احزاب السلطة تواجه الحراك الشعبي بوسائل ديماغوجية

ازهر الكعبي
[email protected]
مع بدء الحراك الشعبي في مدينة البصرة ، وصلتني رسالة وعنوانها ( وهذا ماكنا نحذر منه) عبر تطبيق الواتساب من عدد من الاصدقاء ، ويبدو انها من فعل الجيوش الالكترونية للاحزاب والاشخاص الحاكمين ، وقد سبق لي ان استلمت نفس الرسالة خلال احدى الحركات الاحتجاجية قبل سنوات ، ووصلتني ذات الرسالة قبيل الانتخابات الاخيرة ، والرسالة هذه تحمل بين طياتها تهديد ووعيد للجمهور بضرورة السكوت عن المطالبة باية حقوق مشروعه في الخدمات وفرص العمل والتامين الصحي وغيرها من الخدمات التي تتمتع بها شعوب الارض خصوصا لبلد غني مثل العراق ،
وتتلخص هذه الرسالة التحذيرية بفرضية وجود مؤامرة اقليمية تحاك ضد مناطق العراق الجنوبية الغرض منها نقل الفوضى الى هذه المحافظات وان هنالك معسكرات في تركيا تستقطب اتباع الحركات المنحرفة لغرض تدريبهم وتوجيههم لفتح معركة داخل المناطق الجنوبية وعلى مراحل وان هنالك قيادات دينية وسياسية مستهدفة والعمل على استمرار تلك التظاهرات واستغلال الاسباب الداعية الى ذلك وتستمر هذه الرسالة في سرد خطط هذه المؤامرة ، ولكي تاخذ طريقها الى عقول الناس فقد ذكرت الرسالة اسماء القائمين على انهم من ازلام النظام السابق ، الذي جعلته السلطة فزاعه لتخويف الناس وبالحقيقة هم من يخافه رغم وجودهم على قمة السلطة وحتى بعد اعدام رمزه مضافا اليهم قادة السنة من شركاء الحكم في الوقت الحاضر ، وان تنفيذ هذه المؤامرة سيكون على مرحلتين ( صرخة الحق وصرخة الامام)
ويذكر مفبركي هذه الرسالة على ان ما يدور هو ليس مظاهرات على خدمات او غيرها بل هو حراك ضمن هذا المخطط ويشبهوها بساحات الاعتصام التي جرت قبل احتلال داعش لثلث العراق ومن ثم نقل هذا الحراك الى مناطق الوسط وحشد الناس ضد الحكومة واحداث فوضى واعتصامات من اجل تفجير الوضع باتجاه المعركة الكبرى في وسط وجنوب العراق مصحوبة بهجوم لقوات متمركزة في وادي حوران على بابل وكربلاء وانشقاق في الدفاع لتنتهي العملية بسقوط بغداد بملايينها السبعة وكأنهم خراف لا حول ولا قوة لهم ، ونقل الاسلحة ستكون عبر البرادات والشاحنات من تركيا الى العراق وليس غيرها مع ان هنالك دولا تقوم بتدريب وتسليح وتمويل الجماعات الارهابية وعلى مدى الخمسة عشر شنة الماضيه
اننا لا ننسى اطلاقا مؤامرات دول الجوار وخصوصا الخليجيون منهم وانهم يخشون قيام عراق قوي يكون نموذجا ومنارا تحتذي به شعوبهم التي ستسقطهم حتما ،
لدينا بعض التساؤلات التي تؤكد عدم صحة ما ورد في هذه الرسالة
لماذا يتم الترويج لمثل هذه الاخبار عند كل حراك شعبي يطالب بحقوق مشروعه في ادنى صورها ولماذا لا تقال حال ورودها ، ثم ان مثل هذه الاخبار عادة ما يكون مصدرها استخباراتي ، فما هو واجب الحكومة التي تقع في اولويات عملها حماية الشعب والدولة كمهمة مقدسة تاتي قبل الخدمات او اية خدمة اخرى
