شارع المتنبي.. المدينة الثقافية

عبد الرضا حمد جاسم
عبد الرضا حمد جاسم كتب الاستاذ أحمد فاضل/ بتاريخ 19/05/2018 وتحت عنوان: شارع المتنبي و المدينة الثقافية في جلسة بحثية أقامتها وزارة الثقافة و السياحة و الأثار : الدكتور سعد ياسين يوسف يدعو الى المباشرة بتنفيذ مشروع المدينة الثقافية في بغداد:

[دعا الباحث الأكاديمي الدكتور سعد ياسين يوسف إلى ضرورة وضع استراتيجية ثقافية تتولى رسم الخطط والسياسات الثقافية الرامية للارتقاء باستثمار المواقع التراثية ثقافيا لتفعيل ثقافة المجتمع والحفاظ على المواقع التراثية وديمومتها والمباشرة بتنفيذ مشروع المدينة الثقافية في بغداد واستثمار المواقع بين الباب المعظم وشارع الرشيد والمتضمنة لشارع المتنبي والمركز الثقافي البغدادي وبيت الحكمة والقشلة والسراي ومجمع المحاكم القديم والقصور العباسية ووزارة الدفاع].

…………………..

رأي و اقتراح :

نعم شارع المتنبي معلم من معالم بغداد والاهتمام به واضح جداً سواء من محافظة بغداد او امانة العاصمة وفق تصورات و امكانات الدائرتين.

المهم الان الناس او “مرتادي” الشارع اتمنى او يجب ان يلتقوا ليمنعوا “تسييس” الشارع حيث هناك نَفَسْ بهذا الاتجاه نتمنى ان لا يتوسع وانتم تعرفون عندما يدخل السياسة والمال السياسي في ظروف مثل ظروف العراق ماذا ستكون النتيجة…

اقتراحي هو بهذا الاتجاه اي ان يدير المثقف هذا المكان الذي يحب، لأنه سيبحث بصدق عن تطور الثقافة ومن بعدها البلد….سيكون هذا المكان اكبر من شارع فهو يتمدد في شارع الرشيد باتجاه ساحة الميدان وباتجاه تمثال الرصافي وربما سيكون يوما المتحف البغدادي والمدرسة المستنصرية وحتى خان مرجان و جامع الخلفاء.

اتمنى ان “يُدفع” بهذا الاتجاه وان “يُتعاون” حتى ولو بالكلمة الصادقة للمساهمة في نشر المحبة والسلام والحفاظ على هذا الموقع/ الْمَعْلَمْ/ التاريخ/ الحاضر/المستقبل.

صور كثيرة لشارع المتنبي / قلب هذا المجمع الثقافي المقترح اولها واهمها وأجملها … هي صورة المجتمع العراقي المُتآخ المتسامح المحب للثقافة الذي يمثله المتواجدون في شارع المتنبي كل يوم جمعة صباحاً…تجد العراق كله هناك لغات …ديانات… قوميات… اشكال… اطوال… أعمار… مستوى معاشي… ومن الجنسين. تلك الصورة الجامعة التي يتمناها محب/ محبي العراق للعراق.

وانت تُقبل عليه (شارع المتنبي) تشعر بالانشراح والتَمَّيز والانفتاح لصور السمو والتسامح والهدوء في الكلام الذي يتراوح بين العادي و الهمس وردود الافعال والاختيارات و تعاملات البيع وزحمة الحضور و تنوع التواجد .

شارع المتنبي و المثقف العراقي هو الجزء الصالح النشط الحي الباقي من كبد العراق الثقافي أن صح القول…هذا الجزء الذي يجب أن يُنشط بالفعاليات والاحتفالات والمهرجانات حتى لا “يتشَّمع” و يفقد الجسم الثقافي العراقي حيويته ويصاب ب”الاصفرار “”النحول “و “الهزال” في طريقه الى “الموت”.

في شارع المتنبي تجد كل الافكار وكل الاصدارات وكل المسميات وكل اللغات وكل الفعاليات لثقافية،

ندوات…مهرجانات…”استذكارات”… قراءات… اصدارات… محاضرات… ابداعات… محاولات… لوحات … ذكريات… قاعات تعليم الرسم للأطفال… القنوات الفضائية… اللقاءات التلفزيونية… المقاهي الشعبية…الاكلات… المشروبات غير الكحولية… الندوات الجانبية… التعارف والمعارض

تجد الأساتذة وبعديد الاختصاصات والمواقع والاجيال كنت تتمنى ان تلتقي أحدهم يوماً… الروائيين …الاجيال الجديدة من الشعراء… السينمائيين …المسرحيين… مقدمي البرامج… اساتذة الجامعات وكل المهتمين بالشأن الثقافي. تجد عوائل كاملة…تقلب وتتصفح وتشتري الكتب وتحضر الفعاليات وتشارك وتساهم في جلسات مع من تحب بعيداً عن كل مضايقات…او تتنسم عبق المكان وتتمتع بذلك المنظر المعبر الجميل على شاطئ دجلة الخير. يرافق ذلك مرسى الزوارق الذي تحول الى مسرح عائم .لا يستطيع اي شخص ان يحضر او يشارك في كل ما يجري في تلك السويعات… الحياة النابضة تجعلك تسرع و تتباطئي و تلتقي و تتذكر و تستقبل و تودع و ترحب و يُرَحَب بك.

