في مدن يخيم عليها الموت .. صحافيو الأنبار ومخاطر العمل

سلطة المحافظة تشارك في القتل والاختطاف
د . خالد القره غولي ..
سلطة تحكم بالقلم والكاميرا والمذياع .. وتعمل لنقل الحقيقة والواقع بلا تزييف.. سلطة هي الوحيدة بين السلطات في العراق التي أحبها الناس وتعاطف معها لأنها كانت السيف الباشق المطالب بحقوق الفقراء والمستضعفين .. حاربت الفساد والإرهاب الذي استشرى في جسد الدولة فحاربها الإرهابيون والفاسدون وأعداء النجاح والصلاح.. فقدمت المئات من أبنائها في سبيل إعلاء صوت الحق وبناء الإنسانية .. تلك هي السلطة الرابعة في العراق ما بعد ( 2003 ) محافظة ( الانبار) ومدنها التي شهدت العديد من المعارك طيلة ( 15) عام الماضية بات ( العمل الصحفي ) فيها شبه معدوم , و البقية القليلة الباقية .. من الصحفيين باتوا يعملون بصورة سرية مما جعلهم يعيشون في واقع أشبه بالواقع المخابراتي , اما الصحف المحلية العراقية والعربية لم تعد تصل الى ايدي الصحفيين أو عامة الشعب ، لاندلاع اشتباكات مسلحة بين الحين والاخر في شوارع مدن المحافظة كافة ، واغلب تلك العمليات لم تميز بين المسلح والصحفي الذي يعمل على نقل الاحداث بهدف ايصال الحقيقة الى الناس ويعيش الان اغلب صحفيو ( الانبار ) خارج اسوار محافظتهم وانا واحد منهم .. وبعضهم ترك العمل خوفا على حياته وحياة عائلته ، مما جعل مستواهم الاقتصادي وحبهم للعمل يتراجع ، بينما تستمر سيطرة المسلحين على اغلب اجزاء المحافظة .. لم تكن رصاصات المسلحين وحدها تستهدف وتقتل وتعتقل ( الصحفيين ) في الانبار بل كانت في السابق خلال السنوات ما بين اعوام ( 2006 – 2008 ) قوات الاحتلال تشارك المسلحين في قتل الصحفيين الاعلاميين واعتقالهم ومنعهم من تغطية الاخبار الساخنة في مدنهم , وعلى كل حال فان الواقع الذي يعاني منه صحفيوالانبار ، ولم يعد يعرف الصحفي بانه ذلك الشخص الذي يعمل في مهنة المتاعب لكي ينور الاخرين بالحقيقة , الاوضاع في كافة مدن ( الانبار ) تعد بالمأساوية والمريرة , والصحفي يعيش اليوم في معتقل كبير واصبحنا في عداد الموتى ، عملنا مقيد ولا توجد حرية في مزاولة عملنا ونحتاج لفرص عمل ولكن بحيادية لتوفير ولو جزء بسيط من متطلبات عوائلنا فنحن مجبرون على ترك العمل رغم انوفنا , واصبح البعض من الزملاء عاطلين اليوم عن العمل والبعض الاخر تهجر الى خارج العراق .. واخرين نزحوا مع عوائلهم الى كردستان العراق والى العاصمة العراقية بغداد والى عدد من المحافظات العراقية الاخرى , وان العمل الصحفي في الانبار بات من اصعب المهن , انه يواجه تهديدات مما زاد خوفهم على حياتهم وحياة عوائلهم , وان توجه بعض المحطات الفضائية والمؤسسات الاعلامية ومع اسفي الشديد لافكارمعينة يزيد الطين بله بالنسه للصحفيين الذين يعملون في تلك المؤسسات الاعلامية التي لا تتعامل بحياد في نقل الخبر وبعضها الاخر متحزبه وتميل الى طائفه معينه دون الاخرى ومن الخطر جدا التعامل معها هنا في الانبار, وأن مهنة الصحافة في ( الانبار) تواجه خطر ( الانقراض )
بعد اهمالها ونسيانها من قبل المؤسسات الحكومية والنقابات المحلية والدولية ، والبعض من صحفيو واعلاميو الانبار يلقون اللوم على الجهات المسؤوله .. الحكومية والمؤسسات والمنظمات العراقية المعنية بشوؤن الصحفيين اقصد هنا بالدرجة الاساس ( نقابة الصحفيين العراقيين ) لم تقدم اية تسهيلات ولم تتواصل معهم وهم بأمس الحاجة الى الاندراج في العمل خارج محافظتهم اي العمل داخل العراق , والانبار الان باتت معزولة كليا بسبب الاوضاع الامنية المضطربة ، فلا صحيفة تصدر في هذه المحافظة ولا الصحف الاخرى تصل اليها , بينما انتعشت الصحافة في مدن اخرى في الشمال والجنوب , بينما نجد اعلاميو الانبار المبدعين يواصلون العمل بين فضائيات المحافظات الاخرى وباجورلا تليق بهم , وان المحافظة ( الآن ) معزولة كليا عن العالم أذ لا تصل اليها ( صحيفة واحدة ) وان كل ما يجري هنا من ظلم وقتل وتعسف لا ينقل بصورة حيادية ومنصفة في الانبار وتشوبه المخاوف وتجهله الكثيرمن وسائل الاعلام وما يصل اليها يبقى في حدود الممكن فقط .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here