ذنب الشعب أم ذنب الأحزاب

بقلم عبد الهادي كاظم الحميري

من المقولات التي كانت متداولة في وسط وجنوب العراق أيام زمان : الصوج مو بالجاتل الصوج بالمجتول وبالعربي الفصيح السبب / الذنب لا يعود الى القاتل بل يعود الى المقتول . بطبيعة الحال لا يمكننا مع التقدم والوعي الذي تعيش فيه مجتمعات العالم اليوم وحرمة الحياة أن نقبل هذه المقولة التي تتعلق بعركات الأفراد بلا شك بل علينا أن ندفع بأن على القاتل المفترض أن يتجنب من يستحق القتل المفترض بكل الوسائل المتاحة وبعكسه فسيأخذ جزائه حسب كل حالة على حدة .

للأسف الشديد يبدو أن في التصرف الجمعي للكثير من الشعوب توطئة لجلب الكوارث على نفسها والناجية منها في حالات قليلة قد لطف الله بها ويسر لها في حينه حكمة وإجراءات حاكم دفعت عنها الشر المستطير .

في روسيا الاتحادية ونتيجة لإنهيار النظام السوفيتي الإشتراكي وعدم نجاح سياسة الاصلاح الاقتصادي الذي انتهجها الرئيس يلتسن ورئيس وزرائه وكالة إيغور غيدار ساءت الحالة الاقتصادية والمعاشية الى درجة كبيرة حيث مع نهاية عام 1992 بلغت أجور العاملين غير المدفوعة 65 مليار دولار وارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية بنسبة 2600% . وعليه نشبت خلافات مستعصية بين الرئيس والبرلمان خلال عام 1993بسبب إصراره للمضي قدما ببرنامج الاصلاح الاقتصادي الذي تبناه . إتفقا أخيراًعلى حلها من خلال استفتاء الشعب الروسي على أربعة أسئلة أهمها إثنان :

1- هل تعتقد بضرورة اجراء انتخاب مبكر لرئيس روسيا الاتحادية ؟

2- هل تعتقد بضرورة اجراء انتخاب مبكر لنواب شعب روسيا الاتحادية ؟

واشترط أن تعتبر الموافقة حاصلة اذا صوت على أي منها بنعم بنسبة 50%من المؤهلين للتصويت وكان عدد المؤهلين للتصويت 107 مليون نسمة والذين شاركوا بالتصويت 69 مليون نسمة وكانت النتيجة كما يأتي:

34 مليون مع انتخابات مبكرة للرئيس أي بنسبة 32 % من المؤهلين للتصويت و47 مليون نسمة من المؤهلين للتصويت . مع انتخابات مبكرة للبرلمان أي بنسبة 44 % من المؤهلين للتصويت

أي أن الشعب ومن وضع هذه الصيغة لم يحل المشكلة وترك الطرفان اللذان استحكم الصراع بينهما وجها لوجه مما أدى بالنهاية الى تمرد أعضاء البرلمان ومناصريهم وإعلانهم حكومة ورئيس جديد وقيام يلتسن بإستخدام الدبابات لفض المشكلة . وبالرغم أن المعروف عن يلتسن أنه سكير عربيد إلا أنه أدار النزاع وما تلاه بحنكة منقطعة النظير حافظت على البلاد والعباد

أما بالنسبة للعراق فبعد التغيير والحكومات التي تلته وداعش وصل سوء الحال الى ما وصل اليه وكانت مطالب الشعب هي ذاتها من عام 2011 ولحد الآن التخلص من الأحزاب المتسلطة الفاسدة والمحاصصة ..الماء .. الكهرباء .. العمل

وجاءت انتخابات 2018وكانت فرصة حقيقية للتغيير فقاطع من يريد التخلص من “الأحزاب الفاسدة” والمحاصصة الانتخابات وذهب من يؤيد قادة هذه الأحزاب ظالمين أو مظلومين الى الإنتخابات وأصبحنا وأصبح الملك لقادة هذه الأحزاب .

وجاء تموز بدون ماء وكهرباء ليضرم في رؤوس الشباب العاطل عن العمل وجماهير الفقراء ثورة عارمة لتحرق مقرات نفس الأحزاب التي انتخبها بعضهم بلا شك وتخلف البعض الآخر منهم مع جماهير المقاطعة عن الانتخابات منتظرين الوصاية من الأمم المتحدة .

الأحزاب وقادتها يعلنون أنهم مع مطالب المتظاهرين ويغلسون عن المسؤولية والحلول تاركين رئيس الوزراء يلبط لوحده بين البصرة والعمارة والناصرية وباقي المحافظات .

عسى أن يتوفق المدحدح كما يسمونه في إدارة الأزمة دون مفاشخ خصوصا وأن الزيادة في أسعار النفط جاءت في الوقت المناسب لمعالجة جانب من مشكلة الماء والكهرباء والبطالة .

وأما المطالب الأخرى التي تحتاج أكثر من مفاشخ لتحقيقها كإنقلاب عسكري أو تدخل أمريكي أو ايراني فهي الشر المستطير بعينه .. إتقوا الله في العراق وأهل العراق .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here