طبيب عالج نساء تعرضن للاغتصاب في الكونغو يشارك أيزيديات تجربته

في معبد لالش المقدس لدى الطائفية الأيزيدية في العراق، يثني الطبيب الكونغولي دينيس ماكويغي على الزعيم الروحي للأقلية الدينية، لرفضه تشويه سعمة نساء طائفته اللواتي كن سبايا واستعبدهن تنظيم الدولة الإسلامية جنسيا.

ويشد ماكويغي بحرارة على يد بابا شيخ ذي اللحية البيضاء ببياض ثيابه وعمامته، جالسا على فراش بألوان زاهية في فناء معبد لالش بقبتيه المخروطيتين اللتين ترمزان إلى السفر بين الأرض والسماء.

ويقول ماكويغي، الطبيب النسائي الذي عالج بلا كلل على مدى 20 عاما نساء تعرضن لهذا النوع من الاضطهاد والاغتصاب الجماعي خلال حرب الكونغو الثانية (1998-2003) داخل مشفاه في بانزي، “جئت إلى هنا لمقابلته (بابا شيخ)، لأن في مجتمعات عدة، عندما تغتصب النساء، ينبذن ويوصمن بالعار”.

ويضيف الطبيب البالغ من العمر 63 عاما لوكالة فرانس برس أن “بابا شيخ قال إننا كلنا بشر ولا ينبغي وصم المرأة بالعار بعد ما عانته، وهذا الموقف لا يخص الأيزيديات فقط، بل العالم أجمع”.

ويتابع “بفضل هذا الموقف، يمكن للأيزيديات الإدلاء بشهاداتهن (…) يمكنهن كنساء كسر الصمت”.

وبحسب أرقام الأوقاف في إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي، لا يزال نحو نصف الأيزيديين الذين خطفهم تنظيم الدولة الإسلامية قبل ثلاث سنوات بيد الجماعة الجهادية أو في عداد المفقودين.

ومنذ الثالث من آب/أغسطس العام 2014، لدى دخول تنظيم الدولة الإسلامية إلى قضاء سنجار، معقل الطائفة الأيزيدية، وحتى الأول من كانون الأول/ديسمبر 2017، أحصي إنقاذ أو فرار 3207 أيزيديين من أصل 6417 خطفهم التنظيم في سنجار.

وعدد الذين ما زالوا بيد التنظيم هو 3210، بينهم 1507 نساء و1703 رجال، من ضمنهم أطفال لم يتم تحديد عددهم، بحسب المصدر نفسه.

– “تغيير الألم إلى قوة” –

وخسر تنظيم الدولة الإسلامية السيطرة على جميع المناطق المأهولة بالسكان في العراق، وفرّ عدد من عناصره في الصحراء الغربية أو انتقلوا إلى سوريا المجاورة.

وإضافة إلى عمليات الخطف، أقدم الجهاديون على قتل آلاف الأيزيديين، الذين يعتبرهم “كفارا”.

وجاء ماكويغي إلى العراق بدعوة من منظمة “يازدا” غير الحكومية التي تأسست في العام 2014 لمساعدة النساء الأيزيديات اللواتي تعرضن لصدمات جراء الأهوال التي مررن بها.

ويوضح الطبيب الكونغولي “جئت لمشاركة تجاربنا، وهناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن نتعلمها. ويجب أن يعرف العالم عمليات الاغتصاب التي عانين منها. ما حدث هنا هو إبادة جماعية”.

ويضيف “نحن منظمة صغيرة، لكننا عالجنا 50 ألف امرأة في عيادتي. جئت الى العراق أيضا لنوحدّ قوانا لمحاربة الاغتصاب كسلاح حرب. عندما يحدث ذلك، لا يجب أن نقول إنه حصل في العراق أو الكونغو أو كولومبيا أو كوريا، بل يجب القول إن إنسانيتنا هي التي تعرضت للإساءة”.

وشارك ماكويغي الاثنين في ورشة عمل في دهوك بكردستان العراق، لتبادل الخبرات مع أولئك الذين يعملون على إعادة تأهيل الأيزيديات ضحايا الاغتصاب.

وتشير نغم علوكا، العضو في منظمة “يازدا”، الى أنه بعد التدريب، “أصبحت لدينا فكرة عما فعلوه في مجتمعهم (في الكونغو) من أجل وضع هذه التجربة لاحقا موضع التنفيذ في مجتمعنا من خلال الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي والقانوني” للنساء.

وتضيف “أردت أن أرى كيف يساعدون النساء على بناء أنفسهن من خلال منحهن القدرة والسلطة على مواجهة عالم اليوم والمطالبة بحقوقهن”.

داخل غرفة، يستمع الطبيب ويدون ملاحظات المشاركين وينصحهم.

وتقول علوكا “أردت أن أخوض التجرية، ثم أحضرها إلى مجتمعي لمساعدة النساء اللواتي كن في قبضة داعش ونجَون، لإعادة بناء أنفسهن وتغيير هذا الألم إلى قوة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here