فصـلٌ مــن حيــــاتي
عبد صبري أبو ربيع
أنا لا اعرف يوم مولدي
وعلى أي ارض ٍ كان موعدي
قالت لي أمي ياذا الشعر الأشقر
والان لون شعري كستنائي
وقد شاب شعري وحتى المعضد
كنت أراه سجناً رهيباً
معتقلاً من الأسلاك
رجالٌ فيه من مختلف العقول والقيم
سياسيون .. مجرمون
وكثير منهم بريئون
وكنت يوماً على يديه
في النهر
علمني والدي السباحة
وكيف أنجو من الشباك
وعلمني كيف أكون صبياً
شجاع العراكِ
وكان والدي حارساً
على زعيم الشعب فهدٌ
شيوعي متين الهدف والمقصد
كنت بين يديه ألعب
أهداني قبعة عليها حمامة السلام
ويوماً أخذوه الى المشنقة
ورجال معه أفذاذ أقوياء المعتقد
ثم رأيت نفسي في مدينة البرتقال
أشم أنفاسها كأنها لمسة المسك
كانت حبيبتي ناديه
بين اعراش العنب والمشمش
ونخيل التمر
والطريق كان لنا ملعباً
وقصة من العشق
أخذني الطريق مرة أخرى
وكلبتي تركض خلف السيارة
تعوي كأنها تقول
أتتركوني غربية بلا دار ؟
ثم ارتقينا الجسر
ورائحة الأسماك تنهش بالصدر
يا دار أهلي عدنا تارة أخرى
بسلطة القهر
ونسيت ماذا أنا وكنت لا ادري
أي الأماكن التي فيها سحري ؟
ورجعنا مرة أخرى الى دار السلام
كل مرة يُنقل والدي بسبب
أبناء السلام
رأيتها مرة أخرى
وبين انفاسها لذة الخمر
وشهقة الصبا والعمر
لعبت بيّ الأهواء
وفرقت بيني وبينها ألسنة الدهر
قتلتني الهموم ومرارة الفراق
صحت أيها الكرخ يا دار حبي
يا دار ناديه يا أجمل من الورد
لها رسمٌ مطبوع بين القلب والصدر
كيف أنساها وقد ملئت الدار بالشعر
كتبت رسائل لم يقرئها سوى ثغري
ورجعت الى دار الأهل
أحمل أثقال دهري
وقلت سأسافر حتى ملتقى البحر
وقيدتني أمي بجميلة الخد
فأكلتني السنين
والعمر كالرياح يسري
ولوعة في صدري
لم تشأ أن تبرد
لأنها أحر من الجمر