بين الوطن والمواطنة حب مفقود

__________________ بقلم / ضياء محسن الاسدي
(( نعرف أن لكل عطاء يقابله جزاءً يوازي أو يزيد عليه بكثير كما هي علاقة الحب التي تربط بين الله جل جلاله وبين العبد الذي خلقه وكرمه وأدله على السبل التي توطد هذه المحبة التعبدية والنفسية فيما بينهم ليكون الجزاء من لدنه جزاءً قد يزيد على العطاء البشري الانساني لأنه هو الربُ والخالقُ الرحيم الغفور الودود لهذا كلما كان المحبوب اهلا لهذه العلاقة واكثر عطاءاً وديمومة قدم الحبيب خدمة ومودة أسمى وأرقى له .
وهذه العلاقة تنطبق على ضوئها الصلة الازلية بين المواطن والوطن كمشروع واحد متوازي في العطاء والجزاء على مر العصور أن الوطن كخارطة سياسية مرسومة على ورق أو على الارض أو في قلب موطن تابعاً له حقيقا عليهما أن يحافظا على هذه العلاقة التي تربطهما ببعض . أن الوطن بحدوده الجغرافية عليه ان يقدم للذين يشكلون كيانه الجغرافي والاجتماعي والاقتصادي والبشري العطاء الذي يليق بشعبه في العيش الرغيد لأدامت المحبة والدفاع والتضحية في سبيله من كل المخاطر الخارجية والداخلية وهذا ما لمسناه في كل بلدان العالم هذه العلاقة الحميمة التي تربط الشعوب بأوطانهم لان العلاقة متكافئة فيما بينهم . الا ( العراق ) وفي كثير من حقب الزمان كان الوطن قاسيا على شعبه وظالما له طاغيا عليه وساهم في قطع الحبل المتين الذي يشد احدهم للآخر من خلال التسلط والتفرد للحاكمين وأولياء الامور الذين تعاقبوا على حكمه فأصبح الشعب العراقي هو الوحيد الذي يقدم التضحيات دفاعا عن بقائه ووجوده ليعيش مرفوع الرأس شامخا ككيان مستقل مدافعا عنه بالدم والروح والمال والولد .لتصبح العلاقة من طرف واحد وهو المواطن والايام الماضية شاهدا على ذلك فقد قدم المواطن العراقي وبدافع حبه لوطنه العراق كل ما جادت به نفسه للدفاع عنه ضد الاخطار الخارجية على أمل أن يحصل جزءاً قليلا من الوفاء لهذا العطاء لكن الجفاء كان حاضرا من المسؤولين على رأس الوطن وجائرا على شعبه لم يجلبوا لشعبهم سوى الويلات والخراب والقتل وقوافل الشهداء التي ملئت منهم الارض .كيف يبني المواطن علاقة محبة وطيدة مع وطن اعطاه وزارة زراعة ولم يمنحه سوى اسعار مرتفعة وسلع مستوردة من الخارج ودمر الزراعة المحلية وهي قوته وأعطاه وزارة تخطيط وحصل المواطن العراقي جيوشا من الخريجين والعاطلين عن العمل يفترشون الشوارع وعوائلهم تحت خط الفقر واكثر مواطنيه ليس لديهم ابسط مقومات العيش أعطاه وزارة الموارد المائية والمواطن العراقي يعاني من العطش والتصحر في كثير من اراضيه العائمة على ثروات تسيل لها لعاب اعدائه وتتقاتل على الشعوب الاخرى وهذه الاعداد الهائلة المروعة من المهجرين الموزعين في العراء ليس فيها ابسط العيش الانساني هذا الوطن الذي أعطاه المواطن المحب المتعلق به لآلاف السنين من النفس الزكية والوالد والولد والمال والجسد ولم يحصل منه الا القتل والتشريد وفقدان الامن والامان وكل هذا يريد مني الوطن رابطة العشق التي تربطني به هذه قسمة ضيزى وجائرة من طرف واحد لهذا كيف يريد منا أن تكون لنا حب المواطنة لوطن جاحد في حبه للمواطن ومن الذي يعيد هذه العلاقة بين الوطن والمواطن ليقنعه أن الوطن يستحق هذه التضحيات الكبيرة السامية بعد ما أصبح الشرخ واسعاً بينهما نتيجة السياسات الخاطئة للذين تسلموا سدت الحكم وتربعوا على مقدراته لحسابهم الشخصي والمنفعي الخاص بهم وتركوا الشعب والمواطن يعاني ما يعاني من الفساد والقهر والحرمان سنة بعد سنة قد نجد في يوما ما شهادة طلاق بائنة لا رجعة فيها وفك الارتباط العاطفي بين الوطن والمواطن . فأملنا وعزائنا الوحيد ان تبرز لنا ثلة من المؤمنين ليأخذوا بيد المواطن العراقي ويضعوا يده بيد الوطن للمصالحة واعادة الثقة والعلاقة الجميلة والمحبة الى ربوع الوطن ))

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here