نزاع اللئام على خزائن الايتام !!

كنت دائما استغرب من كثرة النكت المصرية وكثرة ضرب الامثال اثناء احاديثهم ونقاشاتهم وافلامهم حتى اصبحنا اليوم ننافسهم في هذه المجالات وزال استغرابي بعدما صبت علينا مصائبٌ لو أنها ~ صُبت على الأيام صرن لياليا ”
في الخمسينات من القرن الماضي كنت حينها طالبا في الابتدائية- اجتمع المعلمون اثناء احدى الفرص او الاستراحات بين الدروس فروى احدهم نكتة تقول أن رئيس احدى الدوائر بينما كان متبخترا خلف مكتبه الفخم وفي وضعية لا يحب ان يراه احد عليها دخل عليه احد موظفيه ليأخذ رأيه في شيء ما , حينها انزعج المدير وغضب من الموظف الذي قطع عليه خلوته فأكال له كمُ من التوبيخ والشتائم ثم سأله ” ما الفرق بينك وبين الحمار؟ هنا أجابه الموظف ببرود: الميز ! ” ثم تركه وخرج… هنا ضحك كافة المعلمين إلاّ واحدا منهم لم يستوعب النكتة فقال لهم وهو يدخل فصله: نكتة فطيرة لماذا تضحكون , ولكنه بعد حوالي ربع ساعة خرج من فصله ليضحك على نفسه اولا وبأعلى صوته لعدم استيعابه النكتة وقتها!
هنا قد يقول قائل: أين رباط الكلام؟ أقول يبدو ان حالنا حال هذا المعلم الذي لم يستوعب النكتة مع الفارق فنحن شعب كما يبدو أن غالبيتنا لا تعي اللعبة إلاّ بعد فوات الاوان ! وهنا تحضرني حكاية:
إذ يقال أن جحا في ليلة شتوية باردة كان ملتحفا لحافه الوحيد محتضنا عجوزه للدفي ليس أكثر وإذا به يسمع شجارا عند باب الدار استأذن عجوزه والتحف لحافه وخرج ليرى ما الحدث فحملته بسالته لفض النزاع بين المتشاجرين وانتهت العملية بسلام وبسرعة لشطارة جحا وعاد فرحا الى عجوزه ولكن من دون اللحاف فسألته ما الخبر فأجابها بفخر : يبدو انهم كانوا متشاجرين من أجل اللحاف!!
أقول بعد كل هذه النكبات التي حلّت بنا وهذا التخلف والدمار الذي حلّ بالبلد وشعبه حتى اصبحنا في قاع الامم في سلم الحضارة والعلم والمعرفة والثقافة والفنون والتقنية والاقتصاد والامن والصحة والتعليم والخدمات بكل انواعها واصنافها وكما نشرت بعض المسوحات الدراسية أن جنوب العراق اصبح غير صالح للعيش, وبعد هذا كله ينشغل المسؤولون الذين يدعون أن الشعب انتخبهم بتوزيع (الغنائم) أقصد المناصب ومواقع النفوذ من وزارات وغيرها بل يستغربوا متسائلين: لماذا يتظاهر الشعب ونحن نعيش حالات انتصار على داعش!! وفي الوقت نفسه يصادق رئيس الجمهورية على قانون يضيف امتيازات جديدة للبرلمانيين ومع ذلك يتسائل مسؤولون: لماذا يتصرف بعض المتظاهرين بعنف مع مقرات الاحزاب الحاكمة!! ثم يأتي مسؤول آخر ليتسأل لماذا لم تصبروا علينا بمزيد من الوقت لنحقق لكم ماتريدون!! والكل يعلم اليوم ان الحكومة في تمام عجزها وضعفها عن تنفيذ اياَ من مطالب الجماهير بعد حكم خمسة عشرة عاما هدرت بفسادها وجهلها وخيانتها امانة شعبها واضخم رصيدها ومحتويات ميزانيتها أيام عرسها وعزها ونشوتها,
هل بقي ذرة شك لدى عامة ابناء الشعب العراقي أن كافة المتنازعين اليوم على مائدة ايتام العراق هم من اسوأ لئام العصر وخبثائه والواجب يملي علينا البحث عمن نأتمنه على العراق ومستقبله وثروات ارضه وشعبه ونرمي بكل هذه النفايات خارج اسوار العراق؟
يا ترى هل يمكن ان نرى اليوم في الافق وفي هذه المحنة العصيبة أي ملامح لطرف أو جهة تتحلى بالمصداقية والكفاءة والوطنية تستطيع ان تجمع شمل العراقيين على كلمة سواء لتخرجه من هذا النفق المظلم الرهيب وتأخذ بيده الى بر الامان؟ نأمل أن لا ننخدع بالمظاهر فنُخرج الفاسد والدجال من الباب ليعود الينا بثوب جديد من الشباك.
أحمد رامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here