حزب آلدّعوة “آلأسلاميّة” – ألحلقة الأخيرة

حزب آلدّعوة “آلأسلاميّة” – ألحلقة الأخيرة
نظرة من الدّاخل على الخارج:
إنّ في ذلك لذكرىً لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع و هو شهيد(1) إنّه تأريخ سُجّل بآلدّم و الدّموع والفكر ولا بُدَّ من قيده!
لقد بيّنتُ لكم خلال الحلقات السابقة إنحراف دعاة السّلطة في هذا الزمن, بعد ما إستغلوا دماء الشهداء و إسم الدّعوة لسرقة حقوق الناس مع المتحاصصين حيث بيّنتُ – خصوصاً للدّعاة الحقيقيين وإن لم يبق منهم سوى بعدد الأصابع مُغيّبين مهضومين بسبب دعاة اليوم ألأنتهازيين – الذين فسدوا في كلّ صغيرة وكبيرة وأكلوا أموال اليتامى والفقراء والمساكين بدم بارد و فوق ذلك يدّعون مساعدة اللاجئين .. وهذه المأساة تمثل حقيقة كلّ الحركات الثورية التي ظهرت و تظهر من أجل نجاة المستضعفين وعلى طول التأريخ؛ تلك (الثورات التي يُفجّرها الثورييون ويأكل ثمارها الأنتهازيون) كدعاة اليوم ألذين إستهلكوا الدّعوة والشهداء لآخر نفس و حدٍّ .. حتى تأسّف لفعالهم الأصدقاء و الغرباء .. بدل أن يستنزفوا أنفسهم لله بآلدّعوة للحقّ وأهل الحقّ والفكر والفلسفة, بحيث وصل الحال معهم لأن يسرقوا قوت الناس حيث يجمعون الأموال من المغفليين ويصرفونها لشؤونهم الخاصة بأساليب شيطانيّة و عناوين مختلفة تُختتم بإسمائهم, وكما حدث بآلأمس في قضية تأسيس مركز الشهيد الصدر بتورنتو بكندا وهذه قصة أخرى تُدمي القلب وتقرح الجفون, وتكشف مسائل كانت وكأنها مُقدّمات واقعية للأوضاع المأساوية الحالية سواءاً داخل العراق أو خارجه بسبب المنافقين الذين إدّعوا إنتمائهم للدّعوة وهم لا يعرفون حتى كيفية أداء العهد, رغم إني كشفتهم منذ الأيام الأولى بعد ترك العراق نهاية 1980م, ومشروع (مركز الصدر) ونهايته كآلآتي:

بعد وصولي لكندا كنتُ مَدَيناً بآلاف الدولارات لأناس ما زلتُ أعتز بصداقتهم رغم عدم إرتباطهم بآلدّعوة, بل العكس (حزب دعاة اليوم) ورغم إني أمّنتُ لهم رواتب سنة كاملة عام1981 من خلال المعرض الذي أقمته بطهران قد أداروا ظهورهم بعد ما نهبوا تلك الأموال المليونيّة وكما بيّنتُ تفاصيلها في الحلقات السابقة – أعتقد ضمن الحلقة الثالثة – لكن الله مع المخلصين دائماً .. على كلّ حال وصلتُ كندا منهكاَ وبدأت بآلعمل منذ اليوم الثاني لوصولي الفندق الكائن في شارع كنكستون بتورنتو, بعد ما تعرفت على مهندس إيرانيّ وطلبت مساعدته للعمل, حيث ذهبت معه في اليوم التالي بسيارته لموقع العمل ضمن شركة كندية, وعملت حتى دخولي المستشفى قبل عشرة أعوام بسبب أصابات أساسية أحمد الله عليها – لأعتقادي بأن البلاء للمؤمن نعمة و النعمة بمثابة المصيبة!

أتذكر أنني طلبت من احد المدّعين في البداية قرضا لتسديد ديوني التي وعدت أصحابها بتسديدها حال وصولي لكندا وقول المؤمن فعل؛ لكن ذلك (المنافق) و رغم أفضالي الكثيرة عليه أيام وجوده في بلادنا, قال لي: [لا أريد أن أفتقد صداقتك], بمعنى أنه لو داينني فأني لن أردّ له دينه و تنتهي علاقتنا – هكذا وبكل قباحه و وقاحة و بلا حياء واجهني ونسى ذلك آلمُعيدي ألأحسان والأفضال بحقه في لحظة تأريخية كانت قاسية عليَّنا, لكن وبفضل الله إستطعتُ أن أعمل بكلّ طاقتي و كنتُ أحياناً أتقاضى 50 دولارا في الساعة حتى سددت ديوني و أكثر في غضون شهر أو شهرين وفوق ذلك إحتاجني ذلك المنافق مرات عديدة و هو يتوسل لمساعدته في إيجاد عمل له لأنه كان على الدوام مستهلكا, بل وفقني الله لأن أكون عوناً لمساعدة خمسين عائلة عراقية من آلأقرباء والأصدقاء كرواتب شهرية بسبب الحصار الأمريكي – الصدامي وقدمت مساعدات لمركز الهدى بآلاف الدولارات, المهم, كنتُ في كل ليلة خميس أحضر لمسجد الرسول الأعظم(ص) لقراءة دعاء كميل وأحيانا ًكنتُ أحاضر للأخوة من رفحا في بيت الأخ علاء التريجي (رجع للعراق) وغيره بدعوة منهم!

تعرّفت, بل تعرّفَ علينا الشيخ الصيمري(رحمه) وآخرين من (دعاة اليوم) من الذين كانوا يحضرون المسجد الذي أسسّه الحاج المؤمن أبو عارف العليّ الذي منع سبّ النظام البعثي بحسب ما قاله دعاة اليوم و لم أسمع منه شخصياً ذلك, على كلّ حال ربما كان للرجل أعذاره وهي مسألة تخصه ولهذا السبب وغيره كنتُ أعتقد بأن بذور العلم و المعرفة لا يُمكن زرعها إلا في مكان آخر رغم تعاون السيد أبو صادق العليّ مع مشروعنا, ففاتحت الأخ المؤمن المجاهد (أبو علي الشبيب) الذي وحده كان عقائدياً وذو خلق عال يرتقي لأخلاق دعاة الأمس و البقية لم أكن أرتاح لهم بسبب بُعدهم عن الدّعوة الحقيقية و قد أثبتَ الواقع ذلك فيما بعد وسأبيّن لكم الحقيقة تفصيلا .. حيث قلتُ لذلك الأخ المجاهد الذي كان قد عرفني؛ [هل أنتم حقّاً دعاةٌ لله يا أبو عليّ؟] قال إن شاء الله, قلت: إذاً لا بدّ من بيان الحقيقة للناس, و يتطلب ذلك مكاناً أنسب يليق بذلك .. و صاحب هذا المسجد على ما يبدو له تبريراته التي تمنعه من آلنشاط السياسي, لذا بإمكانكم فتح مركز آخر لينطلق منه النشاط الدعووي مع الأحتفاظ بعلاقاتنا الطيبة مع هذا المسجد والقرآ، يحثنا على فتح المزيد من المساجد لله؟
حيث رحبّ الرجل وإستحسن إقتراحنا و فرح خصوصا بعد ما نقلتُ له حديث الرسول:[من أكْرّمَ غنياً لغناه ذهب ثلثا دينه] وقال سأفاتح الأخوة الآخرين بهذا المشروع وإن شاء الله سنفعل ذلك, على كل حال بعد مرور أشهر بدأت الجلسات و المباحثات لشراء أو لإستئجار مركز باسم (مركز الشهيد الصدر), و بآلفعل تمّ إبتداءاً إستئجار مكان للمركز و بعد جهود وتبرعات سخية تمّ شراء مركز في تورنتو بعد أن جمعنا في ليلة واحدة بحدود 350 ألف دولار, المهم و قبل البدء بآلعمل أكملت المنهج الداخلي للمركز و كان مكوناً من 20 صفحة و أكثر من 50 بنداً مع ورقة العضوية, كانت أهمّ تلك البنود الأساسية تؤكد على بناء مدرسة إسلامية وأقساماً أخرى للرياضة و الفن و الفعاليات و النشاطات المختلفة مع صالة للصلاة و العبادة والمحاضرات بحسب وصيّة السيد محمد حسين فضل الله بكون المدرسة أهمّ!
ألمسألة الأساسية التي ركّزت عليها من البداية هي مسألة إدارة الأموال و كما قلتُ لاعضاء اللجنة المركزية التي كانت مكونة من خمسة أعضاء بأن أهم و أخطر مسألة في هذا المشروع هي كيفية تداولها و إدارتها, ورجوتهم بأن يختاروا 3 أعضاء أمناء أكفاء من اللجنة للأشراف عليها ورفضت أن أكون أحدهم إبتداءاً, كي نبعد الشبهات و التهم و الفساد عن هذه المسألة الحساسة و البقية سهلة بإذن الله و أنا كفيل بإنجازها وإدارتها جميعاً لأنها تمثل جانباً هامّاً من حياة الناس و مستقبل أبناء الجالية في المجتمع الغربي الذي أفسد معظم الشباب!
بإختصار وجيز؛ ألذي حصل بعد عدّة إجتماعات للجنة المركزية, هو تفرّد بعض (دعاة اليوم) بآلقرارات و آلتصرف في الأموال بحسب مرامهم و رأيهم, و حين سألت في إحدى الجلسات عن مصير الأقتراح بشأن إدارة ألأموال التي تعود ملكيتها للناس اساساً ووجوب الحفاظ عليها؛ لكني لم أسمع جوابا, بل بدأ الّلمَز و الهُمز, وحاولت أكثر من مرّة لكن المسألة بقيت غامضة و كأنها سرّ, حتى إنزعجت منهم و أسمعتهم كلاماً قوياً و واقعيّاً : بكون التبرعات التي حصلنا عليها نتيجة ثقة الناس بنا ويُفترض بكم أن تكونوا أمناء عليها لتحقيق الأهداف المعلنة بشأن المدرسة وآلنشاطات الأخرى, عندها طلبتُ إجتماعاً بحضور جميع أعضاء اللجنة في أحدى الأمسيات بعد إنتهاء مراسم الدعاء؛ و قلت لهم؛ حدّي معكم إلى هنا, لأسباب موضوعية بدأت تقلقني .. منها مسألة الأموال وكيفية الأشراف والتصرف بها لأنها أمانة الناس المتبرعين لأجل تعليم أبنائهم هنا في تورنتو بكندا و ليست ملك أحد ليتصرف بها كيفما يشاء, و كذلك سير برامج المركز وقضايا الأستثمار, حيث بدى لي و كأنكم غير جادّين و كفوئين في تنفيذ هذا المشروع حتى بدت نهايتهُ واضحة تتجه للفشل, على كل حال تمنيتُ لهم التوفيق وتركتُ عنواني و رقمي وقلت: إذا إستعصت عليكم مسألة من المسائل فأنا كفيل بحلها بإذن الله لكن قبل فوات الأوان رجاءاً و سأبقى بدوري أتبرع للمركز كل شهر كالسابق إن شاء الله حيث كنت أتبرع بـ 50 دولاراً شهريا بجانب التبرعات النقدية حتى تمّ إغلاقه كما توقعت من قبل المنافقين في نهاية المطاف عام 2008م على ما أتذكر بعد بيعهُ وتأجير محل آخر في تورنتو.
إستمر المركز الذي إشتريناه لأكثر من سنة, و باتت زياراتي لهم موسمية تقريباً لعدم وجود كفاآت يُمكن العمل معها, سوى دعاة اليوم ألأميين الذين خرّبوا كل شيئ, حتى تلك الأموال التي جمعناها بشق الأنفس و كما يقول المثل: [المايعرف تدابيره؛ حنطة تاكل إشعيره]! حيث تمّ إستخدام ما تبقى من تلك الأموال على المجالس و المناسبات الموسمية و الأجارات و الضرائب و ما إلى ذلك لعدم كفاءة الذين لم تكن نواياهم خالصة لله لخدمة الناس بحسب المنشور الأساسيّ الذي كتبتهُ إكراماً لأستاذي الصدر بآلتفصيل, هذا الرمز الذي أساء له دعاة اليوم بكل وقاحة وبلا حياء ولم يعد يهمهم كرامة دماء الشهداء سوى بطونهم وما يدخل جيوبهم من الرّواتب والاموال الحرام حتى كشف الله خيانتهم بعد السقوط حين سرقوا الملايين من الدولارات علناً ثم سكنوا أمريكا و أوربا و دول الخليج بلا خوف أو وجل و كأنهم نسوا أو تناسوا بأن القيامة الكبرى بإنتظارهم لا محال وبعد خراب البلاد والعباد جائني بعضهم أخيراً يتوسل بإستلام ما تبقى من أموال المركز ورفضت حيث صرفوا بحدود 300 ألف دولار منها! المشكلة أن بعض العراقيين الذين تبرّعوا بمبالغ كبيرة منهم من تبرع بعشرة آلاف دولار و خمسة آلاف دولار قد جاؤوا يُعاتبونني فيما بعد على ما حلّ بمصير تبرعاتهم, حتى تصادمت مع أحدهم وهو نجفيّ بعد ما قال: [أنتم يا حزب الدعوة أخذتم أموالنا لتفتحوا مدرسة لأبنائنا فأين المدرسة]؟ فأمّا أنْ تؤسسوا لنا مدرسة إسلامية أو تُرجعوا أموالنا لانها تعتبر منهوبة و حرام عليكم؛ قلتُ له: أنا برئ ممّا حصل .. لقد دخلتُ معهم في اللجنة لإدارة المشروع بادئ الأمر لظني أنهم (دعاة حقيقيين) لكني إنسحبت لمجرد إحساسي بأنّ الجماعة أمرهم مُريب وليسوا دعاة لله بل لم ينتموا للدعوة الحقيقة يوماً؛ بل دعاة لأنفسهم و جيوبهم والله الأعلم بآلنيات وبقية ألأموال أخذها شيخهم للناصرية بحسب ما سمعت! بل وفوق ذلك و بعد خراب البلاد و العباد والمدرسة .. كان بعض المتبقين من دعاة اليوم الذين أكنُّ لبعضهم “بعض الأحترام” يشرفون على أدارته حيث دعاني أحدهم لألقاء المحاضرات عليهم وإحياء المناسبات الدينية و الفكرية و الفلسفية لاأكثر ورغم عدم تجاوب أكثرهم مع المحاضرات التي كنتُ ألقيها, لأنهم كما اكثر العراقيين لا يستسيغون الفكر سوى الشكليات و اللطميات و التقريرات من قبيل قال فلان وجلس علان ولبس فلتان, و لا يعرفون شيئا عن الفكر الذي هو أساس كل شيئ حضاري و مدني و تكنولوجي بل ويكرهون الفكر وآلمفكريين, ولا يعلمون بأنه لا يمكن أن تبني حتى بيتاً بشكل فني و مدني جميل بدون الفكر وآلمعرفة وآلحضارة, و تلك هي مصيبة كل العراقيين و العرب و ليس الدعاة فقط الذين لا حظ لهم في هذا المجال؛ للدرجة التي أحياناً كان بعضهم يسألني مستنكراً بعد إنتهاء المحاضرة ؛ وماذا قلت في محاضرتك؟ نحن لم نفهم منها شيئا! لأنهم لم يكونوا قد تعلموا المبادئ الفلسفية والفكرية و التأريخية والحركية ولا الأخلاقية الصحيحة اساساً, سوى مفاهيم إلتقاطية من هنا وهناك, لهذا وصل الحال بهم لئن ينبذهم الشعب بعد 15عاما من الحكم لتصرفاتهم الجاهلية وفسادهم الذي خلّف الفقر والبغض والكراهية لهم ولدعوتهم الباطلة التي خرّبت تأريخ الدعوة و دماء الشهداء الذين ضحّوا لأجل العدالة والمساواة, و ألجّدير بآلذكر ونتيجة حماقة و خسة (دعاة اليوم) وبآلذات من كان يُحارب وجود و بقاء (مركز الشهيد الصدر) بتورنتو مفتوحاً بدعوى التكاليف بينما بعضهم لم يدفع سنتا له مدّعياً بوجوب التعويض عنه بآلرجوع لجامع الرسول الأعظم, يعني العودة للمربع الأول الذي تركناه قبل عقدين لأسباب منطقية وهذا الشخص المُحارب المنافق لنهج آلشهيد الصدر الذي سعى مستميتاً لأغلاقه ليس فقط لم يتبرع يوماً بدرهم بل كان من أوئل المتصدين بعدم الحضور للمسجد بعد غلق المركز, وحين سألته يوماً والجماعة التي كانت تدور معه في الأسواق و المقاهي ومجالس قوميات أخرى لا يفهمون لغتها و ثقافتها لأجل عشاء أو قهوة: سألتهم لماذا لا تحضرون جلسات (المنتدى الفكري) بعد ما أغلقتم مركز الشهيد المظلوم؟ كان الجواب أقبح من الفعل وينضح بآلكذب والجهل وهو: (والله الوقت غير مناسب؛ والله ملتهين وما ينطون عشاء) ممّا دلّ ويدل على عمق المأساة الفكرية والعقائدية التي إبتلوا بها والعراقيين حتى وصل الحال بهم وبالبعثيين إلى النفق المسدود والقادم أعظم وأخطر خصوصا بعد تأكدي بأنهم لا يعرفون حتى (فلسفة السلام وأصل السلام ومعنى السلام الذي هو عنوان الأسلام) وآلمشتكى لله.
ختاما : أسأله تعالى أن يهديهم خصوصا المنافقين منهم الذين تصدوا لنهج الصدر بآلأمس و قتلوا فكره بجهلهم و جشعهم وصاروا صدريين اليوم للرواتب الحرام, بينما صدام على أجرامه لم يقتل سوى جسد الصدر. الفيلسوف الكوني : عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة الذاريات(37).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here