عدالة جميع الصحابة محال لايقره القران ولا العقل

نعيم الهاشمي الخفاجي

بطبيعة البشر لايمكن ان يكون الجميع على مستوى واحد من التفكير والعدل والانسانية بل في العائلة الواحدة تجد الجيد المؤمن وتجد فرد اخر من نفس العائلة سيء، لربما تجد في كل مجتمع فئة قليلة تكون هذه الفئة لها خصوصية ان يكونون ذات اطباع جيدة ونفوسهم صافية بعيدة كل نزعة الاستعلاء والظلم للاخرين، الرسول محمد ص بعث نذيرا وبشيرا للانسانية جميعا، ولد ونشأ في مجتمع كان بوقته مجتمع جاهلي غير متجانس تجد منهم عبدة الاصنام ويمارسون الموبقات والرذائل فهداهم الله سبحانه من خلال الرسول محمد ص الى الاسلام والبشر الذي اسلم بذلك الوقت هو نفس البشر الحالي ولم يكن الجميع منزه ومن صنف الملائكة، لذلك عندما اسلم الصحابة نزلت ايات قرانية كثيرة لامور فعلها المسلمون ونزل بسبب افعالهم هذه ايات قرآنية سواء كانت في الايجاب او النهي وفضح النفوس الضعيفة، الشيعة لايكفرون الصحابة هذه كذبة كبرى وانما ينقدون بعض تصرفات الصحابة والنقد ليس تكفير والعياذ بالله والحقيقة نختصر الطريق ولانريد ندخل في مساجلات بعيدة كل البعد عن الحقيقة ننقل جانب من الاحداث حول نظرة الشيعة ونظرة السنة للصحابة ونتطرق لجانب من بعض السلوكيات التي حدثت والغاية ليست عمل محكمة للتاريخ بقدر اننا نكشف الحقائق الى من يريد ان يبحث عن الحقيقة ويريد ان يعرف حقيقة رأي الشيعة الجعفرية للصحابة الكرام مع سرد لبعض الايات من الذكر الحكيم ونأمل من الاخوة القراء قراءة ما نذكره وعليهم التأكد من صدق الاحاديث التي نتقلها ونحن غير ملزمين بمن يريد ان يضعف الحديث لاسباب وحقد طائفي نحن عندما نشير للحديث للدالة لا اكثر لانه نحن الشيعة الامامية لدينا احاديث كثيرة تطرقت لكل الامور الخلافية وانا لم انقل اي حديث من الطرف الشيعي واختصر كلامي على احاديث الطرف السني فقط لنثبت للاخرين ان مذهب الشيعة الجعفرية يثبت احقيته من كتب خصومه واعدائه،
نضع اليكم بحث للاستاذ الدكتور الفلسطيني اسعد وحيد القاسم وهو خير ما كتب في دفع الشبهات والاتهامات الكاذبة ضد الشيعة.
عدالة الصحابةإن مسألة الصحابة ودرجة عدالتهم هي من المسائل المختلف عليها بين أهل السنة والشيعة، ومن أكثرها حساسية، فأهل السنة يرون الصحابة جميعهم عدولاً لا يتطرق إليهم الجرح، ولا يجوز نقدهم أو الشك فيما يروونه من حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، وهم بذلك يلتزمون بكل ما رواه الصحابي.والصحابي عند أهل السنة ـ كما ذكر النووي في مقدمة شرحه على صحيح مسلم ـ هو: “كل مسلم رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولو لحظة، وهذا هو الصحيح في حده، وهو مذهب ابن حنبل والبخاري في صحيحه والمحدثين كافة” (1).____________1- صحيح مسلم بشرح النووي ج1 ص35.الصفحة 108وأمّا الشيعة فإنّهم يرون أنّ الصحابة لم يكونوا على درجة واحدة من العدالة، وهم معرضون للجرح والنقد مستندين في ذلك إلى أدلة دامغة من الكتاب الكريم والسنة المطهرة، وأمّا ما يفترى به على الشيعة بأنّهم يكفرون جميع الصحابة بالإضافة إلى سبّهم ولعنهم ما هو إلاّ كذب صارخ، فنقد الصحابي لا يعني تكفيراً له كما يشيع بهﻻ الالحمقى ، وإذا كان ذلك النقد مبنياً على الأدلة المقنعة، فلماذا الغضب وكل هذه الضجة؟ففي الصحابة مؤمنون أثنى الله عليهم في القرآن الكريم بقوله: ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة…)(1)، فكما ذكر العلامة لطف الله الصافي بشأن هذه الآية: (إنّ الله تعالى قد خص الثناء بالمؤمنين فقط ممن حضروا بيعة الشجرة، ولم تشمل المنافقين الذين حضروها مثل عبدالله بن أبيّ وأوس بن خولى، فلا دلالة للآية على كل من بايع، ولا تدل على حسن خاتمة أمر جميع المبايعين المؤمنين، فالآية لا تدل على أكثر من أنّ الله تعالى رضي عنهم بيعتهم هذه ـ أي قبلها منهم ـ ويثيبهم عليها، فرضا الله عن أهل هذه البيعة ليس مستلزماً لرضاه عنهم إلى الأبد، والدليل على ذلك قوله تعالى بشأنهم: ( إنّ الذين يبايعونك إنّما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد____________1- الفتح: 18.
عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً)(1)، فلو لم يجز أن يكون من المبايعين من ينكث بيعته وكان رضا الله عنهم إلى الأبد، لما كانت هناك فائدة لقوله تعالى: ( فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه)(2).وفي الصحابة من أخبر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بردتهم بعد وفاته، ومن ثم هلاكهم يوم القيامة من خلال الحديث التالي الذي أخرجه البخاري في صحيحه بسنده عن سهل بن سعد قال:”سمعت النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً، ليرد عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم. قال: لسمعته يزيد فيه، قال: إنّهم مني، فيقال: إنّك لا تدري ما بدلوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي”(3).وعند عبدالله، قال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث له مع الصحابة:”أنا فرطكم على الحوض. ليرفعن إلي رجال منكم. حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب، أصحابي، يقول: لا____________1- الفتح: 10.2- بتصرف عن كتاب مع الخطيب في خطوطه العريضة للعلامة لطف الله الصافي: ص120 ـ 121.3- صحيح البخاري ج9 ص59 كتاب الفتن باب واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة.الصفحة 110تدري ما أحدثوا بعدك” (1).وتأكيداً للحديثين السابقين واللذان يشيران إلى الإحداث والتبديل، فإن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يشبههم بأمم اليهود والنصارى الذين حرّفوا الكلم عن مواضعه، فعن أبي سعيد الخدري أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)قال:”لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً، وذراعاً ذراعاً، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟”(2).وفي الصحابة من أخبر الله عنهم بكتابه العزيز: ( وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضّوا إليها وتركوك قائماً)(3)، حيث نزلت هذه الآية في الصحابة الذين تركوا الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يخطب يوم الجمعة عندما سمعوا بقافلة قدمت من الشام، ولم يبق معه منهم سوى اثني عشر رجلاً فقط من كل تلك الآلاف من الصحابة، فعن جابر بن عبدالله قال:____________1- صحيح البخاري ج9 ص58 كتاب الفتن باب واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة.2- صحيح البخاري ج9 ص126 كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة باب لتتبعن من كان قبلكم.3- الجمعة: 11.الصفحة 111″أقبلت عير يوم الجمعة ونحن مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فثار الناس إلا اثنى عشر رجلاً فأنزل الله: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضّوا إليها).(1) وفي رواية أخرى قال:”بينما نحن نصلي مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أقبلت عير تحمل طعاماً فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ اثنى عشر رجلاً فنزلت هذه الآية: ( وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضّوا إليها وتركوك قائماً).(2) ونفس العدد من الصحابة، بقي مع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) عند فرارهم في موقعة أحد، مما حدى برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتبرّأ يومئذ من فعلهم ذلك، فعن البراء بن عازب قال:”جعل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) على الرجالة يوم أحد عبدالله بن جبير وأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في أخراهم ولم يبق مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) غير اثنى عشر رجلاً “(3).وعن أنس(رضي الله عنه) قال:____________1- صحيح البخاري ج6 ص189 كتاب التفسير.2- صحيح البخاري ج2 ص16 كتاب الجمعة.3- صحيح البخاري ج6 ص48 كتاب التفسير باب قوله تعالى ـ ( والرسول يدعوكم في أخراكم).الصفحة 112″غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن أشهدنى الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد، وانكشف المسلمون قال: اللهم إنّي اعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه” (1).