شرعية الأنظمة السياسية و ازدواجية التعامل

الأنظمة السياسية القائمة حاليآ تستمد شرعيتها من اعتراف الأمم المتحدة بتلك الأنظمة من خلال وجود ممثلين لتلك الدول معتمدين لدى الهيئة الدولية و التي اصبحت تلك الدول الممثلة في الأمم المتحدة تأخذ شرعيتها من تواجدها هناك و ان كانت الأنظمة التي تحكم تلك الدول قد سيطرت على الحكم بقوة السلاح في انقلاب عسكري او تزوير في الأنتخابات او بأي شكل آخر من الأساليب غير المشروعة و غير القانونية في الوصول الى سدة الحكم فأنها و في كل الأحوال اعتبرت حكومات شرعية حازت على مقعد في الجمعية العمومية للأمم المتحدة .

من ضمن تلك الأنظمة السياسية و التي تحظى بعضوية الأمم المتحدة و بأعترافها هو النظام السوري و الذي يخوض حربآ اهلية شرسة منذ سنوات عديدة ضد المعارضين له من مختلف الفصائل المسلحة و التي لا تعترف به كنظام شرعي يمثل الشعب السوري والا لما شهرت سلاحها بوجهه و خرجت عليه و اصطفت الى جانب تلك الفصائل المسلحة العديد من الدول القريبة من سوريا و حتى تلك البعيدة و التي اغلقت سفاراتها و سحبت سفرائها من العاصمة السورية في اشارة واضحة الى سحب الأعتراف الرسمي من النظام السوري على الرغم من الأعتراف الدولي المتمثل بالأمم المتحدة بهذا الحكم بأعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري .

تشبثت روسيا و ايران و بقية حلفاء النظام السوري بشرعية هذا النظام المستمدة من اعتراف الأمم المتحدة به في حين وقفت امريكا و دول الغرب الأوروبي و دول الخليج العربي على الضد من ذلك و اعتبرت ان خروج المظاهرات السلمية المناوئة للنظام و من ثم الحرب الأهلية المسلحة بمثابة سحب لتلك الشرعية و اعتبار تلك التحركات السلمية منها و العسكرية بمثابة التصويت الشعبي على فقدان النظام السوري لشرعيته من وجهة نظر الأطراف المعادية للحكومة السورية و التي قد ترى ايضآ ان وجود هذا النظام هو العقبة الأخيرة امام تطبيع العلاقات مع اسرائيل و العمل على ازالته من الخارطة السياسية في المنطقة سوف يتيح المجال امام كل الحكومات الراغبة في علاقات طبيعية مع الدولة اليهودية .

في المقابل كانت امريكا و حلفائها من الدول الخليجية تتمسك بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليآ بأعتبارها الحكومة الشرعية الممثلة في الأمم المتحدة في حين اتخذت ايران و حلفائها موقفآ مناهضآ تمثل في دعم الأنتفاضة الحوثية المسلحة ضد الحكم اليمني و اعتبرته فاقدآ للشرعية و استندت في ذلك على تلك الهبة الجماهيرية المسلحة ضد الحكم اليمني القائم غير عابئة و لا مكترثة بالشرعية الأممية التي يحظى بها النظام اليمني من خلال ممثله الدائم لدى الهيئة الدولية فكان الموقف الأيراني من الحكم اليمني متطابقآ مع الموقف السعودي من الحكم السوري و ان اختلفت المسارات و تقاطعت الأتجاهات .

على الرغم من الحروب العديدة و الأزمات الكثيرة التي افتعلها النظام العراقي السابق ( صدام حسين ) و الذي وضع المنطقة بكل دولها و انظمتها الحاكمة على حافة هاوية خطيرة و مدمرة و مع ذلك كان معترفآ به امميآ و دوليآ الا ان امريكا و حلفائها ضربت بتلك الشرعية عرض الحائط و حشدت جيوشها و اساطيلها فكانت حرب تحرير الكويت و من ثم الحرب التي اطاحت بالنظام العراقي السابق ( الشرعي ) من وجهة النظر الدولية و انصاعت الأمم المتحدة بأغلب الدول المنضوية تحت لوائها و باركت لاحقآ الخطوة الأمريكية في احتلال العراق و اسقاط النظام ( الشرعي ) فيه .

تداخلت الأراء و اختلفت التعريفات في شرعية الحكومات و الأنظمة الحاكمة و لم يعد هناك من توصيف واضح و تعريف محدد في شرعية الحكومات و الأنظمة السياسية من عدمه و مدى الألتزام الدولي بأحترام تلك الشرعية ان وجدت فأذا كانت دولة عظمى تدعي الألتزام بالقانون الدولي و احترام مبادئ الأمم المتحدة قد ضربت بتلك الألتزامات و القوانين عرض الحائط و اتخذت موقفآ متعارضآ مع موقف الأمم المتحدة من النظام العراقي السابق و اتخذت قرار الحرب و اسقاطه منفردة كما فعلت حينها الولايات المتحدة الأمريكية و ادارة الرئيس ( جورج بوش ) .

طالما ظلت قرارات الأمم المتحدة غير ملزمة و ليست ذات اهمية و لا تسقط شرعية الأنظمة القائمة و خاصة الدول العظمى او القوية فأن تلك القرارات و التوصيات سوف تبقى محل تلاعب و اهمال من قبل الدول القوية فأن اعجبتها تلك القرارات اخذت بها و اعتبرتها ملزمة و اجبة التطبيق كونها صادرة عن الهيئة الأممية و كون تلك الدول تلتزم بالمعايير و القوانيين الدولية و تعمل جاهدة على تطبيقها و ان لم ترق تلك القرارات و التوصيات الصادرة عن الأمم المتحدة اهملتها و لم تأخذ بها لا بل و في اغلب الأحيان كانت تعمل على الضد منها و لنا في المواقف الأسرائيلية و عدم احترامها لقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية مثال صريح و صارخ على مدى هشاشة و ضعف تلك القرارات و التوصيات و بأختصار شديد انها شريعة الغابات و شرعية الأقوياء .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here