هل من توزيع أدوار بين لأحزاب الإسلامية السياسية والمراجع الدينية؟

كاظم حبيب
لست أول من يكتب في هذا الشأن ولن أكون آخر من يكتب، كما قد كتبت قبل ذاك كثيراً بهذا الصدد، ولكن لا تأخذ به القوى والأحزاب المدنية التي كان من مصلحتها الاهتمام بالموضوع ودراسته والتحري عن مدى صواب هذا الواقع. وليس اتهاماً حين أشير إلى وجود تفاهم وتويع أدوارٍ فعلي فيما بين الأحزاب الإسلامية السياسية ومشاركة المرجعيات الدينية، على الساحة السياسية العراقية، كما إن هذا التوزيع للأدوار ليس جديداً، بل بدأ منذ أن نشأ نواة الحزب الفاطمي الشيعي ومن ثم حزب الدعوة الإسلامية وبقية الأحزاب الدينية الشيعية، إضافة إلى وجود ما يماثل ذلك نسبياً في طرف الأحزاب الإسلامية ذات الوجهة القومية مع المؤسسات الدينية السُنية. فمن مصلحتها أن تعمد إلى التعاون والتنسيق وتوزيع الأدوار لمواجهة معارضيها وخصومها. وهذا لا يتعارض مع وجود صراع في داخلها حول المكانة والدور والمصالح التي تتحقق لكل منها في مجرى العملية السياسية. لقد برز هذا التعاون والتنسيق في عهد عبد الكريم قاسم، ومن ثم في عهد البعث الأول، وفي العهد القومي ومن ثم في العهد البعثي الثاني، وكذلك في العهد السياسي الطائفي المحاصصي الجديد الذي نشأ في أعقاب إسقاط الدكتاتورية البعثية الغاشمة. ومثل هذا التعاون يصب في مصلحتها جميعاً، مع تباين في مدى استفادة كل منها من ذلك، من جهة، ولكنه ليس في مصلحة الشعب العراقي والوطن أيضاً بسبب طبيعة النظام السياسي الذي تسعى جميع هذه القوى الإسلامية السياسية المعتدلة منها والمتطرفة، الناعمة منها والدموية. وهي حالما تصل إلى السلطة السياسية يتغير النهج الناعم إلى نهج سياسي عنيف وظالم. وتتحول الأداة السياسية الديمقراطية للوصول إلى السلطة إلى سلطة شمولية تريد فرض الإيديولوجية الدينية والمذهبية بكل ثمن وترفض كل الإيديولوجيات والآراء والمواقف السياسية الأخرى. وتقدم الدول التي تقول بكونها إسلامية نماذج صارخة في هذا المجال، منها على سبيل المثال لا الحصر: تركيا، إيران، السعودية، السودان، وتونس التي يدعي فيها راشد الغنّوشي، الذي يقود “حزب حركة النهضة بتونس”، وكان قبل ذاك باسم “حركة الاتجاه الإسلامي”…الخ. وبعضها يبدأ بأسلوب ديمقراطي كوسيلة، وليس كنهجٍ وفلسفةٍ وأداةٍ لنظام سياسي ديمقراطي مدني وعلماني، والنموذجين الصارخين في هذا المجال وحالياً تركيا وتونس.
الأحزاب الإسلامية السياسية تريد وتعمل من أجل إقامة دولة دينية، ثيوقراطية، سواء أكانت على المذاهب السنية أو الشيعية، فهي في المحصلة النهائية دينية وأن كانت متصارعة فيما بينها لا على الدين والمذاهب، بل على المواقع والمصالح والسلطة السياسية بالأساس، وهم لا يعترفون باستقلال السلطات الثلاث عن بعضها، فكل السلطات، التنفيذية والتشريعية والقضاء، كلها بيد حديدية واحدة، سلطة أبوية، بطرياركية. من هنا تنشأ الضرورة القصوى في فهم حقيقة وأهداف وأساليب وأدوات عمل هذه الأحزاب. وهي ماهرة وذكية في سبل تعاملها مع الشعب، الذي تشكل أكثرية فيه أمية سياسية ونسبة عالية أمية قراءة وكتابة، وأمية اجتماعية واقتصادية، وبالتالي يمكن لهؤلاء في مجتمع متدين عموماً أن تهيمن عليه المرجعيات الشيعية والمؤسسات السنية والتي ترتبط بقوة بأحزاب سياسية مماثلة في الدين عموماً والمذهب خصوصاً والمصالح اساساً.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here