* بقلم د. رضا العطار
إحساس الانسان بالزمن قديم جدا، لكن محاولاته الاولى في التقويم ترقى الى العصر الحجري القديم الاعلى على الاقل. ففي اوكرانيا الجنوبية عُثر على ناب ماموث عمره 35 الف سنة، حُفرت عليه خطوط يعتقد انها ترمز الى ايام الشهر القمري. وفي المتحف الوطني للاثار بباريس يوجد عظم نسر عمره 15 الف سنة تقريبا عليه خدوش صغيرة، وبعد دراستها بالمجهر تبين ان هذه الخطوط تتألف من مجموعات من الارقام يعتقد ان لها علاقة بعدد ايام القمر.
وعلى ضفاف بحيرة ادوارد، احدى منابع نهر النيل في افريقيا الاستوائية، تركت مجموعة من البشر مخلفات من بينها عظم عليه مجموعة من العلامات، تورث انطباعا بان انسان ذلك الزمن قبل عام 8500 سنة كان ذا عقل رياضي متطور، ملما بفكرة المضاعفة، اي الضرب في اثنين، وبالنظام العشري، كما ان هناك مجموعات من الخطوط يساوي مجموعها 60 ، وهو ما يدعو للاعتقاد بانها قد تعني شهرين، اي ان لها دلالة تقويمية.
لكن الاثر الاكبر المدعاة للدهشة من ذلك كله، هو ما عثرنا عليه في المجر عام 1982 وهي قطع حجرية غريبة الشكل عمرها 17 الف سنة ترمز لاشكال بشرية، عليها خطوطا عددها سبعة على كل جانب منها. فإلى م يرمز العدد 7 – هذا الذي توفر الدليل هنا على وجوده قبل البابليين باكثر من عشرة آلاف سنة.
ان وجود الخطوط السبعة بهذه الصورة يضع حدا للاعتقاد السائد، كان معروفا قبل البابليين، ويقدم دليلا اخر على ان التقويم القمري كان معروفا قبل البابليين بزمن بعيد.
ثم طلعت الينا مجلة سبوتنيك السوفييتية بمقالة تحدثنا عن قطعة ناب ماموث ايضا، طولها 12 سم، منحوتة على هيئة تشبه العصا، عُثر عليها في سيبيريا عمرها حوالي عشرين آلف سنة، لوحظ عليها عدد كبير من النقوش، وبعد البحث المضني اتضح انها تقويم قمري – شمسي يصلح للاستعمال حتى الان. ولدى دراستها تبين انها تقدم معلومات عن الاوقات التي تتطابق فيها الدورات القمرية والشمسية. وقد تم عد هذه النقوش فكان 1065 وهو يساوي مع عدد ايام ثلاث سنوات قمرية – – هذا النظام التقويمي قائم على اعتبار الاسبوع ثلاثة ايام، وهناك شيء اخر – مجموع الخطوط الحلزونية يساوي الى 177 – وهذا يتطابق مع عدد الايام بين الاعتدال الربيعي والاعتدال الخريفي – وهذا يعني ان التقويم كان شمسيا ايضا.
نلخص من هذا الى ان الاحساس بالزمن قديم جدا، اما التقويم فأحدث بكثير، انه ظاهرة حضارية. وفي البدأ كان مقترنا بالقمر، اما فيما بعد فقد ارتبط بالشمس.
* مقتبس من كتاب جولة في اقاليم اللغة والاسطورة، للباحث العراقي علي الشوك. 6 5
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط