طبقية الاحتجاجات : ملاحظات أولية

تحسين المنذري
* قادة الكتل والاحزاب السياسية التي تنفذت في الحكم منذ عام 2003 بنت لنفسها إمبراطوريات إقتصادية ضخمة تعددت نشاطاتها مابين العقارات والاستيراد والسيطرة على حقول في التجارة الداخلية ونمو كبير للبرجوازية البيروقراطية
*غلفت تلك الشرائح نشاطها السياسي بالانتماءات الطائفية في محاولة لتكريس وجودها في الحكم وبالتالي توسع نفوذها ونمو ثرواتها
*إستفادت من نظام المحاصصة المقيت المدعوم بشتى أشكال الفساد المالي والاداري لتوسيع نفوذها وتكريس امبراطورياتها الاقتصادية
* عملت وفقا لوصفات البنك الدولي وصندوق النقد لتهميش دور الدولة الاقتصادي وتحطيم او إتلاف ما تبقى من البنى التحتية الداعمة لنشاط القطاع العام وعدم تطوير المتبقي منها
*في مقابل كل ذاك تعمقت الهوة الاقتصادية في المجتمع مابين المتنفذين في الحكم وكل بقية الشرائح المجتمعية فظهرت شرائح من المسحوقين والمعدمين والمهمشين بالاضافة الى إزدياد معدلات البطالة بشكل غير مسبوق في المجتمع العراقي
*عملت القوى المتنفذة في الحكم على تكريس شعور التفرقة الطائفية في المجتمع وإشاعة ودعم ممارسات الشعائر الطائفية في محاولة مزدوجة لتخدير المسحوقين لاطول مدى ممكن بالاضافة الى إضعاف القوى الديمقراطية ـ اليسارية المؤهلة لريادة المطالبة بالتغيير
* دعمت القوى المتنفذة وأبرزت دور المرجعية الدينية في النجف وكرست تدخلاتها لصالحها للاستفادة من تأثيرها الروحي على فئات وشرائح واسعة من المجتمع لدعم وجودها وتنفذها في الحكم
*ظهرت حالات تذمر متفرقة وضعيفة من عموم سلبيات الوضع الاقتصادي ـ المجتمعي إتخذت من التناقض مع شخوص أحيانا أو مع كتلة بعينها وأحيانا كانت التناقضات قطاعية محدودة أو حتى على مستوى معمل واحد أو منشاة واحدة وتحت يافطات المطالب بتحسين الحال أو دفع الرواتب أو ماشابه من مطاليب محدودة
* بدت أيضا بشكل متفرق إحتجاجات ومطاليب ضد نظام المحاصصة ونتائجه ولم تمس القوى الطائفية نفسها ، ولضعف القوى اليسارية الرائدة لعدة أسباب لا مجال لشرحها الان لم تستطع من تطوير تلك الاحتجاجات وتسمية المسببات بحقيقتها وإستهداف المتسببين بكل ذاك الخراب
*رغم توسع الاحتجاجات في فترات معينة وشمولها قطاعات مجتمعية واسعة إلا إن أحدا لم يتمكن من طرح مشاريع تضمن تنظيم تلك الاحتجاجاات وتحديد مساراتها وقيادتها نحو التغيير الشامل ، لكن حدث العكس حيث دخلت قوى متنفذة في الحكم ومساهمة في كل هذا الخراب بالتصدي لقيادة تلك الاحتجاجات مما أدى الى إنتهائها دون تحقيق أية نتائج
* أدت الانتكاسات هذه الى رفض الجماهير لاية قوى سياسية وعدم الوثوق بها وتسليم أمر قيادتها لها ونتيجة لتعمق الازمة المجتمعية ـ الاقتصادية وشمولها قطاعات وشرائح إجتماعية أكبر وإزدياد الشعور بالحاجة الى ابسط الخدمات والحقوق الانسانية بدت ملامح إنفجار واسع في عموم مناطق العراق
*ضعف إسناد الاحتجاجات من قبل النقابات الهامة كعمال النفط أو غيرها من النقابات والمنظمات المهنية يعود لضعف دورها كنتيجة لضعف اليسار وأيضا لتفشي البيروقراطية في عملها
* برزت شخصيات عشائرية وآخرين أُصطلخ على تسميتهم وجهاء على إنهم يقودون هذه الاحتجاجات لغياب القوى التي تمثل المسحوقين المحتجين بحق وهذا يحمل مخاطر عدة لعل أبرزها :ـ فيما لو نجحت هذه الاحتجاجات في إحداث تغيير ما فقد يستفيد منه هؤلاء ( الوجهاء والشيوخ) على حساب المنتفضين الحقيقيين والخطورة الاخرى إن شيوخ العشائر خاصة يملكون أسلحة كثيرة قد تفسد الاحتجاجا فيما لو إستمر العنف والعنف المضاد واللجوء لاستخدام هذه الاسلحة
* لاتوجد ثورة في العالم تاريخيا أو حتى مجرد إنتفاضة وقد خلت من أعمال عنف او تدمير أو ماشابه سواءا عن قصد أو عن طريق تصاعد حمى الاحتجاج والشواهد على ذلك كثيرة، ما يحصل في الحركة الاحتجاجية يبدو الى الان في إطار الحدث الطبيعي فالمحتجون هاجموا أماكن تعتبر رموزا لمن كرس تهميشهم وأوصلهم لأسوأ حال معيشي ( مقار أحزاب، مقرات شركات نفطية ، أماكن سكن عاملين أجانب وغيرها )
* إستمرار السلطات في التعامل مع الاحتجاجات على إنها تقاد من قبل مندسين أو بعثيين أو دواعش دون معالجات سريعة لجذورها الاقتصادية والتركيز على التعامل القمعي والتعسفي ينذر بتطور خطير قد يؤدي فعلا لاندساس قوى إرهابية أو عودة البعثيين لتصدر الواجهة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here