هذا هو مصير بلد يحكمه حمير سياسة ” عقائديين “

بقلم مهدي قاسم

كتبنا و يا ماكتبنا …حتى جّف قلمنا من كثرة ما كتبنا و كتبنا !..

وقلنا و كررنا : بأن هؤلاء الساسة الحمير المتنفذين الذين يتحكمون بمصير العراق و شعبه هم أخطر بكثير من زعماء اية مافيا أو منظمة إجرامية أخرى ، و لسبب واضح ومعلوم إلا وهو : إن أضرار هؤلاء الساسة الحمير أكبر و أعظم بكثير فداحة من أضرار أية عصابات الإجرام المنظم ، لأنها بالأساس ــ تمس مصير شعب و بلد ، بينما جرائم المافيا و باقي عصابات الجريمة المنظمة تبقى محدودة و نسبية / طبعا / بالمقارنة مع مصير الملايين من الناس ، مثلما في حالة أضرار الساسة الحمير الذين لم يكتفوا بسرقة المال العام و تفريغ خزينة الدولة و دفعها إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي ضمن شروط مجحفة و مقيدة للسيادة الوطنية المالية والاقتصادية ، إنما بتواز مع هذه السرقات و اللصوصية و الفرهدة المنظمة دمروا ما تبقى أو فلت من معاول الطاغية البائد ومن مشاريعه التي لا تُنكر ومن ضمنها تشييد سدود على سبيل المثال و ليس الحصر ..

أجل فالطاغية البائد بالرغم من دمويته و حروبه الرعناء و الطائشة الكثيرة كان في نفس الوقت يقوم بتنفيذ إنجازات ومن ضمنها استصلاح الأراضي الزراعية و تبليط طرق و شوارع و تشييد سدود ، بينما الذين جاءوا من بعده و استلموا مقاليد السلطة و مصادر الثروات الوطنية على صينية من الذهب من يد اللص المحتل بول بريمر، وفي أثناء ذلك لم يفعلوا سوى التفرج على نهر دجلة و أنهر أخرى كيف تنضب و تجف ، سنة بعد سنة ، على أثر إقامة سدود في تركيا وفي سوريا أيضا ، أو بعد قيام النظام الإيراني بتحويل مجرى عدة أنهر عديدة كانت تصب داخل الأراضي العراقية ، مثلما تفرجوا على معالم الخراب ــ التي سببوها بفسادهم و فشلهم الإداري ــ و التي أخذت تجتاح حقول الزراعة و الصناعة و البيئة و الصحة والتعليم والثقافة و الفنون و غير ذلك ؟ ..

بل و حتى قيم التحضر و التمدن في السلوك الاجتماعي و الذوق الجمالي في التعامل و الملبس و الحضور المتحضر و الاهتمام بالنظافة والبيئة قد انزاحت جانبا ليحل محلها سلوك التخلف و الذوق البدائي و مظاهر القذارة والوساخة ! ..

حتى بتنا على يقين بأنه لو كان العراق محتلا ــ حتى ولو من قبل مغول يقومون بإدارة مقاليد أموره ، لما الحقوا أضرار كبيرة و كارثية ماحقة بالعراق مثلما فعل هؤلاء اللصوص الجشعون من حمير الساسة والفشل والخيانة و العمالة والتبعية الذليلة ..

ولكن ما يحز في النفس و يثقل القلب حقا ، هو أن يفلت هؤلاء الأنذال من أية مساءلة أو محاسبة ، بينما أنقاض مخلفات خرابهم الكارثية لا زالت شاخصة و صارخة وهي تتراكم يوما بعد يوم خانقة العراق و شعبه خنقا مطبقا و فظيعا ..

و لكأنما العدالة قد انعدمت تماما ..

و أعمدة الحق انهارت و مُحقت كليا و نهائيا !..

بينما هناك ملايين من عراقيين يعانون عطشا و فقرا و مرضا وقيظا وقلقا و اضطرابا نفسيا ملازما و مستمرا ..

هامش مهم و ذات صلة بالموضوع :

( “اليسو” يكشف عن هدر اكثر من 5 مليارات دولار في موازنات الموارد …

تفاقمت أزمة المياه في العراق مؤخراً بعد بدء تركيا تشغيل سد “إليسو” على نهر دجلة الذي تحول في بغداد إلى شبه ساقية، مما سيصيب العراق بالجفاف تزامنا مع موسم الصيف اللاهب.

