في البداية زوّروا وتاجروا عندما انكشفوا فأحرقوا !

بقلم مهدي قاسم

عمليات افتعال حرائق لإخفاء حقائق و دلائل و آثار جرائم ليست بجديدة أو غريبة على فرسان المحاصصة الطائفية و عصابات النهب واللصوصيات المختلفة في العراق ..

خاصة عندما يشتد الخناق عليهم و يصبحون مهددين بكشف أمر جرائمهم و بصمات خزيهم و عارهم ..

نقول بصمات خزيهم و عارهم ، لأنهم ــ و مثلما سابقا ــ سوف لن يتعاقبوا على فعلتهم الدنيئة ، هذه حتى لو انكشف أمر تزويرهم أو تجارتهم بالصناديق ..

وقد سبق لبعضهم أن فعلوا ذلك مرارا في سنوات ماضية ، عندما أحرقوا اقساما تحتوي على وثائق مهمة و خطيرة في وزارة المالية ، و كذلك في غيرها من وزارات ومؤسسات حكومية أخرى ، فقد أقدموا على افتعال مثل هذه الحرائق قبل تسليط الضوء على سرقاتهم واختلاساتهم و فضائحهم ..

وها هم يستخدمون نفس الاسلوب ” الحرائقي ” الآن في مخازن المفوضية للانتخابات ، بنية حرق صناديق الأصوات الانتخابية ، بغية التغطية أو محو أثار التوزير و الغش و الاختراقات الكثيرة ، بعدما خرجت مقاليد زمام الأمور من أيديهم و بات قضاة يشرفون على عمليات عد الأصوات يدويا ، وهو الأمر الذي سيعني كشف عمليات التزوير و الغش من كل بد و حال ..

و انكشاف أمر الذين تواطئوا على بيع تلك الصناديق سواء في الخارج أو الداخل و كذلك أمر الذين اشتروا هذه الصناديق بملايين دولارات ..

و إذا كان هذا الأمر متوقعا تماما ، فالذي كان متوقعا أيضا هو عجز الحكومة عن حراسة و حماية هذه الصناديق ، بالرغم من أنها تملك جيشا و شرطة و أجهزة مخابرات قد تتجاوز أفرادها و عناصرها ـــ مجتمعة ـــ المليون نسمة و أكثر !!..

غير أن أجهزة الحكومة ذاتها ” مفخخة ” هي الأخرى بكل من هب و دب من عملاء أجندة خارجية و بلطجية و تجار دم وطن و دعاة قضية و عقائد باطلة ..

طبعا ، بفضل نظام المحاصصة ..

و لكن لا يعتقدن أحدهم بأننا بمستغربين بسبب حرق هذه الصناديق ..

لا أبدا ..

فأليس أنا الذي كتبتُ قبل سنوات ما معناه بأنه سيأتي يوم حتى دولة الصومال المنخورة والمنهارة ستتحسن لتكون أفضل من العراق ؟.

فبقدر ما تتدهور مجريات الأمور السياسية و الأمنية في العراق من انحطاط إلى أحط أوضاع بؤسا و قرفا ( فسوف تتدهور أكثر بسبب أزمة الانتخابات مع عودة التفجيرات المحتملة لتأزيم الأوضاع أكثر فأكثر من قبل الخاسرين ) فإن الأوضاع السياسية في الصومال تتوطد ــ شيئا فشيئا ــ نحو استقرار نسبي جيد ، بحيث نادرا ما نسمع عن اختراقات الأمنية أو شيء من هذا القبيل..

فسياسيي الصدفة من سقط المتاع حرصوا أو أصّروا على تدمير الدولة العراقية و جعلها منهارة و عاجزة عن النهوض مجددا، بل و عاجزة حتى عن إجراء انتخابات مقبولة بحدها الأدنى بالرغم من رصد مئات ملايين دولارات و الأف موظفين ..

ولكن عبثا :

إذ فمن كان عاجزا عن إدارة شؤون و مقاليد الدولة و الحكومة في غضون السنوات الخمس العشرة الماضية ، فكيف يستطيع أصلا تنظيم انتخابات نزيهة و مقبولة بمقاييس دولية مرضية ؟.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here