مبادرة العبادي لعقد “لقاء وطني” تشمل 10 قوائم فائزة بضمنها “الفتح” و”سائرون”

بغداد/ وائل نعمة

يحاول رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي شارفت ولايته على الانتهاء، ضبط إيقاع الاتهامات المتبادلة التي رافقت الانتخابات التشريعية الاخيرة، وعدم انزلاق البلاد الى هاوية الصراعات، عبر دعوة القوى السياسية الفائزة لعقد”لقاء وطني”، قد يقدّم هو خلاله”تسوية”لحل الخلافات قبل دخول البلاد في فراغ دستوري مطلع الشهر المقبل.
وستوجّه”لجنة”تتكون من عدة أطراف سياسية دعوات الى أكبر القوائم الفائزة، حتى تلك التي أعلنت عن تحالفات جديدة، لعقد مؤتمر في بغداد، مطلع الأسبوع المقبل، فيما لا يستبعد أن يحاول المجتمعون الاتفاق بعد ذلك على تشكيل”الكتلة الأكبر”في مراحل متقدمة من الحوارات.
وبات العبادي الذي انفضّ من حوله أكبر قائمتين فائزيتن في الانتخابات”سائرون”و”الفتح”عقب إعلان تحالفهما الأسبوع الماضي، وحيدا في مواجهة خصمه سلفه نوري المالكي الذي تذهب أغلب الإشارات الى أنه صار قريباً من القائمتين الأكبر وقد يعلن انضامه إليهما في أي لحظة. وعلى هذا الاساس يفترض مراقبون أن دعوة رئيس الوزراء، التي مازالت”شفوية”، تسعى للرد على تحالف”الصدر- العامري”، لإعلان تحالف مضاد، حيث لم يتأكد حتى الآن أن القوى السياسية التي ائتلفت مؤخراً أو صارت قريبة من ذلك، ستحضر اللقاء على الرغم من دعوات الترحيب بـ”الاجتماع الوطني”التي طغى عليها الطابع”البروتوكولي”.
وأشار العبادي في كلمة للشعب العراقي مساء الخميس الماضي لمناسبة عيد الفطر إلى أن العراقيين يواجهون تحدي”الحفاظ على هذه البلاد، وعلى سلامة شعبها وأمنه، ونحن على ثقة تامة بعبور هذه المرحلة ما دمنا متمسكين بوحدتنا وبتغليب المصالح العليا على المصالح الخاصة أو الفئوية”.
وأشار العبادي الى دعاوى تزوير الانتخابات بالقول:”على رغم ما شاب الانتخابات من خروق ومخالفات، فإنّ اتّباع الطرق القانونية والاحتكام للقانون والدستور هما السبيل الوحيد لحل هذه المشاكل”. وأضاف أن”الواجب يدعونا إلى موقف موحد ومسؤول وحازم لحماية العملية الديموقراطية والسياسية وضمان سيرها بشكل سليم، وحفظ الأمانة وعدم القبول بالتزوير، وعدم السماح بالتلاعب بأصوات المواطنين وخياراتهم الحرة”.
وأردف:”من هذا المنطلق الوطني، أدعو إلى عقد لقاءات مسؤولة للاتفاق على البرنامج المقبل لإدارة الدولة بمؤسساتها وسلطاتها كافة… وبهذه المناسبة أوجه الدعوة إلى الكتل السياسية لعقد لقاء على مستوى عال بعد عطلة العيد مباشرة، وفي المكان الذي يتم تحديده لاحقاً بعد التشاور، لوضع أيدينا بأيدي بعضنا بعضاً من أجل حماية الوطن والمواطنين وضمان سلامة العملية السياسية”.