ويوم حنين كان فرار الصحابة أدهى وأمر، حيث كانوا يعدون بالآلاف، وقد نزل القرآن الكريم يؤنبهم على فعلتهم الشنيعة هذه بقوله تعالى: ( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين….) (2).وفي الصحابة من أنزل الله تعالى في حقهم: ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم عذاب عظيم)(3)، وكان نزول هذه الآية بحق فئة من الصحابة كان من رأيهم أن يأخذوا العير وما تحمل قافلة أبوسفيان وتفضيلهم ذلك على القتال عندما استشارهم الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل موقعة____________1- صحيح البخاري ج4 ص23 كتاب الجهاد باب قوله ـ من المؤمنين رجال صدقوا ـ.2- التوبة: 25 ـ 26.3- الأنفال: 67 ـ 68.الصفحة 113بدر ليرى مدى استعدادهم ورغبتهم للقتال.وفي الصحابة من أنّبهم الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لدعواتهم القبلية ونزعاتهم الجاهلية، كما يظهر مما رواه جابر بن عبدالله(رضي الله عنه) قال:”كنا في غزاة، قال سفيان مرة في جيش فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ما بال دعوى جاهلية” (1).وهذه الدعوى الجاهلية كادت أن تحدث حرباً بين قبيلتي الأوس والخزرج اللتين تشكلان مجموع الأنصار، فعن عائشة(رضي الله عنه)قالت:”….فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله، أنا والله أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من اخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك، فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً، ولكن احتملته الحمية، فقال: كذبت لعمر الله، والله لنقتلنّه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيّان الأوس والخزرج حتى همّوا، ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على المنبر فنزل فخفضهم____________1- صحيح البخاري ج6 ص191 كتاب التفسير باب قوله ـ سواء عليهم استغفرت لهم ـ.الصفحة 114حتى سكتوا وسكت” (1).وفي الصحابة من كان يبغض علياً والذي كان كُرهه علامة من علامات النفاق كما مر، فعن أبي بريدة قال:”بعث النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) علياً إلى خالد ليقبض الخمس وكنت أبغض علياً، وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ فلما قدمنا على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ذكرت له فقال: يا بريدة، أتبغض علياً؟ فقلت: نعم، قال: لا تبغضه، فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك” (2).ومن الصحابة من كان يطعن بقرارات النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، كما ظهر ذلك في طعنهم بتأمير أسامة بن زيد على سبيل المثال، فعن ابن عمر(رضي الله عنه)قال:”بعث النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بعثاً، وأمّر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته فقال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): إن تطعنوا في إمارته، فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل” (3).ومن الصحابة من طردهم الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) من مجلسه عند ما اعترضوا على أمره لهم بكتابة وصيته الأخيرة والذين بدلاً من ذلك____________1- صحيح البخاري ج3 ص229 كتاب الشهادات.2- صحيح البخاري ج5 ص207 كتاب المغازي باب بعث علي وخالد رضي الله عنهما إلى اليمن.3- صحيح البخاري ج5 ص29 كتاب فضائل الصحابة باب مناقب زيد.الصفحة 115وصفوه بالهذيان، فعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:”يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتى بل دمعه الحصى، فقلت: يا ابن عباس، ما يوم الخميس؟ قال: اشتدّ برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وجعه، فقال: إئتوني بكتف اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما له أهجر؟ استفهموه. فقال: ذروني، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه” (1).وفي الصحابة من تنازع على الإمارة بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى وصل الحد ببعضهم أن يطالب تعيين أميرين واحداً للمهاجرين وآخر للأنصار، ممّا يثبت عدم تخلّيهم عن نزعاتهم القبلية الجاهلية بالرغم من إسلامهم كما مر تفصيله في باب أحداث السقيفة.وفي الصحابة أبو هريرة ومعاوية اللذان أفردت لهما أبواباً خاصة في أماكن أخرى من هذا البحث فراجع.