الأرض المقدسة من أين أتت هذه التسمية ؟

أستخدم الكتاب المجيد هذا المصطلح في سورة المائدة ، بصيغة نداء من موسى النبي لقومه مخاطباً إياهم بالقول : ( يا قوم أدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم … ) – المائدة 21 .

ومفهوم المقدس هنا مرتبط ليس بالأرض بصيغتها الجامدة بل بما يعيش عليها من البشر ، ونسبة القداسة للأرض هو من المفاهيم الإعتبارية ، وتكون من جنس و نوع المضاف لأنها صفة مضافة ، ويعني هذا كون الصفة هنا ليس من الملازمات الذاتية للشيء نفسه ، إنما تكون بحسب ماهو مضاف ولأن الإنسان هو المضاف لذلك تكون القدسية من هذا الجانب ، إذ لا قدسية للأرض من حيث هي هي .

وأبين نحن في العادة نقول عن – مكة – إنها مقدسة ، ولكن قدسيتها لا من حيث كونها – مكة – ، بل من حيث كونها مكان أتخذه الله للناس ليكون محلاً لعبادته ، فهي مقدسة من هذا الجانب ، أي إنها مقدسة لأن الناس والله جعلها محلاً للعبادة ، ولو لم تكن هي كذلك فلا قيمة لها ولا تقديس ، كذلك الحال بالنسبة للقدس ( أورشليم أو مدينة السلام ) والنجف وكربلاء ، هي مدن محترمة ومقدسة ليس من حيث هي هي ، ولكن من حيث أتخذها الإنسان محلاً لعبادته أو جعلها كذلك ، وهذا الجعل إعتباري نسبي محض .

هذا الشيء يقودنا للقول : [ بإن المقدس بالفعل هو الإنسان ] مقدسة هي حياته وحريته وكرامته ، ومتى أنتُهك حق الإنسان في الحياة أو أنتُهك بعضاً من حقوقة ، أنتهكت قداسته وكرامته ووجوده وهذا نعمله بمفهوم التقابل ، يقودنا هذا للكلام عن مخرجات لما يمكننا فيه حفظ هذه القدسية وحمايتها .

طبعاً في الشأن هذا لم تألوا الأديان جهداً في التركيز على ذلك ، فسنت القوانين والتشريعات لحمايته ، وهكذا فعلت الأمم المتحدة في شرعتها لحقوق الإنسان ، ومن بين هذه الحقوق حق – الوطن – ، أي أن لكل إنسان حق في أن يكون له وطن يحميه ويحفظ له كرامته ووجوده ، وفي مجال الحقوق هذا تبدو المعادلة بحاجة إلى تعديل ومراجعة ،

فثمة شعوب في الأرض لا تمتلك هذا الحق ولا تجد إلى ذلك سبيلا ، والفلسطيني واحد من هذه الشعوب الذي لا يجد له وطن محدد يأوي إليه ، ولا نريد هنا الخوض في من ضيع هذا وممن تسبب بذلك ؟ أهم الفلسطينيون أنفسهم أم العرب أم غيرهم ؟ الكلام في هذا طويل وسيكون عبثياً تماماً ومضيعةً للوقت ، لكن المهم عندنا هو في كيفية إيجاد وطن للفلسطينيين خاص بهم ؟

حسب موضوعة – صفقة القرن – سيكون ذلك ممكناً ولكن بحدود ووضع جديد ، هذا الوضع يلزمه مواجهة الحقيقة في تبديل القناعات وطرد فكرة المقدس الذهني والعصبوي ، والإيمان بالمستقبل الذي يجعل للإنسان الفلسطيني وجود وحرية وكرامة ، وهنا نشير إلى نوع الفلسفة والإيمان الجديد الذي يجب التعاطي معه ، وبحسب موضوعة – صفقة القرن – سيكون للفلسطينيين وطن بديل ، بديل عن الذهني الذي تصوره الفكرة التاريخية الخاطئة ، وطن يؤمن للفلسطيني كرامته ويحميه من التشرد والضياع والذل ، الذي لا قآه على يد أبناء العمومة عرباً ومسلمين ، ولا نريد أن ننكأ لهم الجراح أو نذكرهم بما هو ماض عسير .

إذن هناك ثمة فرصة تاريخية سيكون فيها للفلسطينين وطن ، لكن متى وكيف ؟ ، فهذا ما سوف نجيب عليه ، ولكن بحدود ما نفهم من قراءات سياسية ومعطيات وفعل يبدو أصبح أكثر وضوحاً ، إن سنة 2019 القادمة ستكون سنة الحسم ، وستكون الدولة الموعودة هي : – عبارة عن غزة وكثير من أرض سيناء التي نزح عنها شعبها بسبب الحرب وبعض أجزاء جنوبية من القدس – ، وهذه الدولة وليدة الصفقة والتي سوف تتم ولكن وفق تراتبية معينة أهمها :

أ – وضع حد للحرب الدائرة في سوريا ، وإطلاق يد الرئيس بشار الأسد في مسألة التنمية والإعمار .

ب – إنهاء دور إيران وحزب الله في سوريا تماماً ، والذي سيقوم بذلك الرئيس بشار الأسد نفسه .

ج – تعديل الوضع السياسي في العراق ليكون أكثر واقعية وديمقراطية ، وشرط ذلك إنهاء الدولة الفاشلة والحكومة الفاسدة .

وسيكون العمل من أجل ذلك قبل نوفمبر من السنة الحالية ، الشهر الموعود الذي ذكره بومبيو في خطابه للمعارضة الإيرانية .

إذن فتغيير مفهوم الأرض وبناء علاقة جديدة سيكون الجميع شركاء بها ، وسيكون لأمريكا الدور الفاعل في كل المنطقة من الصين وحتى مصر ، ومن بين الأشياء التي تم الإعلان عنها جعل الصين مستثمرة في جزيرة فيلكا الكويتية إرضاء لها وفق صفقة ترويض كوريا الشمالية ، وللتفرغ للحل الكبير ..

أحمد سالم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here