العبادي يتلافى الخروق الأمنيّة بتحشيدات كبيرة لتأمين 1800 كم

بغداد/ وائل نعمة

تواجه حكومة حيدر العبادي التي تحولت مهمتها إلى تصريف الأعمال منذ بداية الشهر الحالي، حرجاً كبيراً بسبب عودة الخلايا المسلحة الى الواجهة بعد 7 أشهر من إعلانها النصر النهائي على داعش. وتضع هذه الاحداث على المحك مساعي رئيس الحكومة الذي خاض حملته الانتخابية معتمدا على رصيده من الانتصارات الاخيرة، للحصول على ولاية ثانية.
ومؤخراً اعترف داعش بأنه خطف 17 مدنياً وعسكرياً في غضون أقل من أسبوع في حواجز وهمية نصبها على طريق بغداد- كركوك، وأعدم حتى الآن 8 منهم عثر على جثثهم قبل أيام في صلاح الدين.
وبحسب أرقام بعثة الامم المتحدة في العراق (يونامي) إنه منذ إعلان القضاء على داعش حتى الآن قتل 549 شخصاً وأصيب 1049 آخرون في حوادث متفرقة من البلاد. وفي حزيران الماضي فقط سجلت البعثة مقتل 76 وإصابة 129.
وجاء الأسوأ على وفق ما قاله نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس قبل أيام، حيث نقلت وكالات محلية عن المهندس قوله إن “هناك بين 20 و 24 ألف داعشي مازالوا متواجدين في مناطق متفرقة من العراق”. وأكد القيادي في الحشد أثناء زيارته الاخيرة الى ذوي أحد المخطوفين في كربلاء الذين عثر على جثثهم الاسبوع الماضي، أن “6 آلاف منهم (عناصر داعش) على الأقل متواجدون على الساحة ويقومون بعمليات الاختطاف والقتل”.
وهاجم المهندس العملية السياسية في العراق، واعتبرها “السبب وراء رجوع الإرهابيين وحواضنهم الى العراق”، فيما أشار الى أن “الحشد الشعبي طهّر جميع المناطق الصحراوية التي كانت تحت سيطرة داعش”. وفي الاسبوع الماضي قالت عشائر مناهضة لداعش في شرق تكريت في تصريحات لـ(المدى)، إن “هناك مايقارب 500 داعشي يحاصرون المحافظة من 5 محاور”، فيما انتقدوا عدم قيام الحكومة بحملة واسعة للسيطرة على باقي عناصر التنظيم المتطرف.
ولم تكن هذه هي المرة الاولى التي يهاجم فيها المهندس العملية السياسية والحكومة، فقد قال في حزيران الماضي على خلفية الغارة التي استهدفت قوات يعتقد أنها تابعة لـ”الحشد” في الحدود مع سوريا، إن “الحكومة تتسلم ملفات الكهرباء والماء والتربية والانتخابات ولم تنجح في ذلك، فكيف ستأخذ حق شهداء الحشد؟”.
وكانت العمليات المشتركة التي تدار مباشرة من مكتب رئيس الوزراء، قد قالت إن القوة التي تعرضت لقصف جوي “لم تكن على تواصل معها وكانت خارج الحدود العراقية”، وهو أمر نفته لجنة تحقيقية أنشأها المهندس لتقصي ماحدث في تلك الغارة.
وانتقد المهندس على خلفية الحادث الاخير الحكومة أيضا في دعواتها لضبط السلاح، وتساءل: “مَن أكثر انضباطاً من الحشد الشعبي في هذه الدولة؟”. وأضاف في انتقاده للحكومة: “نجحنا في إدارة معركة مع الجيش 4 سنوات، وأنتم فشلتم في إدارة الانتخابات لـ12 ساعة ولم تحافظوا على تسرّب أسئلة الامتحانات”.

