تفاهم الفتح وسائرون ورقة ضغط لتحالفات أخرى

اثار تحالف او تفاهم “الفتح” و”سائرون” في وسائل الاعلام العراقية والعربية وفي وسائط التواصل الاجتماعي وحتى جمهور ومناصري المتحالفين انفسهم جدلا كبيرا لا يخلو من مفاجئة لتحالف او تفاهم تشكيلين سياسيين لا ينسجم ظاهريا على الأقل كل منهم مع جوهر توجهات الطرف الاخر. لكل منهم حراك استراتيجي مختلف عن توجهات الاخر. كل منهم استهدف شريحة من الناخبين تختلف كليا عن شريحة الناخبين عند الطرف الاخر. مرجعياتهم السياسية مختلفة، طبيعة خطابهم واولوياتهم مختلفة أيضا.

العقيدة السياسية لتحالف سائرون بشقيه على سبيل المثال بالضد تماما مع العقيدة السياسية لتحالف الفتح، ناهيك عن شقاق وخلافات ازلية بين بعض فصائل الفتح وبين التيار الصدري حتى مع وجود بعض المشتركات.

لما تقدم وغيره فان سياقات التحليل السياسي لا تدعم تحالفا من هذا النوع، لذلك فان ردود الأفعال والاثارات التي جاءت من هنا وهناك حول طبيعة واهداف هذا التحالف كانت منطقية ومفهومة.

والسؤال الأهم هنا: الى أي مدى سيصمد ذلك التحالف؟ هل هو تحالف عميق؟ استراتيجي؟ ام مجرد تفاهمات أولية توجد على غرارها العشرات من التفاهمات بين مختلف الأطراف العراقية ولن تنتج بمفردها المشهد النهائي لتشكيل الكتلة الأكبر وتشكيل الحكومة.

ان التجارب السابقة للتحالفات والتفاهمات بين القوى العراقية والتي كان التيار الصدري طرفا في الكثير منها وكذلك بعض اطراف الفتح، ناهيك عن طبيعة توجهات الفتح وسائرون التي تصل أحيانا لحد التبيان في المواقف، إضافة الى طموح كل منهم في الحصة الأكبر من الكعكة لا تشجع على الاستنتاج بان ذلك التحالف استراتيجي ومعد له بشكل جيد.

هناك من يعتقد بان هذا التحالف يراد له ان يبقى صامدا لمدة أقصاها تشكيل الحكومة ثم ينتهي، وهناك من يتصور ان ذلك التحالف لن يصمد الى تلك المرحلة.

على الاغلب فان الهدف من هذا التحالف توظيف اطرافه لاعلانه من اجل الانطلاق منفردة بموقف اقوى في تشكيل تحالفات اقوى. بمعنى ان الهدف من التحالف متاتي أساسا من استخدامه ورقة ضغط على الأطراف الأخرى من اجل الدخول بتفاهمات وتحالفات جديدة.

ورغم ان المبادرة جاءت بالأساس من القيادي في الفتح هادي العامري الذي قصد الزعيم مقتدى الصدر الا ان الطرفين لهم مصلحة في اعلان هذا التحالف. على الأقل من اجل ارسال رسالة للجميع بان التيار الصدري قادر على تشكيل تحالف مع الفتح، وكذلك الحال بالنسبة للفتح أيضا. وفي ملف المفاوضات كلما كانت الخيارات أوسع واشمل كان الموقف اكثر قوة بالتفاوض، من هنا حاول بعض المتخاصمين من القوى السياسية العراقية قبيل الانتخابات وكذلك في هذه المرحلة رفع الخطوط الحمراء والتواصل مع الجميع من اجل ارسال رسائل لمختلف الأطراف بان الخيارات متعددة وهي لعبة مفاوضات ليس الا.

نعم قد لا يبدو منطقيا بان يكون اعلان التحالف ورقة ضغط من اجل تشكيل تحالف آخر، ولكن من قال ان المنطق هو الذي يحكم سياقات العمل السياسي في العراق؟! الغرائيبات في الساحة العراقية تسمح بتصورات من هذا النوع.

جمال الخرسان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here