طريق المجد للشباب (حلقة ثقافية) ـ التعليم بالقدوة ـ

* د. رضا العطار

يستطيع السيكولوجي ان يقول ان الطرق التي تعامل بها الخدم في بيوتنا هي اسوأ تدريب لأبنائنا على العنف والبطش والاندفاع العاطفي، ذلك ان السيدة تضرب الخدم اكثر مما تناقشهم، وتندفع في غضب عاطفي الى سبهم بالكلمات النابية او الى ايذائهم بالدفع واللكم.
وهذه السيدة نفسها تعًلم ابناءها الرفق والمجاملة والتعقل، ولكن هذا التعليم بالكلمات والنصائح ينهزم امام القدوة. حتى تقف امامهم وهي كالمتوحشة تسب وتضرب.

لذلك ينشأ الصبيان وقد حفظوا ما تعلموه بالقدوة. ونسوا ما تعلموه بالكلمة والنصيحة.
لان القدوة كانت اثبت في نفوسهم وارسخ في وجدانهم. فهم يقتدون بأمهم ويعاملون الاقارب والغرباء في المجتمع بالاسلوب العاطفي. فيستسلمون للغضب الاعمى ويبصقون السباب ويبطشون لاقل استفزاز. وعندئذ ينفر منهم الناس او يصدون عنهم كارهين عازفين عن سلوكهم.

وما احرى بالامهات بان يعاملن الخدم بالرقة واللطف والرفق، لانهن انما يعلمن ابناءهن السلوك الحسن بهذه المعاملة.
إذ ليس افعل من القدوة في الصغار لا من شأن الصغير ان يقتدي بالكبير خاصة اذا كان هذا الكبير إما أمًا لها قوة الايحاء والتوجيه، فملايين الكلمات من النصح لا تجدي امام المثال العملي الذي يجده الصبي في سلوكها مع خدمها.

والبيت هو المدرسة الاولى بل يكاد يكون المدرسة الوحيدة للتربية، ونعني التربية ولا نعني التعليم.
وافضل انواع التربية هو القدوة. فنحن نأخذ من امهاتنا الاسلوب الذي نعامل به افراد المجتمع.
وبعض هذا الاسلوب يُغرس في نفوسنا ونحن صغار مما نرى من من معاملة امهاتنا للخدم.

ولهذا نناشد السيدات الرفق والتعقل في معاملتهن لخدمهن، واذا لم يكن عندهن من البر والانسانية ما يحملنهن على ذلك، فليكن لهن من الانانية والحب لاطفالهن ما يبصرن بمستقبل هذه الاطفال.

* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للعلامة سلامة موسى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here