلاً من أَن نتكلَّم! فهي أَصدقُ مِن أَلسنتِنا! لا تكذبُ ولا تشهدُ زُوراً ولا تدافعُ عن خطأ ولا تبرِّر إِنحراف!.
إِنَّ حركة السَّبَّابة الْيَوْم على شاشة جهازِ الهاتف تمثِّلُ مسؤُوليَّةً شرعيَّةً عظيمةً جداً وهي في نفس الوقتِ شاهدُ صدقٍ واضحٍ علينا عِنْدَ الحسابِ ولذلك ينبغي أَن ننتبهَ لهذهِ الحركةِ جيِّداً ونتذكَّر أَنَّها مسؤُوليَّة وشاهد في آنٍ واحدٍ! فلننظُرَ كيفَ نتعاملَ معَها!.
لن يفلتَ أَحدٌ من تحمُّلِ مسؤُوليَّة أَيَّة حركةٍ لسبَّابتهِ على شاشةِ جهازِ هاتفهِ! فهي مُسجَّلة على وجهِ الدِّقَّة {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} فإِذا كتبتَ شيئاً أَو نشرتَ شيئاً أَو إِذا دافعتَ عن أَحدٍ أَو تهجَّمتَ على أَحدٍ، فكلُّ شَيْءٍ مُسجَّلٌ [بالواقعِ والنَّوايا] {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} فانظر لماذا تتحرَّك سبَّابتك وبأَيِّ إِتِّجاه!.
إِنَّ إِطلاق العَنان لحركةِ الإِصبع على شاشةِ جهاز الهاتف بمثابةِ إِطلاق العَنان للِّسانِ! فكلاهُما يقُودان صاحبهُ إِلى هدفٍ ما إِن خيراً فخيرٌ وإِن شراً فشرٌّ! بالإِتِّجاه الصَّحيح أَو بالإِتِّجاه الخطأ! ولذلك ينبغي التحكُّم بحركةِ السَّبَّابةِ كما نتحكَّم بحركةِ اللِّسانِ الذي يصفهُ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) بقولهِ {اللِّسَانُ سَبُعٌ إِنْ خُلِّيَ عَنْهُ عَقَرَ} وإذا كان اللِّسانُ يوماً هو من أَكثر الأَعضاء التي ترسم مسارات إِتِّجاهاتنا الفكريَّة والعقديَّة وما إِلى ذَلِكَ على قاعدة {تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ} للإِمامِ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) فإِنَّ الإِصبع الْيَوْم حلَّ محلِّ اللِّسان فهو الذي يُعبِّر عن طريقةِ تفكيرِنا وحركةِ إِتِّجاهاتِنا العقليَّة والفكريَّة والعقديَّة!.
إِنَّهُ يُعبِّر الْيَوْم عن شخصيَّتِنا ووزنِ عقلِنا وحجمِ وعيِنا وثقافتِنا!.
إِنَّهُ الْيَوْم يعبِّر عن نوايانا بشَكلٍ واضحٍ وصريحٍ حتَّى إِذا أَخفيناها أَو حاولنا ذَلِكَ بتذييلِ ما ننشرُ بالعباراتِ الممجُوجةِ والمفضُوحةِ [كما وصلني] و [منقُول] وغير ذلك!.
لكلِّ ذَلِكَ ينبغي الإِنتباه إِلى كلِّ ما ننوي نشرهُ وتوزيعهُ على وسائلِ التَّواصل الإِجتماعي [أَينَ يصبُّ؟ وفِي أَيِّ إِتِّجاهٍ يسيرُ؟ وما الهدفُ مِنْهُ؟ وماذا ومَن يخدم؟ ولماذا في هذا الوقتِ بالذَّاتِ؟!] لأَنَّنا نتحمَّل كامل المسؤُوليَّة وغداً ستشهد سبَّابتنا علينا بدلاً من أَفواهِنا! فالكاتب والنَّاشر على حدٍّ سواء في تحمُّل المسؤُوليَّة!.
إِنَّ إِعادةَ نشرِ كلَّ ما يصلنا مِن دونِ تثبُّت خلافُ؛
١/ الحكمة {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}.
٢/ الحقيقة {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ}.
٣/ العقل {وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}.
٤/ التَّزكية {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
٥/ التَّقوى {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ}.
والوَيلُ كلَّ الوَيلِ إِذا أَنتجَ النَّشر العشوائي فتنةٌ فـ {الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} أَو تضليلٌ {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
٨ حُزَيران ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here