عراقنـا وفقدان الفرص

محمـد الموسـوي
30-6-2018
جرت الانتخابات البرلمانية في الثاني عشر من ايـار الماضي ومازلنا ننتظر النتائج النهائية التي لم يحدد لصدورها تاريخ وهذا غير ممكن او يعقل حصوله في اية دولة تحترم دستورها ونظامها الانتخابي فحين خسر مقاعدهم كما يبدو172 نائبا من البرلمان الكسيح السابق ولكنهم يرفضون الاعتراف بخسارتهم بحجة ما جرى من تزوير في هذه الانتخابات والسؤال الاول هو هل كانت دورات الانتخابات البرلمانية السابقة خالية من التزوير ثم الم يشكل البرلمان المنتهية صلاحيته نفسه هذه المفوضية الغير مستقلة التي اجرت الانتخابات ووفق قواعد المحاصصة المخزية التي استمرت الاحزاب الطائفية على اساسها في الحكم طيلة السنوات الخمسة عشر الماضية.
ان الانتخابات الحالية اختلفت عن سابقاتها اذ انخفضت نسبة المشاركة المعلنة الى ما يتجاوز الاربعين بالمائة بقليل مقارنة بنسب مشاركة سابقة تجاوزت الستين بالمائة رغم ان نسبة المشاركة الفعلية في مناطق الوسط والجنوب قد تكون اقل من ثلاثين بالمائة وان دلالة ذلك هو ان ثلثي الناخبين فقدوا الامل وصوتوا بأقدامهم تدوس على الطبقة السياسية الحاكمة ورغم عدم اتفاقي مع مقاطعة الانتخابات لأنه فعل سلبي لا يثمر او يحقق النتيجة المطلوبة تغيير الوضع نحو الاحسن ولكنه رسالة هامة لا ينبغي ان ننسى مغزاها ولكن المتحكمين بالسلطة سلكوا نهجا عكس غبائهم وعدم استيعابهم للرسالة التي حاول الناخبين ايصالها اي بدلا من ان يتوجهوا نحو اصلاح وطني حقيقي نجدهم عادوا من جديد الى تخندقاتهم الطائفية ومحاولة الاستمرار بنهج المحاصصة الفاشل المدمر للعراق والمستند على الارادات الخارجية ووفقا لمصالحهم الشخصية الدنيئة
لقد اثبتت الطغمة الحاكمة انها لا تهتم الا بمصالحها الانانية الذاتية دون وازع من ضمير او اي حرص على مستقبل البلد الذي يعاني شعبه الويلات والخيبات المتوالية منذ اكثر من اربعين عـامـا وتسير اموره من سيء الى اسوأ رغم وجود الامكانيات المادية والكفاءات البشرية التي بإمكانها ان تضع العراق على عتبة تحقيق التقدم وحل المعضلات المتراكمة في كافة مجالات الحياة والعمل الحثيث بدل الكلام الكاذب المعسول عن الاصلاح ومحاربة الفساد الذي اصبح تكراره مملا ومثيرا للسخرية
يبدو لي ان التخبط الحالي والذي تشارك فيه السلطات الثلاثة اي التشريعية والتنفيذية والقضائية والذي يدل على فشل وفساد وصل حدودا مخزية بحيث اصبح البلد مثار السخرية ووصل فقدان الامل بهذه العملية السياسية حدا يتطلب ان يهب الناس ليعلنوا سخطهم واستنكارهم بكل وسائل الاحتجاج الممكنة ولا ندري الى متى يتحمل الشعب كل هذا الفشل والفساد والاستهتار بمقدراته وحاجاته الملحة في كافة مجالات الحياة وفي مقدمتها الامن والكهرباء والصحة والتعليم وتوفير فرص العمل لملايين العاطلين وفي مقدمتهم مئات الالاف من خريجي الكليات
لقد شاهدنا خلال الاسابيع المنصرمة احداثا غريبة وعجيبة ففجأة صحا البرلمان من غيبوبته واخذ يصدر القوانين “عامي شامي” التي لا تصب الا في مصلحة اعضائه الخسرانين – رغم عدم وجود امل حقيقي بغالبية النواب الجدد بسبب فوزهم من نفس الكتل والاحزاب الطائفية والقومية التي تقاسمت نهب خيرات البلد دون تقديم اية انجازات تذكر- واذا اعتبرنا القضاء على داعش نصرا وهو كذلك فاين محاسبة ومحاكمة المجرمين الذين سببوا الهزيمة وتسليم ثلاثة محافظات لداعش لتسبب كل الكوارث والماسي لأبناء العراق من كافة المكونات في محافظات الموصل والانبار وصلاح الدين ومتى تحين ساعة الحساب ثم كيف تحقق النصر الا بتضحيات الالاف من الشهداء وبتدمير مدينة الموصل القديمة بكنائسها وجوامعها واثارها وازقتها وتاريخها العريق
كان هناك بصيص امل ضعيف باحتمال ان تبدا مرحلة الحكومة الجديدة ببعض الخطوات على طريق الاصلاح ومحاربة الفساد والابتعاد عن نهج المحاصصة والطائفية ولكن ما شاهدناه في الاسابيع المنصرمة منذ الانتخابات اثبت ان التشبث بالسلطة والتلاعب بمستقبل العراق ليس له حدود لدى هؤلاء الفاشلين الفاسدين ونجد خفوت ذلك البصيص الضئيل يوما بعد يوم بل حتى ساعة بعد ساعة واتمنى ان لا تكون الايام القادمة اكثر قتامة من السنوات التي مضت والتي فقد العراق فيها فرصة استخدام اكثر من الف مليار دولار دخلت لخزينة العراق وتم نهبها دون تحقيق انجاز واحد بل ازداد الوطن وخاصة بعد داعش خرابا ودمارا ويمكن ان يضاف له عطشا ايضا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here