حلول مقترحة لتنشيط التنمية في العراق

بعد انطلاق موجة جديدة من الاحتجاجات في العراق منذ بداية تموز ٢٠١٨ قامت الحكومة الاتحادية وتحت ضغط هذه الموجة بإطلاق عدد من الوعود لتهدئة الشارع الغاضب بسبب تفشي ظاهرة البطالة وقلة الخدمات, تمثلت الوعود بالاتي:
1. إطلاق درجات وظيفية في محافظات الجنوب والوسط ان كانت هذه الدرجات مستحدثة او شاغرة نتيجة حركة الملاك.
2. تخصيص مبالغ كبيرة ضمن تخصيصات تنمية الأقاليم.
3. وعود باستئناف تمويل المشاريع التي توقفت بعد ٢٠١٤ بسبب الازمة المالية.
4. وعود لتوفير الحصص المائية لهذه المحافظات لتمكين المزارعين من الزراعة وتعويض المتضررين منهم نتيجة شحة المياه.
5. وعود مختلفة تعتمد في اغلبها على توفير تمويل من وزارة المالية.

يمكن للمراقب ان يستنتج عدد من الملاحظات على هذه الوعود:
1. كل هذه الوعود هي ( رد فعل ) على موجة الاحتجاجات وليست نتيجة تخطيط استراتيجي لحل المشاكل التي تعاني منها المحافظات في الجنوب والوسط وباقي العراق مع العلم ان اغلب هذه المشاكل ان لم يكن كلها هي مشاكل مزمنة وليست وليدة هذا الشهر او هذه السنة, بالتالي تكون مصداقية هذه الوعود ضعيفة واحتمالية تنفيذها غير مرجحة.
2. المشاكل التي خرج المحتجون بسبها الى الشارع هي نتائج وليست اسباب, نتائج لسياسات اقتصادية ومالية سيئة أدت للحال الذي وصل له العراق اقتصادياً, بالتالي معالجة هذه المشاكل يجب ان يكون من خلال معالجة الاسباب الأصلية من خلال تصحيح السياسات العامة الخاطئة التي اعتمدت خلال الخمسة عشر سنة الاخيرة.
3. لو نفذت الحكومة الاتحادية وعودها التي اطلقتها للمحافظات المحتجة فإنها ستكون قد عادت لنفس السياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة التي اوصلت العراق لما وصل اليه الْيَوْمَ, بمعنى أوضح فان الحكومة لن تكون نجحت في حل أزمات العراق بل زادت من عمر هذه الأزمات واجلت المواجهة معها فترة قصيرة.

نقترح على الحكومة الاتحادية الحلول الاتية لمعالجة مشاكل وازمات العراق:
1. ان إطلاق درجات وظيفية سوف يحمل الموازنة العامة للدولة اعباء مالية طويلة الامد مع عدم حاجة البلد لمثل هذه الدرجات الوظيفية لان الحكومة نفسها تقول ان عدد الموظفين اكبر من العدد المطلوب بدليل حذف الدرجات الوظيفية الشاغرة للسنوات السابقة وبدليل تشريع منح اجازة للموظف لمدة خمس سنوات بدون راتب ولكون عدد العاطلين عن العمل في العراق كبير وهو اكبر من امكانية الحكومة لاستيعابهم في وظائف القطاع العام, نقترح بدلاً من إطلاق درجات وظيفية توفير إعانات الحماية الاجتماعية للعاطلين عن العمل بشكل مؤقت ( لمدة ٦ أشهر قابلة للتمديد ) مع اشتراط خضوع المشمول بالإعانة الاجتماعية لتدريب مهني حقيقي يمكن ان يؤهله اما لتأسيس عمله الخاص كمشروع صغير او حصوله على عمل دائم في القطاع الخاص, بهذه الحالة سوف لن تتحمل الموازنة العامة اعباء مالية كبيرة كاستحقاقات ملزمة وكذلك سوف يمكن استيعاب اعداد كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل لان مبلغ الاعانة اقل من مبلغ الراتب الثابت ولكنه يوفر مخرج من الازمة المالية التي يعاني منها الشباب بدلاً من حالة الياس التي تعصف بهم, هذا الحل يحتاج الى سياسة عامة فعالة يشترك في رسمها وتطبيقها الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية.
2. لكي نساعد الشباب العاطلين عن العمل لعبور مرحلة التأهيل والاعتماد على الاعانات الاجتماعية المدرجة في النقطة الاولى اعلاه يجب ان تقوم الحكومة الاتحادية برسم سياسة فعالة لحماية المنتج الوطني العراقي ومكافحة الاغراق السلعي للسوق العراقية من دول الجوار والدول الاخرى, يمكن القيام بذلك من خلال مسارين:

أ. اعتبار هيئة المنافذ الحدودية هي خط الصد الاول لحماية الاقتصاد العراقي بحيث تشدد الدولة من قبضتها على هذه المرافق الحيوية وتقضي على الفساد والروتين في هذه المنافذ لضمان تطبيق القوانين والتعليمات بصرامة وبدون اي تساهل, وبعد التاكد من صحة وسلامة هذه المنافذ يمكن فرض رسوم جمركية عالية على السلع بحيث نتيح للسوق العراقية النشاط وتوفير هذه السلع وبالتالي نؤمن فرص عمل للشباب العاطل عن العمل, هناك العديد من الدراسات الاقتصادية المفيدة في هذا المجال والتي يمكن من خلالها تجاوز اي صدمة او أزمة يمكن ان تحدث خلال فترة الانتقال من الاعتماد على السلع المستوردة الى الاعتماد على السلع الوطنية.

ب. وضع هدف استراتيجي وطني للعراق وهو اكتفاء قطاع توليد الكهرباء بنفسه وعدم الحاجة لاستيراد الكهرباء على ان يحدد فترة لا تزيد على ٣ سنوات لتحقيق هذا الهدف مع مراعاة الحمل الأقصى الحالي والزيادة المتوقعة خلال السنوات العشر المقبلة والزيادة المتوقعة في حالة عودة القطاعات الاقتصادية المختلفة للنشاط بكامل طاقتها, نجاح العراق في توفير الطاقة الكهربائية سوف يقلل من كلّف الانتاج ويحسن من فرص منافسة المنتج المحلي ويحسن كذلك من امكانية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الديمومة والاستمرار.

٣. مكافحة الفساد باعتباره اهم تحدي يقف بوجه تطبيق اي حلول مقترحة وهناك إجراءات عديدة ومحددة تعرفها الحكومة الاتحادية والبنك المركزي وغيرها من الجهات يمكن من خلالها تقوية الاقتصاد العراقي بحيث يقلل من تهريب العملة الصعبة ويجعل من الاستثمار في العراق مشجعاً وجاذباً للمستثمرين العراقيين والأجانب.

هذه باختصار مقترحات ممكنة التطبيق وسريعة يمكن البناء عليها لتجاوز الازمة الحالية بدلاً من الهروب الى الامام والقيام بخطوات غير صحيحة او عدم القيام باي خطوات من الأساس.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here