ولعل مبالغة أهل السنة في رفع منزلة الصحابي مردّها إلى تشرفه بصحبة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن ذلك ليس أكثر امتيازاً من التشرّف بالزواج منه، حيث قال الله تعالى بشأن نساءه: (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين)(2). وكذلك____________1- صحيح البخاري ج4 ص120 كتاب الخمس باب إخراج اليهود من جزيرة العرب.2- الأحزاب: 30.الصفحة 116قوله تعالى بشأن تظاهر عائشة وحفصة على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه ـ إلى قوله: ـ ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين) (1).ونقصد من ذلك أنّ كثرة مصاحبة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لا تعني بالضرورة ارتفاع درجة إيمان المصاحبين، فبالإضافة إلى ما سبق من روايات بشأن أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد روي عن أزواجه ما يشابه ذلك، إن لم يكن أبلى وأشد، فعن ابن عباس(رضي الله عنه) قال:”لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فجعلت أهابه، فنزل يوماً منزلاً فدخل الأراك، فلما خرج سألته فقال:عائشة وحفصة، ثم قال: كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئاً، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهنّ بذلك علينا حقاً من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا. وكان بيني وبين امرأتي كلام فأغلظت لي فقلت لها: وإنّك لهناك، قالت: تقول هذا لي وابنتك تؤذي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فأتيت حفصة فقلت لها: إنّي أحذرك أن تعصي الله ورسوله” (2).____________1- التحريم: 4 ـ 10.2- صحيح البخاري ج7 ص196 كتاب اللباس.الصفحة 117وعن عائشة(رضي الله عنه) قالت:”كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يشرب عسلاً عند زينب ابنة جحش ويمكث عندها، فواطأت أنا وحفصة عن أيتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير، إنّي أجد منك ريح مغافير. قال: لا، ولكنني كنت أشرب عسلاً عند زينب ابنة جحش فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحداً” (1).وعن عائشة(رضي الله عنه) أيضاً قالت: “إنّ نساء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كن حزبين، فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسؤدة، والحزب الآخر: أم سلمة وسائر نساء رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)” (2).وعن عائشة(رضي الله عنه) قالت: “كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأقول: اتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى: (ترجى من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك)(3). قلت: ما أرى إلاّ ربك يسارع في هواك” (4).____________1- صحيح البخاري ج6 ص194 كتاب التفسير باب أيها النبي لم تحرم.2- صحيح البخاري ج3 ص204 كتاب الهبة باب من أهدى إلى صاحبه.3- سورة الاحزاب: 51.4- صحيح البخاري ج6 ص147 كتاب التفسير باب قوله ـ ترجى ما تشاء منهن ـ.الصفحة 118وعن عائشة(رضي الله عنه) قالت: “استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فعرف استئذان اخت خديجة فارتاع لذلك، فقال: اللهم هالة، قالت: فغِرتُ فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيراً منها” (1).وفي قول آخر لعائشة بشأن خديجة التي تميزت على جميع نساء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد صدّقت بدعوة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يوم كذب به الناس، وتصدقت له بمالها يوم حرمه الناس، ورزق منها الولد، الأمر الذي يفسر غيرة عائشة الشديدة منها وخصوصاً أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كان دائم الذكر لفضائلها حتى بعد موتها، وفي ذلك ما يناقض قول عائشة بالرواية السابقة من أنّ الله قد أبدله خيراً منها.فعن عائشة(رضي الله عنه) قالت: “ما غرت على أحد من نساء النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)ما غرت على خديجة وما رأيتها، ولكن كان النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يكثر ذكرها. وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول إنّها كانت وكانت وكان لي منها ولد” (2).