وحمل مراقبون للشان العراقي وزراء الموارد المائية السابقين مسؤولية ما يعانيه البلد حاليا من ازمة مياه خاصة في فترة تسنم عبد اللطيف رشيد التابع للاتحاد الوطني الكردستاني (2006 – 2010) ومهند سلمان السعدي التابع للتيار الصدري (2011 – 2014) يليه محسن الشمري التابع ايضا للتيار الصدري في فترة (2014 – 2016) ، التي كانت فيها الموازنات في تلك الحقبة انفجارية والتي كان بالامكان بناء سدود وخزانات تبعد شبح خطر الازمة عن العراق .

وبحسب تصريحات المسؤولين الاتراك فان الحكومة التركية ابلغت الجانب العراقي في عام 2006 باستئناف العمل ببناء سد اليسو التركي واعطت بعض التوصيات والمعالجات لكي تاخذ بها الحكومة العراقية الا ان الاخيرة اهملت الموضوع على الرغم من تمكن العراق ماديا في تلك الفترة من اتخاذ معالجات حقيقية.

ووفقا للموازنات العراقية للاعوام الماضية فقد خصص لوزارة الموارد المائية في فترة تولي مهند السعدي منصب وزارة الموارد المائية تخصيصات مالية استثمارية في عام 2010 بلغت نحو اكثر من 900 مليون دولار، و في عام 2011 خصص لها نحو اكثر من مليار و331 مليون دولار ، بينما في عام 2012 بلغت تخصيصاتها نحو 980 مليون دولار، وفي عام 2013 بلغت مليار و154 مليون دولار، بينما في فترة تولي محسن الشمري التي كانت نحو سنتين فقد بلغ مجموع الموازنات الاستثمارية المخصصة لوزارة الموارد المائية نحو 300 مليون دولار، لان في عام 2014 لا توجد موازنة للدولة، وفي عام 2015 بلغت نحو 300 مليون دولار، اما في فترة تسنم حسن الجنابي (2016 وحتى الان) فقد بلغت موازنة عام 2016 نحو 202 مليون دولار وفي عام 2017 بلغت نحو اكثر من 449 مليون دولار.

ويبدو ان وزارة الموارد المائية قد اهدرت نحو 5 مليارات و316 مليون دولار التي كانت تخصص لها في تلك الفترة بسبب عدم وجود مشاريع استثمارية حقيقية على ارض الواقع سواء لتخزين المياه او للارواء على الرغم من التخصيصات المالية الكبيرة التي حظيت بها الوزارة في تلك الفترة.

عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار ، النائب نجيبة نجيب تتحدث لـ(وان نيوز) قائلة ان :”ازمة المياه ليست وليدة اللحظة بل هي نتيجة لتراكمات منذ عام 2006 وحتى الان ، وان السياسات المتعاقبة الفاشلة لم تتمكن بخلق علاقات طيبة مع دول الجوار ، ووضع خطط للازمات، ولم تُفعل وسائل لتامين مياه الشرب والمياه التي تحتاجها الزراعة”. مضيفة ان :” الاسباب الرئيسية في هذه الازمة تتعلق بالجغرافية، والسياسة ، بالإضافة الي دور العراق الضعيف دبلوماسياً وامنياً وخدمياً نتيجة السياسيات المتعاقبة”. وترى ان اللوم الاكبر يقع على وزير الموارد المائية ورئاسة الوزراء ووزير الخارجية.

وتشير الى ان :”مسالة التكنوقراط هي بدعة ابتدعها العبادي وبعض الزعماء السياسيين للتخلص من بعض الاحزاب”. لافتة الى ان السياسة الحالية مففكة فالكل له قرارته دون ان يتطلع للآخر.

وكان وزير الموارد المائية الحالي عين وفق ما يسمى بحكومة التكنوقراط التي دعا لها زعيم التيار الصدري في عام 2016 ، حيث تم ترشيحه من قبل التيار في تلك الفترة ، وبحسب المختصين فان تجربة التكنوقراط قد فشلت في العراق الحديث لكون وزير الموارد من وزراء التكنوقراط ووقف مكتوف الايدي امام الازمة المائية التي تعد الاكبر في تاريخ العراق تعرض نهر دجلة الى الجفاف، الذي كان الاولى به تقديم دراسات ومعالجات سريعة منذ تسنمه الوزارة قبل سنتين لمواجهة الازمة المحدقة.

وبصدد هذا الموضوع يقول النائب عامر الفائز لـ(وان نيوز) ان ” وزارة الموارد المائية خلال العشر السنوات الماضية فشلت فشلا ذريعا في مواجهة الازمات وتحقيق الامن المائي للبلد على الرغم من الموازنات الكبيرة التي كانت تخصص للوزارة في تلك الفترة”.

ويتابع :” منذ الثمانيات وتركيا تنشئ بسد اليسو، وكان من المفترض على الحكومة العراقية ان تضع حلولا بديلة لتفادي الازمة كأنشاء ابار ارتوازية ، اوبناء السدود وخزانات المياه”.