من يدخل الشارع يشعر انه يُنَظِفْ رئتيه وعينيه واذنيه وخلاياه العصبية من بعض /الكثير مما علق بها/فيها خلال اسبوع من متاعب و أحزن و آلام و ضيق….تجد نفسك هناك اخف وزناً من اي لحظة خلال الاسبوع الذي انتهى بتلك الجمعة لأنك ازحت بعض/الكثير ما حملته على كاهليك من تعب و عصبية… ينزاح هناك لتبدأ اسبوع جديد تتمناه أحسن.

شارع المتني يحتاج الى اهتمام خاص و بالذات/الخصوص من رواده بأن يلتقوا وهم كثر و بمختلف الاختصاصات الادبية والفنية لإعادة تنظيمه و وضع برنامج سنوي لنشاطاته كأن تُشكل لجنه يتم انتخابها من اصحاب المحال و رواد الشارع و المهتمين به و بالثقافة و من كل الاختصاصات بعيداً عن السياسة و العصبيات …تلك اللجنة تتبنى و تُنظم الفعاليات و تلتقي مع الدوائر الحكومية وغير الحكومية المهتمة بشأن الثقافة و تبحث عن تمويل لتلك الفعاليات و النشاطات…وتتكفل بالاتصال او التنسيق مع النقابات و الجمعيات و النوادي الثقافية داخل العراق و خارجه و تطرح على المعماريون والمصممون والفنانون ان يقدموا مشاريع افكار لتنظيم الشارع و اختيار ما يناسب من الوان و اشكال و مجسمات للأرصفة و واجهات عرض الكتب وبيعها و تأثيث الأرصفة وتنظيم مسابقات لتصميم المطبوعات والتصميم بشكل عام لأن انتشار ثقافة الابتكار و التصميم جزء مهم من أو أحد مفاتيح تطور البلد والتفتح ونشر ثقافة الخيال والتأمل…و العمل على ايجاد/تخصيص مكان مفتوح دائمي للتصميم تنفيذاً او عرضاً ويشمل حتى تصاميم الأجهزة والمعدات والملابس والأحذية وعبوات التغليف والتعبئة والاثاث المنزلية وغيرها.

و العمل على ان يكون يوم خاص فصلي(اربعة ايام في السنه مع بداية كل فصل) للقراءة و تبادل الكتب و التبرع بها بحيث يكون يوم لكتب الاهالي لتشجيعهم على الاهتمام بالكتاب و حركة الكتاب و القراءة و ليس اصحاب المحلات او باعة الكتب فقط ويتم فيه او خلال ساعاته جمع الكتب النادرة و الثمينة بصيغة التبرع او البيع بثمن رمزي من اجل حفظها في طريق تأسيس مكتبة عامة كبيرة في ذلك المجمع محتوياتها من تبرعات الناس… لتكون يوماً مسرحاً عاماً و قاعة تضج بحركة الثقافة للندوات وتوقيع الاصدارات و الاتفاقيات الثقافية و تشجيع حركة الطبع والتوزيع والاعلان والنشر و الدعاية.

يحتاج شارع المتنبي الى وضع علامات ارشادية في المنافذ المؤدية اليه بتصميم متميز من تنفيذ رواد الشارع. وان تتبنى اللجنة المنتخبة القيام بأيام للكتاب في مناطق متفرقه في بغداد و نقترح ان تبدا بيوم في الكرخ واخر في الرصافة لغرض التجربة و متابعة ردود افعال المواطنين فيهما ثم يمكن تطوير ذلك بعد الدراسة.

*يحتاج شارع المتنبي ان يكون فيه مكان مخصص لمبدعي العراق و مثقفيه الذين اسهموا بدور فعال في اي شكل من اشكال الثقافة و ان يكون لكل واحد منهم تمثال نصفي مع لوحه تعريفيه و يوم يقترن بميلاده…كأن يكون للرصافي و الجواهري و السياب و يوسف العاني و جواد سليم او محمد غني حكمت…او الكرملي وبهنام ابو الصوف والقبانجي و علي الوردي و وغيرهم …بغض النظر عن انحدارهم القومي او الديني او السياسي..

ان تعمل اللجنة على أن يكون هناك يوم للتراث الشعبي للقوميات التي يتشكل منها النسيج العراقي أو المطرز بها و بثقافتها و تراثها…ازياء… موسيقى… مأكولات

اي ان تكون هناك كرنفالات تشيع الفرح والسعادة و تكسر حالة الحزن التي تلف البلد.

ان تطرح اللجنة مشروع تشجير ووضع احواض للزهور و تسقيف الشارع بشكل يتلاءم مع صيف العراق اللاهب يُراعى فيه الجمال و الفائدة البيئية والسرعة في انجازه وتحريكه و ليس بسقف يجعل منه حمام او مسلخ في الصيف وتتبنى اللجنة مشروع استغلال أمثل لشاطئ دجلة المحصور بين جسر باب المعظم و جسر الاحرار.

