طريق المجد للشباب، (حلقة ثقافية)، لا تضرب الأعرج (اقتباس)

د. رضا العطار

تدل الامثال الجارية في الأمة على اتجاهها النفسي وذكائها الشعبي وعلى انها راشدة او قاصرة خسيسة ام بليدة.

ومن اجمل الامثال التي عثرت عليها مثل هندي يقول: لا تضرب الاعرج. ويقابله مثل صيني يقول: احترم العبْ.

وهذان المثلان يدلان على النفس الطيبة، تلك النفس التي لا تمتاز بالمهارة والذكاء ولكن تمتاز بالعقل الحساس، الذي ينزع بصاحبه الى المروءة والشهامة من غير قصد الى مصلحة ذاتية او مآرب من النهب والخطف. نحتاج اشد الحاجة الى الرجل الطيب الذي يذكرنا بالمرؤءة والشهامة.

يقول المثل الذي يقول: لا (تضرب الاعرج) اي لا تستغل عجزه كي تنتفع بقوتك، فتقهره وتستعلي عليه.
ويدعونا المثل الصيني الى ان (نحترم العبء) فيجب ان نقف كي تقعد المرأة الحامل، او التي تحمل رضيعها، بل يجب ان نخفف عن الحيوان بعض اعبائه ولا نثقل عليه بحملنا فوق عبئه.

يجب ان تكون لنا نفسا حساسة، فلا نقول للفقير انه عاجز، ولا للعانس انها دميمة، ولا نسب الخادم، ولا نحتقر المسن الواهن. وهذه عادات تعزوها الى المرؤءة والشهامة، وهي لا نحتاج إلا الى ان نكون طيبين.
ان شباب هذه الايام يطلبون النجاح وينشدون السعادة، وهذا خير، ولكن بشرط الا ينسوا الطيبة، حتى ولو اعترضت النجاح اوالسعادة، وعاقته بعض الشيء، فقد ننجح، ولكننا نبقى مع ذلك اوباشا اخساء. وقد نتوهم السعادة مع اننا لا نتمتع الا بما يتمتع به الحيوان. من ملذات مادية. ولكن الطيبة هي صفة النفس الانسانية، اي النفس النفيسة، التي تعلو على النجاح والسعادة. بل هي في آخر الامر اسمى انواع النجاح والسعادة.

ونحن قد نستغش الذكي الناجح، لكننا نأتمن الرجل الطيب في اي مكان، لان الاول قد يكون انانيا او وصل الى غايته عن طريق الخطف والعدوان، اما الثاني فقد مارس المرؤءة والشهامة واستضاء بالحب وربى نفسه على الاحساس بألام الاخرين.

* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للكاتب الموسوعي سلامة موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here