الأمنية .. وحلم الدولة

بقلم : محمود موالدي

ينفذ الإنسان إلى ماهو ألصق بكيانه ، إلى لغته وعرفه وشريعته وآدابه وفنونه … فيصنع منها جواً إنسانياً يحمل طابع مشيئته .
نظرة خاطفة على خريطة العالم تكشف لنا عن مدى قدرة الإنسان على الإبداع ، على الحرية .
إنه وإن كان لكل أمة أداة بيانها للتعبير عن وجهة نظرها في الوجود … لغتها وآدابها وفنونها ، وإن كان لكل أمة مسلكها الخاص في علاقتها بالأشياء وبالجيران ، ذاك المسلك المنبثق عن وجهة نظرها ، وإن كان لكل أمة جدول قيمها .. الجدول الذي يعين لها حدود خيراتها وشرورها ، إنه وإن كان الأمر كذلك ..
إلا أن الإرادة الحرة هي العامل في الإبداع ، وإنما شأن الجماعة من المبدع يبقى عند حاجة الإبداع …
عند إقرار المبدع عن إبداعه إذا لقي إبداعه صدى مستحباً في النفس ، أو ردعه عن غيه في حالة الشذوذ والشطط ، وتبقى الأمنية العظيمة هي أن يشد بعضهم أزر بعض في تشييد دولة تضمن للمواطنين جميعاً الحرية والرفاهية .. وليس الإكتفاء .
متخذين ، لتحقيق ذلك ، الأخوة الوطنية شعاراً لهم ..
وكيف نحقق الأمنية إذا لم نعد أنفسنا لأن نكون على مستوى المهمة … ؟؟
والمرء حيث يضع نفسه ..
إن الهمة من النفس بمثابة الجناح من الطير ، ترفع بصاحبها إلى الأفق المتناسب بالرفعة مع شدة العزم الذي انعقدت عليه النية .
إذا ضلت النفوس عن محور مقوماتها ، الذي هو قوام المجتمع ، فتردت بتأثير تربية متردية ، أمست وكأنها ترى نجم الهداية من خلال الضباب . عندئذ يصبح الناس رعاعاً يلبسون لكل حالة لبوسها .
وعندئذ يصبحون وكأنهم حبات عنب قد فرطت من عنقودها فلا تصلح بعد ذلك إلا للدوس تحت الأقدام . مثل المتخلفين عن مستوى تجربة الماضي العريق .. كمثل فراشات خلعت زينتها وفقدت جوانحها فتحولت تتمرغ في الأوحال ..
إن الحياة هي الشباب والهرم ..
تكشف عن استسلامها لأحد المنهجين .. وهما :
التقدم والرجعية ، للتقدم في الشباب وللرجعية في الهرم .
فما دامت الحياة نامية يبقى صاحبها منطلقا في تفاؤله نحو مستقبل أزهى…
ولكن ما إن تعجز الحياة عن التطور في البيئة حتى يبدو الحاضر باهتا ؟؟؟
ومن هنا يرجع صاحبها القهقرة إلى ذكريات أكثر نشوة من الحاضر .
وكذلك المجتمعات ، فإذا طبع الشيوخ على الناشئة طابع منهج تفكيرهم سيطر المنطق الرجعي على مظاهر الحياة العامة كما كانت عندنا في فترة الانحطاط . ولكن إذا ظل الشباب يقض رواءه على الحياة العامة حملت هذه الحياة طابع المنطق التقدمي وظهر عندئذ الشيوخ في مظهر الشباب .
وكذلك الدولة التي نريد و التي ينعقد بها أمل النهوض
.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here