ثم لماذا هذه الاستعلائية مع ابن الجنوب واظهاره من قبل اغلب قادة الاحزاب الشيعية وتصويره بالبائس الرخيص والابله الذي بحاجة دائما الى من يقوده ، وهل سكوته على سرقة موارده دون ان يفرض ما يفرضه الاخرين شيء معيب ، هل انه قد تأخر يوما ما عن نصرة وطنه العراق او وطنه العربي ، من منكم كان له شرف الحضور اكثر منه في معارك فلسطين او معارك الوطن جميعها ، ، اليس هم اهل الجنوب من تناخى وخصوصا الفقراء منهم لان يتركوا عوائلهم المعوزة ويلتحقوا بساحات مقاتلة الارهاب تلبية لنداء المرجعية وسجلوا اروع الانتصارات اذهلوا فيه العالم وقلبوا حسابات الاميركان الذين ابتدعوا داعش واخواتها ، لأغراض معروفة ؟؟؟ رغم ان انتصاراتهم قد جيرت للاخرين الذين تولوا القيادة وهم تولوا الميدان ، وعلى ايديهم تحررت المحافظات المنكوبة من سيطرة داعش وما كان هذا الاحتلال ان يتم لو لا خيانة سياسي تلك المناطق الذين تعاونوا وسهلوا مهمة الاحتلال فاذاقوا مواطنيهم الذل والهوان من اجل حفنة من المال وتصريحاتهم هي من فضحتهم عندما سموا احتلال داعش ثورة شعبية ، ثم عادوا ليهنئوا الشعب بتحرير المدن المحتلة بكل صفاقة دون خجل ، بعد ان سالت دماء طاهرة وصرفت اموال طائلة ، في تحرير هذه المدن اضافة الى كلف اعادة بناءها .ومع ذلك ، لم نسمع او نرى اية اجراءات قد اتخذت ضد من تسبب في هذا الاحتلال اومع من تواطأ مع عصابات داعِش ، نتيجة ضعف النظام السياسي وسيادة نهج تقاسم السلطة على اسس طائفية وحزبية وقومية انتجت حكومات اوهن واضعف الوهن ذاته
كل مواطني البلد على دراية تامة بان دول الجوار تخوض بدماء العراقيين وتحيك وتمول المؤامرة تلو المؤامرة ، فما الجديد في هذه الرسالة التحذيرية في قولها ان هنالك مؤامرة ، لكن السؤال، ماذا فعلت الحكومات والسياسيين تجاه هذه المؤامرات وفي ايديكم الالاف من الوثائق والاعترافات لمنفذي عمليات القتل والتفجير والتخريب فضلا عن التسجيلات التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي التي يحرض فيها شيوخ الفتنة على مقاتلة هذا المكون او ذاك من مكونات الشعب العراقي وهم موظفين في هذه الدول ، وهنالك من السياسيين من يتلذذ بخدمة هذا الطرف او ذاك من الجوار ، فكيف تريد ان تتوقف هذه المؤامرات ،
ثم ما الفائدة من تحذير المواطنين بهذا الشكل وهنالك هوة كبيرة بين الشعب والحكومات التي تضم كل سياسي الصدفة ومن كل المكونات ، اليس حري بقادة السلطة ان يكسبوا ود الجماهير من خلال التفاعل الحي و السعي الحثيث لبناء علاقة وطيدة اركانها الصدق والعمل الجاد من اجل مصلحة الشعب والبلد وتوفير فرص العمل وبناء المشاريع الخدمية وتطوير الاقتصاد ومحاربة الفساد ، وقبل كل شيء جلب عوائلكم للعيش هنا حتى تتعرفوا على مشاكل وهموم الناس عن قرب ، اليس وجود عوائلكم خارج العراق استفزاز للمواطن المسكين الذي يعاني الامرين بسبب ادارتكم الفاشلة للدولة ، وبالمناسبة صار معتادا لكل من يتقلد منصبا في العراق ان ينقل عائلته الى خارج العراق ، مما يعني امعانا في اهانة الشعب ، ولتسهيل صفقات الفساد بعيدا عن عيون الحاسدين وليس