البحث عن المفقودين إبان جحيم داعش يؤجل فرحة الموصليين

منذ استعادة مدينة الموصل من أيدي تنظيم داعش الإرهابي قبل نحو عام، تتجمع في يوم الجمعة من كل أسبوع نساء في ساحة “المنصة” الواقعة في وسط المدينة بحثا عن مصير مفقودين من عائلاتهن.

نساء يرتدين ملابس سوداء ويرافقهن أطفالهن وبعض الرجال ويحملن صور “مفقودين”.

لكل واحدة منهن مأساة. بينهن شيماء محمد التي تعيش مع أبنائها الستة على أمل العثور على زوجها علي أحمد الذي خطفه تنظيم داعش المتشدد بعد اقتحام منزلها في 25 نوفمبر 2016، وعثرت عليه قوات الأمن داخل سجن خلال معارك “تحرير” المدينة.

أحمد، شرطي وأصبح اليوم في الأربعينات من العمر، لا يختلف حاله عن آلاف العراقيين خصوصا ممن كانوا عناصر في قوات الأمن اعتقلوا من قبل تنظيم داعش المتطرف في الموصل.

وقالت شيماء (38 عاما)، وهي متجهة إلى ساحة المنصة، لقد “اعتقل زوجي (…) واحتجز مع آخرين واستخدموا كدروع بشرية خلال المعارك في غرب الموصل”.

وأضافت، فيما اغرورقت عيناها بالدموع، أن “قوات الأمن اعتقلته لأنه لم يكن يحمل أي وثائق وكانت لحيته طويلة بسبب اعتقاله لفترة طويلة لدى داعش”.

لم يصل شيماء أي تبليغ رسمي حول مصير زوجها، لكنها أكدت أنها “حصلت على معلومات تشير إلى أنه معتقل في مطار المثنى” في بغداد حيث يعتقل عدد كبير من المشتبه بتورطهم ب”الإرهاب”.

وأكدت مصادر أمنية عدم صحة هذه المعلومات وبأنهم أبلغوا جميع عائلات معتقلي الموصل.

من جانبه، قال القاضي عبد الستار بيرقدار المتحدث الرسمي لمجلس القضاء الأعلى في بيان إن “مضي سنتين على الفقدان في حوادث الأعمال الإرهابية. وإذا لم يعرف مصير المفقود خلالها، يعد سببا كافيا للحكم بوفاة المفقود”.

ويقول سامي فيصل مسؤول منظمة لحقوق الإنسان في محافظة نينوى، كبرى منها الموصل، إن “عددا كبيرا من المفقودين أعدمهم داعش ورمى بجثثهم في حفرة الخسفة” الواقعة إلى الجنوب من الموصل.

ويعتقد الناس أن موقع حفرة “الخسفة” السيء الصيت  أحد أكبر المقابر الجماعية في العراق واستخدمه الإرهابيون لتنفيذ الإعدامات.

وحفرة “الخسفة” عبارة عن منخفض كبير ناجم عن إحدى الظواهر الطبيعية. وحدث جراء سقوط نيزك في ذلك المكان.

وأضاف فيصل أنه وفقا لمعلومات قدمتها عائلات، هناك “1820 شخصا مفقودا، من كلا الجنسين ومن مختلف الشرائح الاجتماعية من عسكريين وموظفين وصحافيين وناشطين وغيرهم”، مشيرا إلى أنه من المستحيل معرفة عدد الذين ما زالوا على قيد الحياة.

وقال إنه بالإضافة إلى هؤلاء “هناك ثلاثة آلاف و111 إيزيديا مفقودا، نساء ورجال”، فيما عاد بعضهم إلى عائلاتهم بعد سنوات من العبودية وسوء المعاملة.

ترى أم عبد الله (80 عاما) أن ما يحدث للمفقودين عقاب قائلة، “اليوم، وبدلا من أطلاق سراحهم وتعويضهم عما لحق بهم، يستمر حبسهم، وربما ستلفق لهم تهم الانتماء للإرهاب ويعاقبون عليها”.

كثير من المفقودين، كانوا عناصر في قوات الأمن أو موظفين حكوميين.

والتقى أولياء هؤلاء المفقودين مع كثير من المسؤولين المحليين، كما ناشد نواب في البرلمان الجهات الحكومية للتدخل لمعرفة مصير هؤلاء، حسبما ذكر أبو لؤي.

وأكد هذا الرجل العاطل عن العمل (56 عاما) أنه يقضي كل وقته تقريبا في البحث عن ولديه اللذين اختطفا في الرابع من أكتوبر 2016، من داخل منزلهم على يد إرهابيين مع “14 رجلا من نفس العائلة”.

ولم يعرف أبو لؤي، منذ ذلك اليوم، مصير ولديه وبات الآن مسؤولا عن تربية طفليهما، أحدهما من ذوي الاحتياجات الخاصة والآخر يرفض الكلام منذ رؤية مشهد اختطاف والده.

وذكر هذا الرجل أنه بعد أشهر طويلة من البحث والتحقق “تأكدنا أنهم أحياء ومعتقلون لدى القوات الأمنية”. وتابع “لا أدري حتى لماذا اعتقلوا”.

وتعيش أم لؤي (52 عاما) وسط حزن ودموع لا تنقطع وهي ترتدي عباءة سوداء مفترشة أرض منزلها الصغير في حي النبي يونس التاريخي وسط الموصل، بانتظار أي أخبار عن ابنيها اللذين لم يبق منهم سوى صور وذكريات.

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here