برومثيوس – للشاعر الإنكليزي لورد بايرون (1792-1824) –

ترجمة بهجت عباس

(كان لورد بايرون معجباً برواية ( برومثيوس المُقيّد) التي تعزى كتابتها إلى أيشيلوس Aeschylus

(525 – 456 ق.م.)، أحد الرواة الإغريقيين الثلاثة المشهورين، والآخران هما سوفوكليس ويوريبيدس. تتلخص قصة برومثيوس بأنه، كأحد الجبابرة الذين خدموا زيوس، كبير الآلهة، رُبط بالسلاسل إلى صخرة في جبال القفقاس وجُعل النسر يأكل كبده نهاراً، وزيوس يستبدلها ليلاً عقاباً له على تحدّيه بإعطائه البشرَ النارَ.

كان الجبابرة رمزاً للثورة أو مقاومة الطّغيان في القرن التاسع عشر في أوروبا.)

أيها الجبّار! الذي في عينيْه الأزلـيّـتـيْـنْ

تُـرى آلامُ الموتِ،

على حقيقتـها الكئـيـبة،

حيث ليسَتْ هي كأشياءٍ تزدريـها الآلـهةُ;

ماذا كانتْ إثابةُ معاناتِكَ؟

مكابدةً صامتةً، ومُكثَّـفةً;

الصَّخرةَ، العُقـابَ، والقـيْـدَ،

كلّ ُ ما يستطيع الشّامخُ أنْ يُحسَّ من الألم،

العذابُ الذي لا يُرِيـنَـه،

شعورُ المعاناة الخانقُ

الذي لا ينطِـقُ إلاّ في عزلتـه،

و حسودٌ بعد هذا مخافةَ أنْ يكونَ للسّماء مُصـغٍ،

ولا يتأوّه حتّى يكونَ صوتُه بلا صدى.

الجبّارُ! إيّاكَ أ ُعطِـيَ النِّضـالُ

بين المعاناة والإرادة،

اللتـيْن تعذّبان من حيثُ لا تستطيعان أنْ تقتلا;

والسَّماءُ المتعنِّـتةُ،

وطاغي القدر الأصمّ ُ،

أصلُ الكراهية الحاكمُ

الذي خلق لمـرحـه

الأشياءَ التي قد تُـفـني،

رفضَ حتّى استرحامَـك للموتِ;

الأبديّـةُ الهديّـةُ التّعيسةُ

كانتْ لكَ – وأنتَ تحمّـلتَها جيّداً.

كلّ ما عصر الرّاعد منكَ كان

ولكنّ الوعيدَ الذي بَـقِـيَ لك ألقى عليه

تباريحَ آلـةِ تعذيـبكَ;

المصيرُ الذي تنبّأتَ به يُخبِرُ أنّه جِـدُّ صحيحٍ

ولكنَّ ذلك سوف لا يهدّئـه;

وفي صمتك كانتْ إدانتُـه،

وفي روحه ندمٌ لا يُجدي،

وشرّ ٌ مستطيرٌ بمراءاةٍ جدِّ سقيمةٍ

ذلك أنَّ البروقَ ارتعشتْ في يـده.

جريمتك السَّماوية كان أن تكونَ رحيمةً،

لتسديَ أقـلَّ بمبادئك

مجموعَ الشَّـقاء البشريّ

وتقـوّيَ الإنسانَ بعقله الذي يمتلكه;

ولكنَّه مُبَـلبَـلٌ لكونك من أعلى،

لا تزال في حيويّـتِـك الصّابرة،

في التحمّـلِ، ودرءٍ

لروحكَ التي لا يُنفَـذُ إليها،

التي ما استطاعت الأرضُ ولا السّماءُ هزَّها،

درسٌ عظيمٌ ورثناه:

ولو أنَّ الفنَّ رمز وعلامةٌ

إلى أمواتٍ لمصيرهم ومقدرتهم;

مثـلُـكَ، المرءُ في جزء إلهي،

نهرٌ مضطربٌ من منبع نقيّ;

والإنسان في مراحلَ يستطيع أن يتوقّعَ

مصيرَه الجّنائـزيَّ;

تعاستَه ومقاومتَـه،

ووجودَه البائسَ المُتفكِّكَ،

إلى ما قد تعارضُ روحُـه

ذاتَها – وتعادل كلَّ المُكابدات،

وإرادة متمـاسكة، وإحساس عميق،

حتّى في التعذيب يستطيع أنْ يرى

مكافأتَـه المركَّزةَ الخاصّة،

منتصراً يتحدّى بجرأةٍ

ويجعل الموت نصراً.

——————–

من مجموعة (مختارات من الشعر العالمي – بلغة مزدوجة- عمّان 2009 )

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here