خراب البصرة الثاني الى متى

مصطفى غازي فيصل
[email protected]
يبدو أن البصرة كتب عليها أن تكون منكوبة من الأزل , فمنذ خرابها الاول على يد مجموعة من اللصوص وقطاع الطرق من الذين لم ينتموا الى أهلها قط , توالت عليها النكبات, وصولاً الى حرب الثمان سنوات فتعرضت أغلب منازلها للقصف المدفعي آنذاك ,وجُرِفت بعض بساتينها في أبي الخصيب وتم تحويلها الى سواتر, ثم حدثت حرب الخليج الاولى وتعرضت اقضيتها ومناطقها ومحلاتها الى اقسى الهجمات الصاروخية من البوارج الحربية والطائرات المقاتلة , في حينها أستخدمت مجموعة من الاسلحة المحرمة دولياً والتي تحوي على عنصر اليورانيوم المنضب ,و لا يخفى على أحد مدى خطورتهُ على الحياة للكائنات الحية عموماً والانسان منها بوجه خاص ,ومن ثم حرب الخليج الثانية التي زادت الطين بلة, حيث أزيل النظام الدكتاتوري الحاكم آن ذاك وفرحنا للتغير مستبشرين خيراً بالديمقراطية التي صُدِرت ألينا مفخخة ,وبسببها عمت الفوضى البلاد والعباد ,وكان تأثيرهذه الحرب أشد على البصرة من أختها الاولى ,حيث ازدادت أصابات سكان البصرة بمرض (السرطان) على أثر زيادة الاشعاعات والسموم الكيمياوية نتيجة الاسلحة المحرمة دولياً والتي أستخدمت في المعركة, ولا يزال تأثيرها قائماً حتى الأن رغم مرور أكثر من (15) سنة على الحرب ,أما اليوم ياسادة يا كرام فأن البصرة تشهد أقصى درجات الأهمال الحكومي والذي ربما يكون مقصود وممنهج من قبل أجندات خارجية لا تريد للبصرة أن تنهض أقتصادياً وأن تكون بمصاف المدن النفطية والساحلية المزدهرة والنشطة تجارياً ,حتى لا تستقطب الشركات الاستثمارية الكبرى كونها أرض خصبة للاستثمار ,أو أن يكون هذا الاهمال عن غباء سياسي وقلة خبرة بأدارة بلد مثل العراق ,وكلا السببين كارثي لأن الذي يدفع الثمن والخاسر الاكبر هو الشعب لا محال , على مدى (15) سنة التي مضت بعد التغيير وبجميع الحكومات المركزية المتتالية رُصِدت ميزانيات ضخمة لمحافظة البصرة منها أستثمارية ومنها لأقامة مشاريع الأعمارللبنى التحتية في المحافظة من محطات تصفية مياه الشرب ومحطات الكهرباء, وشبكات المجاري واكساء الشوارع,وغيرها من الامور الخدمية التي هي حق من حقوق المواطنيين,لكن تلك الاموال كانت تصرف على مشاريع غير متكاملة وغير ذات جدوى بالتعاون مع شركات غير رصينة وغير مؤهلة للقيام بالاعمال المحالة لها ,قبل عدة شهور بدأت شركة نفط البصرة وبتوجيه من وزير النفط بعملية تأهيل وتنظيف لنهر العشار في مركزمحافظة البصرة , لكن من متابعة مجريات العمل البطيء والغير مدروس نجد أن الشركة أعتمدت على كوادر بسيطة ليسوا من ذوي الخبرة في هكذا مشاريع وهذا يسبب هدر للمال والوقت, أما كان من الأجدر أن تُستقدم شركات أجنبية رصينة عن طريق الدعوات المباشرة للقيام بمشرع تأهيل نهر العشار وبنفس الكلفة التي خصصت له حالياً.
درسنا منذ نعومة أظفارنا ليس للماء لون ولا طعم ولا رائحة ,أما اليوم ماء البصرة أصبح له عدة الوان وروائح أما الطعم فهو واحد (ملحٌ أُجاج) , هذه التراكمات مجتمعة ولدت أزمة لا يحمد عقباها , الشارع البصري اليوم أنتفض وبمباركة المرجعية ,حيث كانت ابرز مطالب البصريين المتظاهرين هي توفير فرص عمل للشباب العاطلين , وتأمين الكهرباء المستقرة ,وحل مشكلة الملوحة في ماء الاسالة ,واكمال مشاريع البنى التحتية من المجاري واكساء الشوارع ,وهذا اقل ما تستحقه البصرة التي تمثل المصدر الاهم للدخل القومي للبلاد ,ومن ما تقدم كله يثبت لنا وبالدليل الملموس أن البصرة تعيش الان فترة خرابها الثاني وبأمتياز ,الى متى يبقى حال كذلك .؟ أين هي الأصلاحات التي تنادون وتوعدون الشعب بها قبل كل أنتخابات.؟ كفاكم ضحكاً على الذقون .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here