____________1- صحيح البخاري ج5 ص48 كتاب مناقب الأنصار باب تزويج النبي خديجة وفضلها.2- صحيح البخاري ج5 ص48 كتاب مناقب الأنصار باب تزويج النبي خديجة وفضلها.الصفحة 119وما يرتكز عليه من يعتقدون عدالة جميع الصحابة هو زعمهم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: “أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم” وفي رواية أخرى: “بأيهم أخذتم قوله…”.وبالرغم من أنّ أهل السنة لا يقولون صراحة بعصمة جميع الصحابة، إلاّ أنّ من يزعم صحة هذه الرواية فإنّه لابد وأن يعتقد بعصمتهم جميعاً لأنه ليس من الممكن أن يأمر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)بالاقتداء مطلقاً دون أي قيد أو شرط ـ كما توحي هذه الرواية المزعومة ـ بمن يحتمل فعله لمعصيته.وهكذا، فإن الروايات السابقة والتي تجعل عدالة الكثير من الصحابة محل نظر وتأمل إنّما هي في غالبها بشأن من طالت صحبتهم لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فما بالك إذن بعدالة من سُموا بالصحابة لمجرد رؤيتهم لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ولو للحظة واحدة؟؟ ولماذا يا ترى هذه المبالغة؟ وهل العدالة أو التقوى تكتسب لمجرد رؤية الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)ولو لحظة أم بالطاعة والاقتداء بما أمر به الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)بحسن نية وإخلاص؟؟ولعل هذا التناقض الذي يأباه العقل السليم والفطرة البشرية يتضح بأجلى صورة بتفضيل بعض علماء المسلمين من أهل السنة كابن تيمية لمعاوية بن أبي سفيان على الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز لا لشيء إلاّ لأنّ معاوية كان صحابياً وعمر تابعياً، وذلكالصفحة 120بالرغم مما اشتهر به عمر بن عبدالعزيز من التقوى والعدل على عكس معاوية الذي اشتهر بإحداثه الفتنة الكبرى بين المسلمين في صفين وخروجه على أميرالمؤمنين علي(عليه السلام) كما مرّ سابقاً، وإضافة لما اشتهر به عمر بن عبدالعزيز بأنّه الخليفة الراشدي الخامس عند أهل السنة، وهذا بحد ذاته يدل على عدم رشد معاوية، وبالتالي عدم لزوم رشد أحد بمجرد صحبته لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم).ومن المفيد أن نتساءل في هذا المقام، أيهما أعلى درجة: من آمن بالرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن رأى عشرات المعجزات السماوية بأم عينيه، أم الذي آمن بالإسلام دون أن يرى أياً منها؟؟والحقيقة أنّني لم أر تفسيراً لهذه المبالغة بدرجة تقوى الصحابة، وإشاعة فكرة عدالتهم جميعاً ما هو إلاّ لغلق الباب في وجه كل من ينتقد بعض الصحابة الذين عملوا على إبعاد الخلافة عن أصحابها الشرعيين، وهكذا فإنّ الكثيرين من أهل السنة يرفضون جميع الأدلة الدامغة على احقية أهل البيت(عليهم السلام) بإمامة المسلمين لا لشيء إلا الاعتقادهم بعدالة جميع الصحابة وهم لذلك يحملون أي تصرف قاموا به على الصحة.وأما الذين عملوا على بث هذه الفكرة الخاطئة فهو لأنّهم كانوا يرون بالأئمة من أهل البيت(عليهم السلام)خطراً يهدد عروشهم، لعلمهم ما لهؤلاء حقاً في ذلك، فكان لابد من محاولة إضفاء نوع من التعتيمالصفحة 121والفوضى على الأحاديث والآيات التي تظهر مكانتهم وفي نفس الوقت رفعهم لمكانة جميع الصحابة حتى لا يكون للأئمة من أهل البيت تلك الميزة التي أهلتهم ليكونوا موضع اختيار الله عزّوجلّ لإمامة أمة الإسلام بعد رحيل المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم).وهكذا، فإن الحديث المزعوم والقائل بنجومية جميع الصحابة الذي مر قد اقتبست الفاظه ومعانيه من حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):”النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب، اختلفوا فصاروا حزب إبليس”(1).وقد كان من أهم الآثار السلبية التي تمخضت نتيجة للاعتقاد بعدالة جميع الصحابة هو وجود ذلك الكم الهائل من الروايات الغثة في كتب الحديث كالإسرائيليات والمسيحيات وغير ذلك من الخرافات مما يتخذ مطاعن على دين الإسلام، ذلك أنّ تلك الروايات قد أخذت محل القبول والتصديق لمجرد أنها رويت عن الصحابة بالرغم من كل ما يحتمل عليهم فعله كما بينا ذلك من خلال الروايات العديدة السابقة.

مع خالص تحياتي نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here