العبادي يحاول منع تفكُّك تحالفه
وفي هذا الشأن يقول حسين درويش العادلي، المتحدث باسم تحالف”النصر”الذي يتزعمه رئيس الوزراء في تصريح لـ(المدى) أمس، إن”هناك لجنة تحضيرية ستقدم الدعوات الى 10 قوائم فائزة في الانتخابات التشريعية الاخيرة لحضور اللقاء”.
وأكد العادلي أن الدعوات التي ستوجه باسم”لجنة تحضيرية”مكونة من عدة أطراف سياسية، موجهة أيضا الى تحالف”الصدر- العامري”. ويشدد المتحدث باسم”النصر”على أن”اللقاء الوطني”، وهو الاسم الذي تم اختياره للاجتماع الذي دعا إليه رئيس الوزراء،”يهدف بشكل رئيس الى وضع أسس العملية السياسية المقبلة، والاتفاق على آليات إدارتها والطعون في الانتخابات”. كما قال :”قد يتطرق اللقاء الى تشكيل الحكومة والتحالفات في مراحل أخرى من اللقاء”.
ويواجه تحالف العبادي ظروفاً صعبة، بعدما كان قريباً جداً قبل وبعد الانتخابات من الصدر، لأسباب غير معروفة لم يستطع الطرفان الاندماج في أيّ من المرحلتين، فيما صدم زعيم التيار الصدري الكثيرين حين قرر الذهاب صوب”الفتح”الذي كان ينتقد بعض أطرافه بعبارات قاسية.
ويبدو أن”النصر”، مهدد بالتفكك، خصوصاً أن هناك تسريبات عن محاولات يقوم بها الجناح الثاني في”حزب الدعوة”الذي يتزعمه نوري المالكي، بمحاولة استمالة عدد من الفائزين في صفوف قائمة رئيس الوزراء، وبحسب قيادات في”دولة القانون”فإن الاخير”توصل الى تفاهمات متقدمة مع أعضاء في كتلة العبادي للانضمام إلى المالكي”.
وأشارت أنباء التحاق رئيسة كتلة إرادة حنان الفتلاوي ورئيس كتلة “كفاءات” هيثم الجبوري بتحالف”الصدر- العامري”،إلى أنه انتقال تمهيدي لزعيم دولة القانون الى التحالف الجديد، خصوصاً أن الكتلتين الفائزين كانتا قد ألمحتا في وقت سابق الى تحالفهما مع”المالكي”.
وفي هذا الصدد يقول النائب والمرشح الفائز عن”الفتح”حنين قدو في تصريح لـ(المدى) أمس إن”الفتلاوي والجبوري، اللذين يملكان 5 مقاعد، اندمجا رسمياً مع التحالف الجديد”. كما توقع النائب ان يلتحق”المالكي”بالتحالف، وهو أمر كانت قد نفته قيادات في”سائرون”.
وكان الحزبان الرئيسان الكرديان”الديمقراطي”و”الاتحاد الوطني”قد رحبا في وقت سابق بالتحالف، وأشارت تصريحاتهما باحتمال الانضمام الى التحالف الجديد، كذلك مازال الصدر محتفظاً بتفاهمات عقدها قبل أسابيع مع”تيار الحكمة”و”الوطنية”رغم عدم وضوح موقف الأخيرة.
وكانت إجراءات الحكومة والبرلمان الاخيرة بخصوص مزاعم تزوير الانتخابات، قد خلطت الأوراق على طاولة تفاوضات القوى السياسية، ولذا يقول قدو انه”لايمكن الجزم بثبات تحالف وسط تلك الأحداث”.

تسوية شاملة
وتوقع الفائز عن”الفتح”أن تكون دعوة العبادي الاخيرة”لوضع حد لقضية التزوير، وحسم الطعون وتعديل قانون الانتخابات”. وأضاف قائلا:”لايمكن المضي في التحالفات من دون المصادقة على أسماء الفائزين في الانتخابات”.
وتدور في الأروقة السياسية أحاديث عن صفقة برعاية “إيرانية” تتضمن “الضغط” على المحكمة الاتحادية لقبول الطعن بتعديل قانون الانتخابات الذي حددت المحكمة جلسة النظر به الخميس المقبل، وهو موعد مفاجئ حيث كانت قبل أيام قليلة ترفض تحديد وقت معين للجلسة. كما تتضمن”التسوية”،على وفق التسريبات، إعادة”العد والفرز اليدوي”بنسبة قليلة لاتؤثر على النتائج المعلنة.
وكانت”الفتح”متردّدة في توصيف اندماجها الأخير مع”سائرون”حيث اعتبرت أن التحالف هو”نواة لتشكيل الكتلة الأكبر”. وقال الصدر عقب إعلان التحالف:”تحالف الفتح مع سائرون في الفضاء الوطني يحافظ على التحالف الثلاثي بين سائرون والحكمة والوطنية”.
ونفى القيادي في”الحكمة”حميد المعلة في تصريح لـ(المدى) أمس الأنباء التي تحدثت عن انسحاب الاخير من التحالف عقب دخول”الفتح”. وأضاف قائلا:”لم نعلن إقامة تحالف، وإنما تفاهمات على نقاط معينة لم ترق الى مرحلة التحالف”، مشدداً بالقول:”نحن فعلاً لم ولن ننسحب عن تلك النقاط المعلنة”.
وتضمنت الوثيقة التي نشرت الأسبوع الأول من حزيران الجاري، 12 نقطة للاتفاق بين “سائرون” و”الحكمة” و”الوطنية”، ركزت على أن تكون الحكومة المقبلة “أبويّة”، وتعمل على إصلاح الاقتصاد وحصر السلاح بيد الدولة.
واعتبر زعيم الوطنية إياد علاوي، التحالف الأخير بأنه”تفاهمات”أيضا، كما رحب قبل أيام بدعوة”العبادي”إلى إجراء لقاء شامل للقوى السياسية، كما حذت قائمة”القرار”وقيادات كردية حذو الأخير في تأييد الدعوة، فيما أعطى المالكي تأيده مشروطاً بآليات ومحاور اللقاء.
في المقابل قال ائتلاف”سائرون”انه لم يتلق دعوات رسمية، وإن كلام العبادي جاء في إطار إعلامي. كذلك الحال مع تيار”الحكمة”الذي طالب بتوضيح أكثر عن شكل اللقاء ومكانه وأهدافه. وقال معلة:”نحن رحبنا بالدعوة، لكن ننتظر توجيه دعوات رسمية وتحديد شكل وأهداف الاجتماع”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here