بغداد/ وائل نعمة
مع حلول مساء اليوم الإثنين سيكون أمام الحكومة العراقية 24 ساعة فقط لتنفيذ شروط داعش، بإطلاق سراح سجينات”أهل السُنة”المعتقلات لدى الحكومة، بحسب ما جاء في شريط فيديو بثه التنظيم ليلة السبت على منصّات التواصل الاجتماعي، أو يقوم بإعدام 6 مختطفين عراقيين ظهروا في الشريط.
وتأمل القيادة العسكرية أن تتمكن خلال المهلة التي حدّدها التنظيم المتطرف بثلاثة أيام بالوصول الى مكان احتجاز الرهائن الذي يعتقد بأنه في مناطق قريبة من كركوك حيث مكان حدوث عملية الاختطاف، فيما توعدت الحكومة بالمضي في جلسات محاكمة سجينات التنظيم على وفق القانون العراقي.
إلى ذلك يفترض بعض ذوي المختطفين وهم من مدينة كربلاء، الذين تعرفوا على أبنائهم في الشريط الذي بثته مواقع قريبة من داعش، أن تقوم الحكومة بتلبية مطالب المسلحين للإفراج عنهم. كما يعتزم الأهالي التوجّه الى النجف للحديث مع المراجع الدينية هناك في محاولة لإيجاد حل او الضغط على الحكومة.
وفي وقت متأخر من ليلة السبت الماضي، نشرت وكالة”أعماق”الدعائية التابعة لتنظيم داعش، شريط الفيديو عبر تطبيق”تلغرام”، هدد خلاله عناصر من التنظيم المتطرف بإعدام ستة أشخاص ما لم يتم إطلاق سراح المعتقلات خلال ثلاثة أيام.
ويشير شريط الفيديو في بدايته الى أن المعتقلين هم من عناصر الشرطة العراقية وقوات الحشد الشعبي، وقد أسرهم التنظيم على طريق بغداد ــ كركوك.
ويبدو في شريط الفيديو أن المعتقلين الستة الذين عرّف ثلاثة منهم عن أنفسهم بأنهم من كربلاء وواحد من الأنبار، قد تعرضوا للضرب المبرح. وبدا خلفهم علم التنظيم الأسود، وعنصران مسلحان أحدهما ملثم والثاني تم إخفاء وجهه بالمونتاج.
ودعا العنصر الذي أخفى وجهه في نهاية الفيديو، الحكومة العراقية الى إطلاق سراح جميع المعتقلات”من أهل السنة”خلال ثلاثة أيام، مهدّداً بإعدام المعتقلين الموجودين لديه.
ويقصد التنظيم بـ”المعتقلات من أهل السنة”نساء وزوجات الإرهابيين المعتقلات في السجون العراقية، واللواتي صدرت بحق بعضهن أحكام تتراوح بين السجن المؤبد والإعدام.
بدوره أكد العميد يحيى رسول، المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، أنه شاهد شريط الفيديو، وان هناك عمليات جارية في المنطقة للوصول الى مكان الرهائن.
وقال رسول في تصريح لـ(المدى) أمس إن”عمليات صلاح الدين وجهات استخبارية تقوم بعمليات تمشيط وبحث عن المختطفين”. واضاف:”نأمل أن نصل الى مكان المسلحين والرهائن قبل انتهاء مدة الـ3 أيام”.
ملاحقة أشباح
وعاد تنظيم داعش خلال الأسبوعين الماضيين، لتنشيط تواجده على الطريق الرابط بين بغداد وأربيل، حيث نصب حواجز وهمية جديدة هناك. واعترف التنظيم في بيانات نشرت عبر مواقع قريبة منه بأنه اختطف خلال الأيام الماضية 17 شخصا في الطريق ذاته.
ويؤكد رضا محمد كوثر، رئيس اللجنة الامنية في قضاء طوزخرماتو، وهي بلدة واقعة على الطريق، أن”داعش متواجد في مناطق شرقي الطريق الرابط مع كركوك”. وأضاف في تصريح لـ(المدى) أن”كل العمليات العسكرية التي نفذت هناك لم تعثر على أحد او حتى جثث، وعادت من دون مسك الارض”.
وظهر قبل يومين شخص في شريط فيديو بثه عبر موقع فيسبوك، قال إنه نجا من عملية اختطاف جرت مؤخراً في طريق كركوك. وقال الشخص الذي أطلق على نفسه”أبو نمر الصافي”بأن سيارة رباعية الدفع مظللة أوقفت سيارتهم على طريق كركوك وحاولت قتلهم قبل أن يفروا.