غلق باب الانتقادات
وفي محاولة لتضييق مساحة الانتقادات التي واجهت الحكومة بعد أحداث قتل الرهائن الستة والعثور على جثثهم الى جانب مخطفوين اثنين في طريق قريب من طوزخرماتو، جنوب كركوك، أرسلت الاخيرة تعزيرات كبيرة من الشرطة الاتحادية الى تلك المناطق، تزامناً مع بدء عملية العد والفرز اليدوي في كركوك التي ابتدأت يوم أمس الثلاثاء.
ويصف رضا محمد كوثر، رئيس اللجنة الأمنية في طوزخرماتو، وهو قضاء يقع على طريق كركوك، تلك القوات بأنّ “عدد أرتالها يمكن ان يصل الى الحدود العراقية مع تركيا”، واشار الى أن القوات ستنفذ حملة عسكرية جديدة.
ومنذ العثور على جثث الثمانية الذين اختطفهم داعش، لم تسجل أي عمليات مسلحة جديدة في المنطقة. ويضيف كوثر في اتصال مع (المدى) أمس: “بحسب معلوماتنا فإن الحملة العسكرية الجديدة ستشترك فيها الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع الى جانب الحشد الشعبي”، لكن المسؤول المحلي غير متأكد فيما لو كانت الحملة المرتقبة ستختلف عن الحملات السابقة أو أن القوات ستبقى لمسك الارض أو ترحل سريعاً.
وشنت القوات العسكرية في الاشهر الـ6 الماضية عدة عمليات عسكرية، انتهت معظمها من دون العثور على مسلحين أو حتى جثث لبقايا التنظيم، فيما لم تبق القوات المهاجمة في تلك المناطق لمسك الارض، حيث يعود المسلحون في أغلب الاوقات بعد انسحاب القوة.
بدوره، يؤكد علي الحسيني المتحدث باسم الحشد الشعبي في المحور الشمالي، قائلا انه لا فائدة من عملية عسكرية سريعة من دون مسك المناطق المطهرة. ويقدر الحسيني في تصريح لـ(المدى) أمس، المناطق الخطرة التي يعتقد بأنها تضم فلول داعش بمساحة 1800 كم مربع تمتد من ديالى الى أطراف كركوك، ويقول ايضاً ان “تلك المساحات تضم مناطق جبلية وعرة ومبازل، وتحتاج الى قوات ضخمة لتأمينها”.
وتؤمن الشرطة الاتحادية شريطاً طولة 70 كم والرد السريع 40 كم يمتد من طوزخرماتو الى كركوك، لكن المشكلة بحسب مايقوله القيادي في الحشد “هي مسافة 100 كيلو متر طول بين شمال ديالى وجنوب الطوز، فهي غير مؤمّنة”.
ويقع ذلك الشريط في منطقة يطلق عليها عسكرياً بـ”النهايات السائبة” حيث يتسبب عدم حسم مسؤولية حماية تلك الاراضي بين 3 قيادات عمليات، في استغلال المسلحين للفراغ ونشر سيطرات وهمية.

مقترحات واشنطن
ومؤخراً بدأت بعض القوى الكردية بتأييد أميركي بطلب إعادة نشر قوات البيشمركة في المناطق المتنازع عليها كأحد الحلول للسيطرة على الامن. وأكد عصمت رجب، مسؤول الحزب الديمقراطي في الموصل، في اتصال مع (المدى) امس ان “قوات التحالف زارت أول من أمس الإثنين الإقليم وطرحت مشاركة البيشمركة مع القوات الاتحادية في حماية تلك المناطق”.
وقالت وزارة البيشمركة في الاقليم، بحسب مانقلته وسائل إعلام كردية، إنها اتفقت مع التحالف الدولي على ضرورة إجراء “مراجعة فورية” للأوضاع في المناطق المتنازع عليها.
وقالت الوسائل إن ذلك جاء في اجتماع عقده وزير البيشمركة وكالة كريم سنجاري مع ممثلين عن التحالف الدولي في أربيل يوم الإثنين، لبحث آخر مستجدات الوضع في المناطق التي تتنازع عليها الحكومتان الاتحادية والإقليمية لفرض سيادتهما فيها وبالأخص مدينة كركوك.
ونفت الوزراة الإثنين الماضي عقد اجتماع مع الحكومة العراقية بشأن انتشار البيشمركة في كركوك. من جهتها قالت وسائل الإعلام الكردية ان الاجتماع الاخير مع التحالف الدولي هو الاول بعد عملية عسكرية مشتركة نفذت قبل أيام قرب بلدة مخمور جنوب غرب أربيل، وتم قتل “أبو عبيدة”، وهو المسؤول عن المال والدعم اللوجستي في داعش.
لكنّ عصمت رجب نفى مشاركة القوات الكردية في الهجوم، وقال ان “طائرات عراقية ضربت مناطق في مخمور جنوب جبل قره جوخ، وقتلت اثنين من مسلحي داعش”. وردّ المتحدث الرسمي باسم أركان قوات التحالف العقيد توماس فيل امس على تلك الاخبار ومقتل المسؤول في داعش قائلا :”بإمكاننا تأكيد توجيه ضربات في جبل قره جوخ، لكننا لا نستطيع تأكيد تصفية الشخص الذي تتحدثون عنه”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here