تأملات في القران الكريم ح395
سورة الرحمن الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ{46}
تستمر الآية الكريمة مقررة ( وَلِمَنْ خَافَ ) , لكل من خاف , ( مَقَامَ رَبِّهِ ) , مقامه بين يدي ربه جل وعلا للحساب , ( جَنَّتَانِ ) , بستانان .
( عن النبي صلى الله عليه وآله من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله عز وجل حرم الله عليه النار وآمنه من الفزع الاكبر وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان .
عن الصادق عليه السلام في هذه الاية قال من علم أن الله يراه ويسمع ما يقول ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الاعمال فذلك الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ) . “تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني” .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{47}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
ذَوَاتَا أَفْنَانٍ{48}
تستمر الآية الكريمة ( ذَوَاتَا أَفْنَانٍ ) , جمع فن وهي الغصن , وتجمع افنان او فنن , خصت بالذكر لأن الاغصان هي التي توّرق وتمد الظل وتحمل الثمر .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{49}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ{50}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فِيهِمَا ) , أي الجنتان , ( عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ) , تجري فيهما عينان من الماء “على المرجح” .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{51}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ{52}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فِيهِمَا ) , أي الجنتان , ( مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ ) , فيهما من كل صنف من اصناف الفاكهة , ( زَوْجَانِ ) , صنفان من حيث الجنس “ذكر ومؤنث” , او من حيث النكهة والمذاق “حلو ومر” وهكذا .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{53}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ{54}
تستمر الآية الكريمة ( مُتَّكِئِينَ ) , حالهم فيها , ( عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ) , الديباج الثخين , ( وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ) , وثمر الجنتين قريب , يناله القائم والمضطجع .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{55}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ{56}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فِيهِنَّ ) , الجنتين , ( قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ ) , نساء قصرن انظارهن على ازواجهن , اما القمي فلديه رأي لطيف ” الحور العين يقصر الطرف عنها من ضوء نورها ” , ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ) , لم يمسسهن قبلهم احد لا انس ولا جن .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{57}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ{58}
تستمر الآية الكريمة ( كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ ) , كالياقوت في الصفاء , ( وَالْمَرْجَانُ ) , وكالمرجان في الجمال او في البياض , ان كان المرجان بمعنى اللؤلؤ .
( في الحديث إن المرأة من أهل الجنة يرى مخ ساقها وراء سبعين حلة من حرير ) . “تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني” .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{59}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ{60}
تقرر الآية الكريمة ان جزاء الاحسان بالطاعة الا احسانا بالجنة والنعيم فيها .
( عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قرأ هذه الآية فقال هل تدرون ما يقول ربكم قالوا الله ورسوله اعلم قال فإن ربكم يقول هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلا الجنة .
عن أمير المؤمنين عليه السلام وفي العلل عن الحسن بن علي عليهما السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال هل جزاء من قال لا إله إلا الله إلا الجنة .
عن الصادق عليه السلام إن هذه الاية جرت في الكافر والمؤمن والبر والفاجر من صنع إليه معروف فعليه أن يكافى به وليس المكافاة ان تصنع كما صنع حتى تربى فإن صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء ) . “تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني” .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{61}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ{62}
تستمر الآية الكريمة ( وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ) , جنتين اخريين غير الجنتين السابقتين , لمن خاف مقام ربه جل وعلا .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{63}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
مُدْهَامَّتَانِ{64}
تستمر الآية الكريمة مبينة حال الجنتين الاخريين فتصفهما بأنهما ( مُدْهَامَّتَانِ ) , من شدة الخضرة وكثرة الاشجار تبدوان سوداوان .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{65}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ{66}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ) , في ذينك الجنتين عينان فوارتان بالماء .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{67}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ{68}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فِيهِمَا فَاكِهَةٌ ) , في ذينك الجنتين من كل صنوف الفاكهة , ( وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ) , يختلف المفسرون في اختصاصهما بالذكر , فمنهم من يرى ان ذلك :
1- بيانا لمنافعهما وفضلهما على سائر انواع الفاكهة , جاء في رواية عن الامام الصادق عليه السلام : الفاكهة مائة وعشرون لونا سيدها الرمان .
2- يرى بعض المفسرين انهما ليسا من الفاكهة .
3- افردا بذكر خاص لاختلافهما عن سائر انواع الفاكهة , فالنخيل “التمر” يمثل فاكهة وغذاء , والرمان يمثل فاكهة ودواء .
4- افردا بالذكر الخاص كونهما من فاكهة الدنيا والاخرة , ففي رواية عن الامام الصادق عليه السلام : خمس من فواكه الجنة في الدنيا الرمان الا مليسي والتفاح والشيسقان والسفرجل والعنب الرازقي والرطب المشان .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{69}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ{70}
تضيف الآية الكريمة ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) , وفي ذينك الجنتين ايضا نساء خيرات الاخلاق حسان الوجوه كما في رواية يوردها الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي عن الرسول الكريم محمد “ص واله” .
( عن الصادق عليه السلام هن صوالح المؤمنات العارفات .
وفي الفقيه عنه عليه السلام الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا وهن أجمل من الحور العين .
عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن قول الرجل للرجل جزاك الله خيرا ما يعنى به قال ان خيرا نهر في الجنة مخرجه من الكوثر والكوثر مخرجه من ساق العرش عليه منازل الاوصياء وشيعتهم على حافتي ذلك النهر جواري نابتات كلما قلعت واحدة نبتت اخرى سمين باسم ذلك النهر وذلك قوله تعالى فيهن خيرات حسان فإذا قال الرجل لصاحبه جزاك الله خيرا فإنما يعني بذلك تلك المنازل التي أعدها الله لصفوته وخيرته من خلقه ) . “تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني” .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{71}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ{72}
تستمر الآية الكريمة ( حُورٌ ) , سوداوات العيون , ذوات بشرة بيضاء , ( مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) , مخدرات , مستورات في خيامهن .
ويرى القمي في تفسيره ” حور مقصورات قال يقصر الطرف عنها وقيل مقصورة الطرف على أزواجهن ” .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{73}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ{74}
تضيف الآية الكريمة ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ) , لم يلتق بهن احدا قبل ازواجهن , لا من الانس ولا من الجن , خالصات لأزواجهن قلبا وقالبا .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{75}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ{76}
تستمر الآية الكريمة مبينة حالهم في الجنة ( مُتَّكِئِينَ ) , جالسين او مستندين , ( عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ ) , بسط او وسائد , ( وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) , ابهى انواع الاثاث او الفرش .
( وقيل العبقري منسوب إلى عبقر تزعم العرب أنه اسم بلد الجن فينسبون إليه كل شيء عجيب والمراد به الجنس ) . “تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني” .
فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{77}
تقدم الحديث عن الآية الكريمة .
تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{78}
تختم الآية الكريمة السورة الشريفة ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ) , كثرت خيرات اسمه جل وعلا , فما ظنك بذاته جل جلاله , ( ذِي الْجَلَالِ ) , الباهر , ( وَالْإِكْرَامِ ) , لأوليائه .
حيدر الحدراوي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط