ابو نؤاس في سطور ! * د. رضا العطار
يهجو الشاعر في القصيدة التالية ابراهيم نظام, شيخ المعتزلة في عصره الذي يلومه على مجونه, وهنا يردّه ابو نؤاس على لومه مستنكرا اياه، لأن شأن الذي يُلام على امر ما، ان يزداد ولعا واغراء به (فأن اللّوم اغراء !). ولم يرى ابونؤاس من دواء مُجد لداء الادمان الاّ الاغراق فيه، متحديا لائمه لأن النفس البشرية ترغب فيما هو محرًم.
دع عنك لومي فأن اللوم اغراء * * وداوني بالتي كانت هي الداء
صفراء لا تنزل الاحزان ساحتها * * لو مسّها حجر مسّته سرّاء
من كفّ ذات حر في زيّ ذي ذكر * * لها محبان مهلوف وزنّاء
قامت بأبريقها والليل معتكر * * فلاح من وجهها في البيت لألاء
فأرسلت من فم الأبريق صافية * * كأنما اخذها بالعين اغفاء
رقت عن الماء حتى ما يلائمها * * لطافة , وجفا عن شكلها الماء
فلو مزجت بها نورا لمازجها * * حتى تولد انوارا واضواء
دارت على فتية دان الزمان لهم * * فما يصيبهم الاّ بما شاؤوا
لتلك ابكي ولا ابكي لمنزلة * * كانت تحل بها هند واسماء
حاشا لدرة ان تبنى الخيام لها * * وان تروح عليها الأبل والشاء
فقل لمن يدّعي في العلم فلسفة * * حفظت شيئا وغابت عنك اشياء
لا تحظر العفو ان كنت امرا حرجا * * فأن حظرته في الدين ازراء
ومن تراثنا الجميل يقدم لنا ابو نؤاس النظم التالي الذي قيل قبل اثنى عشر قرنا :
شمّر شبابك في قتلي وتعذيبي * * فقد لبست ثوب الحسن والطيب
عيناي تشهد اني عاشق لكم * * يادمية صوروها في المحاريب
جربت منك امورا صدعت كبدي * * نعم واودت بما تحت الجلابيب
افهم , فديتك بيتا سائرا مثلا * * من اول كان ياتي بالاعاجيب
لا تحمدن امرا من غير تجربة * * ولا تذمنّه الا بتجريب
وقهوة مثل عين الديك صافية * * من خمر عانة او من خمر السيب
كأن احداقها والماء يقرعها * * في ساحة الكأس , احداق اليعاسيب
يسعى بها مثل قرن الشمس ذو كفل * * يشفي الضجيع بذي ظلم وتشنيب
كأنه كلما حاولت نائله * * ذو نخوة ناشئ بين الاعاريب
يسطو عليّ بحسن لست انكره * * يامن رأى حملا يسطو على ذيب
* مقتبس من ديوان ابي نؤاس لعمر فاروق الطباع دار نشر الارقم بيروت 1998
الحلقة التالية في الاسبوع القادم
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط