الطَاعَةُ أساس ألايمان الحقيقيَ..في فكرِ المحقّق الصرخيَ

بقلم / فاضل الخليفاوي

……………………..

إنّ مفهوم الطّاعة من المفاهيم الأساسية التي إنبثقت عن العقيدة الإسلامية وأخذت نشأتها رأسا من عقيدةِ المسلمين العقلية، هذه العقيدة التي تقول بإحتياجِ الإنسان وعجزهِ ونقصهِ ومحدوديتهِ، وإنَّ ذلك يتجلّى في حاجةِ الإنسان لتنظيم علاقتهِ بخالقهِ وبنفسهِ وبغيره، ولذا تكون الطّاعة لله وللرسول باعتبارهِ لا ينطق عن الهوى تستقطب كلّ أنواع أعمال الإنسان، وبهذا لا تخرج الأعمال والأشياء عن دائرة الحلال والحرام ويكون هذا المقياس من أعظم المقاييس وأهمّهُم على الإطلاق في حياة المسلمين، فالمسألة من هذا المنظور خطيرة ومصيرية لأنّها إمّا أن تضع الإنسان في دائرة العبودية لله أو تقذف به في دائرة عبادة الخلق والهوى لأنَّ الطاعة في الحقيقة هي امتثال الأمر كما إنَّ المعصية مخالفة الأمر .
في الواقع ليس دور العقل هو إنشاء الأحكام واختراعها فإن هذا من شأن الله سبحانهُ وحدهُ قال تعالى : (إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف :40]. وأمرنا الله بشأن الطاعة أن نطيع الله ورسوله وأولي الأمر فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنكُمْ) [النساء :59]

إطاعة الأوامر المفروضة من الله وحده، والطاعة فيها لله سبحانه وللرسول طاعة متصلة، وخاصة ما يتصل منها بالعبادات والعقائد، فكل دعوات الرُّسُل قَرَنت الطّاعة بالتقوى والعبوديّة والقرآن شدَّدَ على هذا الإطار إلى حَد أن قرَّرَ بُطلان أعمال الإنسان إذا لم تكُن في إطار طاعة الله والرّسول، يقول سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) سورة محمد الاية 33 ،فطاعة الله وطاعة الرّسول هي الإطار العام والمحدّد لكلِّ الطّاعة، وكُل طاعة تتنافى أو تتناقض مع هذا الإطار العام فهي لاغية ومذمومة وجزاؤها لا محالة شقاءًا في الدنيا وعذابًا في الآخرة .

ومن هذا المنطلق فقد اوضح أحد المحقِقيين الاسلاميين المعاصرين حول أهمية الاطاعة على العبد، وهذا مقتبسٌ من كلامهِ الشريف جاءَ فيه :

((قال تعالى: ( فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ) البقرة (249).
أقولُ لِذَوِي العقول : من يَدَّعي أنّهُ يمتلك العقل، ممّن يتحدّث بالعقل، ممن يتقمّص أنّه عاقل ومن العقلاء خاصة أتباع المنهج التكفيري، أصحاب منهج المغالطات ومنهج الالتقاطية والتشويش والتشويه والمجادلة والمغالطة، الجهال المكّفرين للمناطقة ولأهل الكلام وللفلاسفة وللعقل والعقلاء ، أقول : جنود طالوت عندهم معركة، حرب، قتال، تجهيز، حالة إنذار، مسير، تدريب، هجوم، دفاع، اقتحام، ويوجد نهر، هل يوجد من يأتي بجواب لماذا مُنعوا من شرب الماء ؟!! جيش وماء، وجود الماء وعدم وجوده ممكن أن يترتب عليه النصر والهزيمة، الماء سلاح في المعركة ممكن أن يحقق النصر، ممكن أن يقلب النصر إلى هزيمة ويقلب الهزيمة إلى نصر، لماذا يمنع هؤلاء من شرب الماء من هذا النهر؟ لا نعلم ، الحكمة الله يعلم بها، العلة الله يعلم بها، على الجندي الإطاعة على المكلف الإطاعة على العبد الإطاعة لا يدخل هنا التفلسف والمغالطة والسفاهة هذا أمر الله، هذا هو كتاب الله، هذا هو قرآن الله، هذا هو كلام الله، نسلم بما جاء، ما هي الحكمة ؟ ما هي العلة؟ الله سبحانه وتعالى أعلم بها، إذًا الابتلاء والاختبار هو المحك في معرفة الإيمان الحقيقي .))
انتهى كلام السيد الاستاذ
مقتبس من المحاضرة {8} من بحث ( الدولة..المارقة…في عصر الظهور…منذ عهد الرسول “صلى الله عليه وآله وسلّم”) بحوث : تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي للمرجع المعلم
17 صفر 1438 هـ – 2016/11/18م

goo.gl/KeWnSJ

ومما لا شك فيه أن طاعة المسلمين لله عز وجل من خلال إتباع أوامرهِ وإجتناب نواهيه، وطاعتهم لرسول الله بالتزام سنتهِ وما جاء به من عند ربه تبارك وتعالى يعود على الأمة كلها بالخير والنفع فى الحياة الدنيا وفى الآخرة، السمع والطاعة المُستمِدانِ من الثقة المطلقة فى إنَّ حكم الله ورسولهُ هو الحكم النابع من التسليم المطلق لله واهب الحياة، المتصرف فيها كيفما يشاء، ومن الاطمئنان إلى أنَّ مما يشاؤهُ الله للناس خيرٌ مما يشاءونهُ لأنفُسِهِم، وما عدا هذا التسليم هو اتباع الهوى الذى حرمه الله عز وجل .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here