الاحتجاجات في إيران والعراق صدفة أم ماذا؟

منى سالم الجبوري
الاحتجاجات الشعبية التي تعم إيران بشکل مضطرد منذ 28 ديسمبر/کانون الاول 2017، ولاتوجد منطقة لم تصلها، مع وجود أسباب متعددة له ولکن يبقى العامل الاقتصادي الاقوى والاکثر تأثيرا في دفعه الشعب للشوارع والساحات العامة والميادين، وفي الوقت الذي کان نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية يحاول کبح جماح هذه الاحتجاجات والسيطرة عليها من خلال الاستعانة بنفوذه وهيمنته على بلدان المنطقة وإستخدام وتوظيف ذلك من أجل تقوية الموقف الرسمي أمام الشعب الايراني، فإن الاحتجاجات بدأت تندلع في العراق والذي يصيب طهران بالاحباط إنها إندلعت من البصرة وعمت المناطق الجنوبية التي تسکنها غالبية شيعية يحسبها النظام الايراني بمثابة ظهير داعم ومٶيد له.
العراق الذي کانت طهران تعتبره سندها الاقوى في إعانتها ليس في مواجهة الاحتجاجات الداخلية فقط وانما حتى في مواجهة العقوبات الامريکية کما حدث وجرى خلال عهد أوباما والدور المهم الذي لعبته حکومة نوري المالکي في تخفيف آثار العقوبات الامريکية، لکن قيام المتظاهرين العراقيين بمهاجمة مقرات الاحزاب المحسوبة على إيران وحرق صور خميني وخامنئي، کنا بمثابة رسالة ذات مغزى صعقت الاوساط السياسية الحاکمة في طهران وأصابتها بصدمة شديدة، إذ إنه يضع طهران أمام کابوس جديد لم تکن تتوقعه أو تنتظره في هذا الوقت تحديدا.
قطع الانترنت عن العراق ومانقل عن بدأ إستخدام القمع ضد المتظاهرين العراقيين وحتى حالات الدهس بعربات عسکرية ومانقل عن إعطاء توجيهات بإندساس عناصر الحشد الشعبي بين المتظاهرين وتدخل الجيش والشرطة بصورة غير عادية، کل هذا بدأ بعد أن صارت مظاهر رفض التدخل الايراني في العراق وحرق صور خميني وخامنئي ومهاجمة مقرات الاحزاب المحسوبة على إيران، والاهم من ذلك إن هذه الاساليب هي ذاتها التي تم إستخدامها ضد الاحتجاجات الشعبية في إيران وبشکل خاص ضد إنتفاضة عام 2009، وبطبيعة الحال، عندما نبحث في المسألة بشکل دقيق من مختلف النواحي، نجد إن هناك نوعا من الترابط بين الحالتين، أي الحالة العراقية والحالة الايرانية مع ملاحظة إن الدور والتأثير الاکبر هو لطهران، إذ أن العراق وبعد الاحتلال الامريکي هيمن عليه النفوذ الايراني وکان ولايزال صاحب الدور الاکبر والاکثر تأثيرا في العراق ومن هنا، فإن أية تطورات غير عادية ودراماتيکية تحدث على صعيد التظاهرات العراقية والتعامل واسلوب التصدي لها من جانب الحکومة العراقية، لايمکن أبدا أن تحدث من دون مشورات أو حتى توجيهات”صارمة” من طهران!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here