ويضيف ان :” جزء من المسؤولية يقع ايضا على السياسات المتعاقبة لوزارة الخارجية ،باعتبار ان هناك اتفاقيات بين الدول المتشاطئة ، ويجب ان تُلزم الخارجية العراقية تركيا ببنود الاتفاقية “.

ويرى ان :” الخلل الحقيقي كان في الوزراء السابقين لوزارة الموارد المائية الذين اهملوا انذارات الحكومة التركية منذ عام 2006 حول خطورة بناء سد اليسو على مناسيب دجلة في العراق “.

ويسترسل الفائز قائلاً :” شكلنا وفودا كنواب البصرة في الدورة النيابية الثانية ،والتقينا بوزير الموارد المائية وناقشنا خطورة السد الذي يسهل امتداد اللسان الملحي الى العراق ، وطرحنا حلول بأنشاء خزانات للمياه، وسدود في الشمال ، فضلاً عن حفر آبار ارتوازية بعدما اثبتت الدراسات ان العراق يقع في منخفض، واذ ما حفرت بداخله آبار ارتوازية فسيسحب المياه ، لكن الموضوع لم يولى اي اهتمام”. مطالبا الجهات المعنية بحفر الابار الارتوازية قبل ان تتفاقم الازمة” .

اما المحلل السياسي ، عبد الامير المجر يقول في حديثه لـ(وان نيوز) ان “ازمة المياه في العراق هي ازمة متراكمة ، نتيجة لفشل الدولة العراقية، اذ انهم لم يستطيعوا ان يضعوا حلولا امنية احتياطية للازمة “.

ويتابع :” منذ عام 2006 وبالرغم من تبليغ السلطات التركية الجانب العراقي ببناء سد اليسو، الا ان الحكومة الاتحادية والوزراء المختصين بالموارد المالية لم يهتموا للموضوع ، وتجلى اهمالهم بجفاف دجلة الآن “.

واضاف ان :” اول اولويات الدولة هي وضع استراتيجية للأمور الحساسة التي لا تتحمل التأجيل ، فكان على الدولة ان تضع حلولا لتفادي الازمة من خلال بناء سدود واستثمار الامطار والسيول” . مشيراً الى ان “صمت الجانب العراقي دفع بتركيا ان تقول بأن الماء الذي يصل للعراق هو كافي بل فائض عن الحاجة” .

الى ذلك حمل النائب عن تحالف القوى، محمد العبد ربه، الاثنين، وزراء الموارد المائية السابقين مسؤولية ازمة المياه التي يمر بها العراق اليوم ، فيما لفت الى انهم انشغلوا بالمناصب وتركوا المشاريع الاستراتيجية التي تخدم البلد.

وقال العبد ربه ان “ازمة جفاف المياه التي تعصف بالبلد اليوم وتهدده على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كان من المفترض ان تحل بكل سهولة لو عمل وزراء الموارد المائية ما بعد 2003 على اقامة مشارع استراتيجية تخدم البلد وتؤمن له المخزون المائي الكافي في حال حدوث ازمات” مبينا ان “هذه الازمة يتحملها الوزراء السابقين لانهم في زمن الموازنات الانفجارية لم يؤمنوا مستقبل مائي للبلد وها نحن اليوم ندفع الثمن”.

وتابع ان “وزراء الموارد المائية السابقين والجهات التنفيذية في حينها انشغلوا في عقد الصفقات والتنافس على المناصب وتركوا القضايا التي تمس الشعب وتجاهلوا مهامهم الاصلية باقامة المشاريع الاستراتيجية التي تخدم البلد على مر الاجيال”.

وتسلم وزارة الموارد المائية خمس وزراء منذ عام 2003 هم كلاً من محمد ضاري جاسم (وزير مؤقت للري) تسنم الوزارة عام 2003 ، و عبد اللطيف جمال رشيد الذي تسنم وزاراته (2003-2011) و مهند سلمان السعدي الذي تسنم مهام وزارته للسنوات (2011-2014) ومحسن الشمري الذي ينتمي الى التيار الصدري من (2014-2016) حسن الجنابي الوزير التكنقراط المرشح من التيار الصدري ( 2016 – لحد الآن ).

وتعاني البلاد ازمة مياه نتيجة قلة الواردات المائية التي تدخل الاراضي العراقية، لاسيما بعد ملء تركيا سد اليسو في الاول من حزيران الحالي.

وكان البرلمان العراقي قد استضاف وزير الموارد المائية حسن الجنابي وعدد من الوزراء يوم امس لبحث ازمة المياه التي تفاقمت بعد دخول سد اليسو التركي الى الخدمة في الأول من حزيران الجاري “.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here