بيان في ختام الملتقى الاول خريجي الجامعات التشيكية والسلوفاكية

براغ 12—14/07/2018

الزميلات والزوملاء الاعزاء

ها نحن نختتم لقائنا الاول الذي عملنا على تحقيقة بشكل مشترك ، والذي حقق بعض ما في نفوسنا باستعادة اجواء الزمن الماضي الحميمية في مدينة براغ المضمخة بعبق التاريخ والجمال واللطف الانساني، ونبعث الحياة في ذكرياتنا المشتركة مع ابنائها وبناتها الطيبين، في دروبها وقاعاتها الدراسية وخمائلها، في نهاراتها ولياليها، وأستذكرنا بعض من تجاربنا الحلوة والمرة الغزيرة في تلك السنوات التي قضيناها فيها، والتي تلاحقت خاطفة وتبخرت .. ونحن بين مصدق ومكذب ..

قد يحسن بنا ونحن عشنا هذا الحدث الفريد،ان نقول اننا نتحدث هنا عن جمهرتنا العراقية المتنوعة عمريا وجغرافيا وقوميا ودينيا وثقافيا وفكريا، التي حلت اولى طلائعها في هذا البلد في النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي، وبلغ عديدها مع تعاقب السنين والعقود المئات.النفر الاول القليل جدا الذي كان اقرب الى اللاجيء السياسي، وصل قبل ثورة 14 تموز. اما الموجة الاولى الحقيقية من “عراقيي تشيكوسلوفاكيا” فقد حطت الرحال في براغ بعد الثورة، اواخر صيف 1959، وضمت اول مجموعة من الطلاب الذين جاؤوا للدراسة الجامعية، مستفيدين من الزمالات التي قدمتها الدولة التشيكوسلوفاكية آنذاك. والى جانبهم وصلت اعداد محدودة من المتدربين في مختلف المجالات والتخصصات.واعقبت ذلك موجات اخرى في السنين اللاحقة، ضمت كذلك طلاب دراسات عليا. ولم تمر ثلاث او اربع سنوات، حتى اصبح للطلاب العراقيين شأن من ناحية العدد والفاعلية بين الطلبة الاجانب الدارسين في الجامعات التشيكية والسلوفاكية. وقد عزز حضورهم وجود العديد من الشخصيات الثقافية والسياسية والطلابية والنقابية العراقية، المكلفة بتمثيل منظماتها في المراكز والمنظمات الدولية التي توجد مقراتها في براغ، مثل مجلة “قضايا السلم والاشتراكية” والاتحاد العالمي للنقابات واتحاد الطلاب العالمي.وكانت الصدارة بين الجميع طبعا للجواهري الكبير، شاعر العراقيين والعرب الذي صارت براغ بغداده الثانية طوال عقود من الزمن .

تغير الحال بعد انقلاب شباط 1963، عندما بدأ يصل الى تشيكوسلوفاكيا عراقيون فارون من قمع الانقلابيين وعسفهم، بدلا من طلبة العلم الذين راح عددهم يتناقص في جامعات البلد مع تخرج المزيد منهم كل سنة ورحيلهم.وارتباطا بالموقف السلبي من الانقلاب، الذي اتخذته الدولة التشيكوسلوفاكية الاشتراكية، وصل المزيد من الشخصيات الوطنية العراقية السياسية والثقافية والاكاديمية، للمساهمة في “حركة الدفاع عن الشعب العراقي” التي صارت براغ مركزا لنشاطها، وفي الفعاليات التضامنية والاحتجاجية والسياسية المتنوعة، التي انطلقت بتأثيرها وتحت اشرافها.

واعتبارا من ذلك الحين تغير الطابع الغالب للوجود العراقي في تشيكوسلوفاكيا، ولم يعد الحضور الطلابي هو الطاغي فيه، بل راح يزداد تنوعا. وانضم الى جمهرته في النهاية العديد من العراقيين محبي السياحة، الذين احبوا براغ وبلاد التشيك، حتى تحولوا الى زوار دائمين لهما، يقصدونهما ما استطاعوا الى ذلك سبيلا.

في ملتقانا هذا في براغ، أستذكرنا ذلك والكثير الكثير غيره،نعم نحتاج هذا التواصل الذي جئنا الى هنا من اجله، واكتشفنا انه هو ايضا خاطف، واكثر من خاطف ..واول مااستذكرناه اعلامنا العراقيين الذين نزلوا هذه البلاد الطيبة وعاشوا فيها ردحا من الزمن، طال ام قصر، وابدعوا فيها وقدموا الكثير والثمين، وكانوا وظلوا مصدر فخر واعتزاز لنا. كذلك احبتنا، اخوتنا، رفاقنا، اصدقاءنا، الذين عشنا معهم تلك الايام والسنين في هذه المدينة السمحة، ثم فقدناهم .. اختطفتهم منا المنايا اللئيمة،وكان بينهم الكثيرون ممن تعلمنا منهم، وعرفنا على ايديهم معاني الاخوة الحقيقية والصداقة الحميمية،وممن شاركناهم حب الوطن والناس، وقاسمناهم الافراح والاحزان، فصرنا منهم كما صاروا منا .. نعم، لم يأخذهم النسيان منا يوما، وظلوا يعطرون ذاكراتنا بحضورهم الجميل معنا بهذا اللقاء مجتمعين وأكملوامجلسنا في براغ وأضاؤوه.أحتفينا معهم بوطننا الغالي،الذي كان وكانت حريته ورفعته في القلب من رحلتنا واياهم الى هذه البلاد،وإن لم نتوفق دائما في وضع ما تحصلنا عليه هنا في خدمته. ثم لنقدم معا، والقلب على القلب، جميل السلام وخالص الشكران الى هذا البلد الذي شربنا من صافي مائه وتنفسنا من “عذيبي” هوائه، والى اهله الذين اكلنا من طيب خبزهم ، مكررين رجاءنا الخير لهم والسلام والرخاء. ومرددين مع الجواهري الخالد.

لا يسعنى في نهاية هذا البيان إلا أن نتوجه بالشكر لجميع الخريجات والخريجين لتلبيتهم دعوتنا ونشكرهم على مساهماتهم الأستذكارية،ولا يفوتنا أن نتقدم بالشكر والأمتنان لكافة الجهات والأطراف التي مدت يد العون والمساعدة لتحقيق هذا اللقاء الذي بدونه لما كان بالمستطاع فرشه على أرض الواقع وليكون محل فخر وأعتزاز كافة العراقيين .

(براها) سلامٌ كلما خفق الصباحُ على الهضابِ
ما هز فجرٌ بالندى خضر الأباطح والروابي
ما طارح الروض الحمامُ لدى الشجيرات الرطاب
ما طارحته حمامة بهديلها، شجو التصابي
(براها) سلام ما اكتسى ألقُ السنا مزق الضباب
(براها) سلام ما ارتمت كِسَرا أغاريد الشباب
ما فاض كوبٌ بالشراب وخلا على شفتي كعاب

والى الملتقى احبتنا جميعا، يامن جئتم من بعيد الديار حيث تعيشون اليوم، ويامن بقيتم او ابقاكم الزمان تتمتعون بقرب تشيكيا وبراغها .. الى الملتقى الثاني الذي نأمل تحقيقة بعمل مشترك اكثر سعتا وعطاءا

المنتدى العراقي في الجمهورية التشيكية

Irácké Fórum v ČR

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here