خوفا من القانون ، الم يتعلم ساسة الصدفة ان المراهنة على الاجنبي في استمرارهم هو رهان خاسر ، وان قوتهم تكمن في تأييد وتعاطف الشعب معهم وانه اي الشعب سيكون سدا منيعا ضد اية قوة في العالم تريد اقصائهم وان قوى التآمر الكبرى تخشى من يحظى بتأييد شعبه ، ولن تتصرف معه كما يتصرف ترامب مع قادة الخليج حيث يفاجئنا في كل يوم بخطاب او تغريدة تحط من شان هؤلاء الحكام لانهم لا يحظون بتقدير شعوبهم وترامب يعرف ذلك ويقايض بقائهم بمزيد من الابتزاز المالي
والمضحك في هذه ( الرسالة التحذيرية ) انها تشيرالى ان نقل السلاح سيتم عبر البرادات والشحنات التجارية من تركيا ولا اعرف حصر الامر بتركيا فقط واهمال الاخرين الذين يصدرون للعراق كل شيء ايضا بعد ان امعن الساسة في جعله خاويا من كل صناعة وتجارة وزراعه ، والسؤال المشروع ماهو دور الحكومة على المنافذ الحدودية ، ام ان هنالك جهات اخرى تتولى السيطرة والفحص على ما يدخل العراق من بضاعه ، رسميا كلنا نعلم ان الحكومة عبر اجهزتها المتخصصة هي المسؤولة ، فكيف يتم هذا الافتراض ، ام ان ما ورد في هذه الرسالة يؤكد وجود جهات اخرى هي من تسيطر على المنافذ كما مهمتها استيفاء الاجور عن كل شاحنة تدخل بغض النظر عما تحتويه هذه الشحنات من حمولات حتى لو كان الموت الزؤام للشعب
نستنتج من هذه الرسالة ومن السلوك العام للحراك السياسي ان الجميع يريد القول للشعب عليكم ان ترضوا شئتم ام ابيتم بوجودنا مهما حدث لكم من غياب للخدمات ومن دمار وقتل وضياع للوطن وان تكفوا عن الاحتجاج لاننا باقون ولا تحسدونا على حياة الرغد والبذخ الفاحش الذي نعيشه ، والا سيكون ثمن احتجاجاتكم عودة للبعث وعصابات القتل والفوضى العارمة والحرب الاهلية ، تماما كما قال صدام سنسلم العراق ترابا
وانا اكتب هذه المقالة ، التي تزامنت مع توسع حركة الاحتجاجات لتشمل محافظات ومدن اخرى غير البصرة ، فقد تاكدت هواجسنا تماما ، فقد دخلت الاحزاب والتيارات على خط الاحتجاجات الشعبية لغرض تحويلها من مطالب شعبية محقة بسبب نقص الخدمات وفوضى الامن وانتشار الفساد بشكل رهيب وانعدام فرص العمل وتدهور الصناعة والزراعة والبنى التحتية للبلد ، لغرض حرف تلك الاحتجاجات من مسارها وتحويلها الى حركة فوضوية تستهدف المرافق العامة والابنية لاظهار تلك الجماهير بشكل مشوه ومرفوضة من المجتمع ومن باب اخر استغلت تلك الاحتجاجات من قبل الاحزاب والتيارات لتصفية الحسابات فيما بينها وتحميل الجماهير الاعمال العداونية المتبادلة فيما بينهم ، فعلى سبيل المثال ، ما علاقة مطار النجف بمطاليب مشروعة في توفير الخمات ، او ابنية حكومية محسوبة لهذا التيار او ذاك لكي تهاجمها مجموعات مسيسة
ان صراعهم على المناصب الحكومية التي من اجلها جميعهم على استعداد لمحاربة السماء ذاتها ، انهم عنوان لخراب البلد ،
لن تنطلي علينا شعاراتهم البراقة التي باتت عار على اصحابها بعد تجربتنا المريرة معهم وعلى مدى خمسة عشر سنة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here