وأضاف المتحدث في الفيديو بأنهم”اختبأوا في أحد المنازل القريبة، حيث أخرج السكان أسلحتهم الشخصية لحمايتهم من المسلحين، وأكد ايضا أنهم قضوا 3 ساعات في المنطقة ولم تصل اليهم أي قوة عسكرية.
كذلك عرضت مواقع التواصل الاجتماعي، قبل يومين، صوراً لملازم في الجيش يدعى”منار مخيف العبيدي”، أثناء مواجهة مع مسلحين في الطريق ذاته مع زميل آخر له. كما تسربت معلومات عن أنّ داعش أوقف الاسبوع الماضي عجلة قادمة من بغداد باتجاه أربيل وقاموا بعزل النساء عن الرجال وخطفوا 6 رجال من عائلة شخص برتبة لواء عسكري.
تظاهرات في كربلاء
في المقابل بدأ ذوو المختطفين الثلاثة من كربلاء الذين ظهروا في شريط الفيديو بالضغط على الحكومة المحلية في المحافظة لإطلاق سراح آبائهم. من جهته يقول عضو مجلس كربلاء عقيل المسعودي”لا نملك صلاحية للسيطرة على طريق كركوك أو البحث عن الرهائن”.
وأكد المسعودي في اتصال مع (المدى) امس ان”المجلس والحكومة في كربلاء وجها خطابات الى رئيس الحكومة حيدر العبادي لإنقاذ المختطفين”. وأشار المسؤول المحلي الى أن ذوي الضحايا سيذهبون الى النجف للقاء المراجع الدينية هناك في محاولة للتعلق بأي أمل لخلاص أبنائهم.
وكان أهالي المختطفين قد عادوا يائسين من تظاهرة أقاموها السبت، أمام مبنى محافظة كربلاء لإطلاق سراح أبنائهم، بعدما أكدت لهم الحكومة المحلية أنها لا تملك صلاحيات وأنها ستقوم بنقل مطالبهم الى بغداد.
وبحسب سكان منطقة “المعملجي” وهي منطقة شعبية وسط كربلاء يسكنها الرهائن الثلاثة، فإن المختطفين هم غير منتسبين الى الحشد أو أي مؤسسة أمنية، على عكس ماوصفوا أنفسهم في الفيديو، حيث يعتقد بأنهم كانوا مجبرين على قول ذلك.
وقال أحد جيران المختطفين في اتصال مع (المدى) امس إن”أحد المختطفين كان قد جمع بعض المال لشراء سيارة من أربيل، وإن عمه وصديقه قررا مرافقته في السفرة”. وأضاف إن أهل المختطفين وهم كسبة وفقراء”يأملون أن تقوم الحكومة بإطلاق سراح السجينات أو التفاوض مع المسلحين”.
التفاوض مع المسلّحين
من جهته أكد العميد يحيى رسول أن مهمة العمليات المشتركة”إلقاء القبض على الخاطفين، وليس من صلاحيتنا التفاوض معهم”.
وقال سعد الحديثي المتحدث باسم رئيس الوزراء في تصريح لـ(المدى)، أمس إن”الحكومة لا تردّ على بيانات صادرة عن جهة إرهابية،لأنّ ليس لها أي اعتبار لدينا”.
وأضاف الحديثي إن”الحكومة ملتزمة بتطبيق القانون في حق من ارتكب جرائم من الإرهابيين وساعد في ارتكابها أيضا وفقاً للقانون العراقي”.
ولا يعرف بالتحديد عدد المعتقلات المنتميات الى”داعش”في العراق، فيما تسربت معلومات عن محاكمة 300 من الدواعش الأجانب خلال العام الحالي، بالإعدام أو السجن مدى الحياة، غالبيتهم نساء من تركيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. وتشير تقديرات”هيومين رايتس وتش”الى وجود 20 ألف معتقل متهم بالانتماء الى التنظيم.
بدوره يرفض رضا كوثر، المسؤول الأمني في شمال بغداد، أن تقوم الحكومة بإطلاق سراح السجينات، لأن ذلك بحسب رأيه”سيشجع الآخرين على مساواة الحكومة ويزيد أعمال الخطف”.
ويجد المسؤول الامني أن الحل الافضل هو ان”تهدد الحكومة بإعدام عدد من الدواعش الموجودين في السجون لردع التنظيم”.