ابونؤاس في سطور !

* د. رضا العطار

حينما تحولت حياة العرب من البيئة الصحراوية وطقوس الحياة في الفلاة الى البيئة العمرانية وطقوس الحياة في المدن، وتجاوزوا شظف العيش وقساوته الى لينة ونعيمة، فنسوا المضارب والخيام ليتعرفوا الى البيوت المشيدة والقصور والفوا البساتين والرياض وخلعوا ملابس البادية الخشنة بنعالها المصنوعة من الحبال وعباءاتها المأخوذة من وبر الجمال، ليرتدوا الاثواب الناعمة من نسيج الحرير واقمشة الديباج. فانصرف المجتمع العباسي وخاصة المترفون منهم الى حياة الطرب والاغراق في ملذات الحياة.

ففي القصيدة التالية يدعو الشاعر اصحابه للمسامرة والتمتع بصحبة الاحبة قوله :

اكسر بمائك حدّة الصهباء * * فإذا رايت خضوعها للماء

فأحبس يديك عن التي بقيت بها * * نفسُ تشاكل أنفس الأحياء

صفراء تسلبك الهموم اذا بدت * * وتعير قلبك حلّة السرّاء

كتب المزاج على مقدم تاجها * * سطرين مثل كتابة العسراء

نمت على ندمائها بنسيمها * * وضيائها في الليلة الظلماء

قد قلت حين تشوّفت في كأسها * * وتضايقت كتضايق العذراء

لا بد من عضّ المراشف فأسكني * *وتشبّك الأحشاء بالأحشاء

ومهفهف نبهته لما هدا * * وتغلقت الاجفان بالأغفاء

وشكا لسانه من شربه * * بتلجلج كتلجلج الفأفاء

فعفوت عنه وفي الفؤاد من الهوى * * كتلهب النيران في الحلفاء

* مقتبس من ديوان ابونؤاس لمؤلفه عمر فاروق الطباع دار الارقم للنشر بيروت 1998.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here