…………………………..

أقترح ان:

1.تتبنى كل صحيفة تصدر في العراق نصب كشك يحمل اسمها وبألوان جذابة لعرض الاعلانات وبيع الصحف وان يتواجد فيها أحد العاملين في تلك الصحيفة بلباس خاص يشيع الانفتاح والبهجة…وان تُقدم فيها الدعايات لإصداراتها. وان تتمكن شركات الاعلان من البروز هناك وتشجيع ثقافة الاعلان …

2. توضع اماكن خاصة للمشاريع المستقبلية لتطوير بغداد والمحافظات وتأخذ راي الاخرين بها من خلال الاستبيانات وسجلات الملاحظات. هذا سيفتح المجال لنشاط ثقافي تجاري يزيد من حركة النشر والطباعة والاعلان والتوزيع الذي تعاني كل الجهات من كسادها وتخلفها.

3. يكون هناك يوم سنوي لكتاب الطفل يقام في شارع المتنبي يخصص للطفل وفعالياته بحيث يتحرر الاطفال حتى من مصاحبة اهاليهم لهم ليمارسوا الانطلاق والحرية والفرح وان يُفسح المجال لهم للشراء بأسعار زهيده مدعومة وتبادل الكتب والاستعارة. (تحت انظار الاهل من بعيد نوعما).

4. يكون هناك يوم مخصص لعرض وتبني براءات الاختراع والابداع والمساهمة في نشرها وتسويقها داخلياً وخارجياً… ومن فعاليات هذا اليوم ايضا تشجيع او نشر ثقافة الخيال العلمي وطرح الافكار او المنجزات بكل حريه وان يكون الشعار لذلك: اطرح اي فكرة حتى لو كانت مضحكه او غريبه، حتى لو كانت تقترب من الجنون لنشيع ثقافة الخيال العلمي التي لا تُمارس وربما لم يفكر بها وبأهميتها البعض.

5. يكون في شارع المتنبي يوم خاص للنكتة والقاء الحكايات والقصص القديمة التراثية والاغاني الشعبية.

6. يكون هناك يوم يخصص للأزياء الشعبية او التنكرية يشمل المتجولين واصحاب المحلات.

7. يكون هناك مكان للمواقع الالكترونية العراقة المهتمة و المهمة مثل (مؤسسة المثقف العربي) و(مؤسسة الحوار المتمدن) و(موقع الناس) و(موقع ينابيع العراق) و غيرها حيث الكثير من رواد الشارع هم من كتاب و متصفحي تلك المواقع كما لمسنا و عايشنا…

أسسوا تلك الهيئة و ادعوا الى انتخابات حرة لها في يوم محدد… ليتقدم كل راغب ليطرح افكاره و مقترحاته… ويحدد يوم له تاريخ ثقافي للانتخاب بشكل علني في الشارع و امام الجميع… وتُشكل اللجنة لتجتمع و تحدد نظام /طريق عملها بروح ثقافية عالية و شعور عالي بالمسؤولية

اذهبوا بارتياح و شفافية و صدق الى تجربة الحياة الصح التي ما عاشها الكثير منا لحد اليوم وهي حياة التعاون والابداع والامل والتضحية والبناء للمستقبل.

هل من مجيب ينتفض على الحال ويلتقي مع آخرين مثله ليكسروا (أحنه ما علينه)… ليكون شارع المتنبي موقع دائم لمهرجان ثقافي عراقي يستطيع ان يكون عالمي يوما ما.

ان شارع المتنبي بدون الفعاليات والتنشيط والتنظيم سيتحول الى بازار لبيع الكتب او الى مقهى كبير تعاد فيه الجمل و الاماني البعيدة فقط.

نتمنى ان يزداد الاهتمام به فوق المُلاحظ من اهتمام محافظة بغداد وامانة العاصمة وبعض دور النشر واهتمام الأساتذة من خلال تواجدهم…لكن التنظيم والتفكير الدائم به والابداع في انشاء واقامة الفعاليات يكسر الرتابة التي اكيد تتسلل اليه مع الوقت.

العراق بلد فيه شعب مر بالكثير و تحمل الكثير و عاش الكثير …شعب منه و فيه اجيال ولدت والقصف والموت والدمار و العوز والمرض يحيط بها او احاط بها اينما توجهت…فلنجعل من هذا المكان او المركز او المنطقة الثقافية مكان للتأثير في الاجيال و اشاعة الامل فيها و السعادة و البحث عن النجاح و تبنيه و دعمه.

اتمنى ان يحفزنا هذا الطرح على ارتباكه و بساطته للتفكير بالعراق وبالذات الوجه الثقافي له وان يلتقي المثقف العراقي في الداخل والخارج لإنجاز مشروع ثقافي يستمر ليساهم في المحافظة على العراق المتنوع.

عبد الرضا حمد جاسم

Garanti sans virus. www.avast.com

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here