الهجرات العربية بأتجاه الشرق قديما !

الهجرات العربية بأتجاه الشرق قديما ! حضرموت ودورها المحوري في نقل ثقافة الاسلام الى اقطار جنوب شرق آسيا ! ح 11 (*) د. رضا العطار

لا تزال المقبرة الاسلامية في اندونيسيا الى الوقت الحاضر تضم قبور اولئك الرواد الاوائل من نسل الامام جعفر الصادق، والتي يعتبرها السكان المحليون مراقد مقدسة. ومما يسترعي الأنتباه وجود البسملة وآيات من القرآن الكريم وعبارة ( الله محمد علي ) منحوتة على شواهد بعض القبور، كما تدل تواريخ وفاتهم انهم ماتوا خلال القرن التاسع الهجري، كما ان هناك قبر حمل شاهده اسم عبد الله، كان قد فرّ من وطنه العراق قاطعا الاف الاميال البحرية ليصل الى اندونيسيا هربا من المذابح التي اجتاحت بغداد اثناء غزو هولاكو لها عام 1258 للميلاد.
ومن الطريف ان نجد هذين البيتين لأبي نؤاس منحوتة على شاهد قبراندونيسي :

يارب ان عظمت ذنوبي كثرة * * فلقد علمت بأن عفوك اعظم
ان كان لا يرجوك إلاّ محسن * * فمن يلوذ ويستجير المجرم ؟

اما عن اخبار الصحافة في بلدان المشرق، فقد صدرت العديد من الصحف العربية الاسبوعية – كالسلام – في سنغافورة و – حضرموت – في اندونيسيا وقد عفى عليهما الزمن بتقادمه ولم يبق منها من اُثر.

اما عن اخبار الادب والشعر، يمكن القول ان الشعر العربي في المهجر بقى على حاله كما في بلاد العرب محتفظا بخصائصه التي لا تخرج عن نطاق الغزل والمديح والهجاء والرثاء والفخر، لكنهم اضافوااليه طابعا جديدا من الشعر يعكس معاناة الغربة وما يصاحبها من الانفعالات العاطفية من الشوق والحنين ، فما هي سوى افرازات احدثتها ذكريات الوطن والحس بعز الحياة وحلاوة العيش فيه. انها كانت تظهر بشكل عبرات وزفرات وتأوهات لا وحتى النحيب احيانا.

فالبعض كان قادرا على تحملها، مشددا عزمه وحزمه على مطارحتها و مطاوعتها محاولا الصمود امام التحديات وتراكماتها النفسية والعاطفية التي ليس لها اول ولا آخر. وآخرون لم يكونوا قادرين على تحمل حياة الغربة معتبرين اياها سجنا روحيا، رغم ما اتاح لهم البلد المضيف من منافع مادية ومعنوية سخية، مضخمين معاناتهم، بأظهار الشكوى والتذمر، وقد يقوى عندهم هذا الشعور ويشتد لديهم الاحساس بالضياع وفقدان الهوية وينفذ عندهم طاقة التحمل حتى انهم يفكرون بالرجوع الى اوطانهم الأصلية حيث ارض المنبت وعش الطفولة وذكريات المدرسة ولسان حالهم يقول :

ناء من الاوطان يفصلني * * عمن احب، البرُ والبحرُ
في وحشة لا شئ يؤنسني * * الا انا والعود والشعرُ
حولي اعاجم يرطنون فما * * للضاد عند لسانه قدرُ
اناس مالي بقربهم أنسُ * * ومدينة، لكنها قفرُ (1)

(1) القروي، شاعر لبناني من المهجر.
(*) مقتبس من كتاب دائرة المعارف الاسلامية للباحث حسن الامين بيروت 1990

. الحلقة التالية في الاسبوع القادم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here