الماء الماء يا أمة الأسلام

تجلى ذلك النفاق واضحآ و علنآ و امام العالم كله عندما قطعت تركيا ( الأخوان المسامين ) مجرى مياه نهر دجلة عن اراضي المسلمين في العراق و كانت الحجة جاهزة و حاضرة في البدأ بملئ خزان السد الجديد الذي انشأ على هذا النهر و الذي يشكل مع الرافد الآخر ( الفرات ) شريان الحياة المتدفق لملايين المسلمين من العراقيين و كذلك فعلت ( الجمهورية الأسلامية ) في ايران حين قامت بقطع او التقليل من جريان الكثير من روافد نهر دجلة حتى ان نهر ( الكارون ) الذي ينبع من الأراضي الأيرانية و يصب في شط العرب قد توقف و لم يعد له وجود سوى في كتب التأريخ و بالأخص تلك المعارك الشرسة التي دارت رحاها على ضفافه .

استغل الحكام في تركيا المشاعر الدينية و التي تجمع الكثير من الشعوب في تحقيق المصالح الأنانية للدولة التركية وحين كانت حكومة ( الأخوان المسلمين ) التركية تذرف ( الدموع ) على مأساة الشعب الفلسطيني و معاناة ابناءه اليومية من الأضطهاد و التعسف الذي تمارسه السلطات الأسرائيلية كانت العلاقة بين دولة اسرائيل ( اليهودية ) و الدولة التركية ( الأخوانية ) و التي من المفترض ان تكون في اسؤ حالاتها ان لم تكن هناك علاقات دبلوماسية او تجارية اصلآ فكان الأحرى بنظام الأخوان المسلمين التركي و بدلآ من الشجب و التنديد المعتادين قطع العلاقات السياسية و الأقتصادية مع اسرائيل فورآ و دون تأخير و هذا ما لم يحصل .

اما حكام ( الجمهورية الأسلامية ) الأيرانية الذين كانت اولى مهام ثورتهم كما يدعون هو تحرير ( فلسطين ) كلها من البحر الى النهر و استعادة الأرض المحتلة و ارجاع المشردين و المهجرين الفلسطينيين الى ديارهم و اراضيهم و كانت الحجة و الذريعة الأيرانية في ان حدود الدول العربية مغلقة امام الجيوش ( الأسلامية ) الأيرانية و لم يكن هناك من طريق الى الأراضي المحتلة سوى ذلك الذي يمر عبر كربلاء و قد تحقق ذلك ( الحلم ) و اصبحت جيوش الجمهورية الأسلامية ابعد من كربلاء حيث هناك في البلاد السورية و بينها و بين العدو الأسرائيلي مرمى حجر قريب و ليس مدى قذيفة مدفع او رماية بندقية و ظلت تلك القوات الأيرانية القريبة جدآ من ( اسرائيل ) تتلقى الضربة تلو الأخرى دون ان تحرك ساكنآ سوى التهريج بالتهديد و الوعيد عبر الأذاعة و التلفزيون .

كما في ملف المياه و الأنهار المقطوعة كان لهاتين الدولتين مواقف سلبية و تدخلات خطيرة كان لها شأن كبير في تأجيج الصراعات في الدول المجاورة ( الأسلامية ) فلم يكن الدور الأيراني في العراق بعد سقوط النظام السابق خافيآ على احد و ذلك التدخل المعروف و الذي كان له تأثير كبير في اندلاع الحرب الأهلية في العراق حين اشعلت الفتنة الطائفية هناك و ما آلت اليه امور البلاد بعد تلك الحرب الدموية من تفكك في البنية الأجتماعية و انهيار المنظومة الأقتصادية و ضعف و هشاشة المؤسسة العسكرية ما ادى الى اجتياح المجموعات الأرهابية و احتلال ثلث الأراضي العراقية في العام 2014 في الهجوم الداعشي الشهير و احتلال مدينة الموصل العراقية .

كان الدور التركي في سوريا هو الآخر سيئآ للغاية حين فتحت الحكومة الأخوانية التركية حدودها امام المجاميع الأرهابية المسلحة وسهلت امامها طرق الدخول الى هذا البلد المستعر و تزيد من حدة المعارك و شدة النزاع هناك و يكون الأقتتال في هذا البلد المنكوب من العنف و القسوة و الشراسة ما فاق كل تلك الحروب الهمجية التي عصفت بالبلدان الأخرى فكانت الحكومة التركية تدعم تلك الفصائل الأرهابية و تمدها بأسباب الوجود و الديمومة من الأموال و الأسلحة و المقاتلين و التسهيلات ما جعل من هذا البلد ( المسلم ) سوريا ركامآ من المباني المهدمة و الأنقاض و جعل ابناءه المسلمين مشردين و مهجرين في كل بلاد الدنيا و اصقاعها .

اثبتت كل من الدولتين ( الأسلاميتين ) تركيا و ايران من خلال تلك الممارسات ان العلاقات بين الدول تكون المصالح فيها هي التي تتحكم في علاقات الدول و ليست الأديان او المذاهب و هذا دليل ساطع و برهان جلي لأولئك الذين راهنوا كثيرآ على ( الأخوة الأسلامية ) في حل المشاكل و فض النزاعات بعيدآ عن المصلحة الذاتية للدول و كذلك اولئك الذين كان يحدوهم في ( وحدة المذهب ) الأمل الكبير في ان يكون هو المفتاح في علاج المعضلات التي تعصف بالمنطقة و دولها و شعوبها و ها هي تلك الدول ( الأسلامية ) قد تخلت عن ( الأخوة في الدين و العقيدة الواحدة ) امام اول امتحان و اختبار فكانت أزمة المياه خير دليل و برهان على بطلان تلك الأخوة المزعومة و العقيدة المشتركة الزائفة .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here