ملحق للرسالة المفتوحة إلى رئيس وزراء العراق

السيد رئيس وزراء العراق د. حيدر العبادي
لم يعد الإنسان قادراً على ملاحقة الإجراءات القمعية التي تتخذها حكومتكم والحكومات المحلية في جنوب ووسط العراق، وكذلك الأجهزة الأمنية وجهاز مكافحة الإرهاب والكثير من الميليشيات الطائفية المسلحة التي تمارس الدور القمعي ضد المتظاهرين في مختلف مدن العراق. لقد تجاوزتم على الدستور العراقي حين أوقفتم استخدام الإنترنيت وقطعتم الاتصال الخارجي لتمنعوا حركة التواصل الاجتماعي ودورها في تعبئة التظاهرات الشعبية الموجهة ضد الطائفية السياسية والفساد والإرهاب وتدهور الخدمات من جهة، ولتمتعوا وصول المعلومات عن التظاهرات وعن الأساليب الوحشية التي تواجه بها القوى القمعية الرسمية والتشكيلات خارج القانون الجماهير الشعبية المحتجة والمنتفضة ضد النخب الحاكمة الفاسدة من جهة ثانية والتي زاد تعريها بسلوكها العدواني الجديد الذي عرفته في العام 2011 بشكل صارخ.
ثم أعطيتم الأوامر بتوجه الرصاص الحي وخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع إلى صدور وعيون الجماهير المتظاهرة لا في المدن الجنوبية والوسط فحسب، بل وفي ساحة الحرير في بغداد وغيرها أيضا، حيث استخدمت الصوندات والهراوات وكل أساليب القمع والضرب الوحشية ضد المتظاهرين والمتظاهرات الشجعان أيضاً. فسقط شهداء وجرحى ومعوقين بأعداد كبيرة، وأنتم الذي أدعيتم حماية المتظاهرين والمتظاهرات والدفاع عن حقهم في التظاهر!، وإذا بكم أنتم بالذات تصدرون الأوامر بضرب المتظاهرين بالحديد والنار. لقد تجاوزتم كل الخطوط الحمراء، التي تدعون أن الشعب قد تجاوزها، لقد تجاوزتم على الدستور العراقي وعلى لائحة حقوق الإنسان الدولية، وخر4قتم مباد عدم استخدام العنف في مواجهة مطالب الشعب الملحة. على شعبنا والمنظمات الحقوقي والأحزاب الديمقراطية أن تدرس إمكانية إقامة الدعوى على شخصكم وحكومتكم في محكمة حقوق الإنسان في هولندا، لأنكم استخدمتم مركزكم الحكومي كرئيس للوزراء ومركزكم العسكري كقائد عام للقوات المسلحة العراقية في عدم حماية المتظاهرين والمتظاهرات، بل تجاسرتم على الشعب بإصداركم الأوامر بضرب المظاهرات بالحديد والنار وبخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والهراوات. وكان الأسلوب الذي مورس عدوانياً صارخاً ومليئاً بالكراهية والحقد على الشعب، ولاسيما ضد المتظاهرين والمتظاهرات، وراغباً في إلحاق أكبر الأذى بهم.
ولم يكفكم كل ذلك، بل كما يبدو من أسلوب عملكم الذي يتميز بوجهين أصبحا مكشوفين للمزيد من الناس. فقد أعطيتم الأوامر باعتقال أكثر من خمسين صحفياً وإعلامياً عراقياً والتعرض لهم ومطاردتهم واعتقالهم، كما اعتقلت أجهزة الأمن والأجهزة السرية مجموعة من الصحفيين ومن المواطنين وعرضتهم للتعذيب وسعت إلى نزع البراءة منهم ومن المتظاهرين، وفرض التوقيع على ورقة تؤكد بعدم مشاركتهم في المظاهرات الشعبية أو الكشف عن مفاسد الحكومة وقمعها للمظاهرات. أي إعطاء صك بالبراءة!!! هذه الأساليب الوحشية التي ابتدعها مجلس حلف بغداد في أعوام 1955-1958، في فترة ترأس د. عبد العزيز الدوري لجنة مكافحة الشيوعية في حلف “السنتو”، في فترة حكم نوري السعيد ووزير داخليته سعيد قزاز ومدير أمنه العام بهجة العطية، والتي مارسها نظام الحكم القومي الشوفيني والبعثي الدموي في العراق فيما بعد. وها أنتم، رئيس وزراء العراق، تسيرون على درب المستبدين السابقين نوري السعيد وعبد السلام عارف وصدام حسين ونوري المالكي، وتستلهمون ذات الأساليب التي تستخدمها الأجهزة الأمنية الإيرانية في زمن الشاه (السافاك)، والأجهزة الأمنية الحالية (وزارة الاستخبارات والأمن القومي لجمهورية إيران الإسلامية، إطلاعات) والحرس الثوري الإيراني وبسيج.
انكم تغامرون ضد الشعب وإرادته ومصالحه، وتتراجعون خطوات متسارعة جداً إلى الوراء عن الوعود التي قطعتموها أمام الشعب والرأي العام العالمي، وتتفوقون على رئيس حزبكم نوري الملاكي فيما فعله بالشعب العراقي، إن واصلتم هذه المسيرة الخطيرة الموجهة ضد الشعب ومصلحة الوطن.
ما أن أعلن أحد المحامين الشرفاء السيد جبار كرم عن استعداده للدفاع عن المعتقلين حتى اغتيل في أحد شوارع البصرة في حي الهادي من قبل مسلحين قتلة “مجهولين!!” وفي وضح النهار. وهي محاولة مجرمة لبث الخشية في فوف من يتبنى أو يدافع عن قضايا المعتقلين في أحداث الانتفاضة الشعبية الجارية. لقد وصل صراخكم إلى عنان السماء بأنكم تؤيدون المظاهرات السلمية، ولكنكم في الوقت نفسه تعاقبون حتى من يريد الدفاع عن المتظاهرين!!
كفوا عن قمع المظاهرات، أطلقوا سراح المعتقلين، كفوا عن ملاحقة الصحفيين واعتقالهم، استجيبوا لإرادة المتظاهرين والمتظاهرات بنزع سلاح المليشيات الشيعية التي تشكل جسد الحشد الشعبي الراهن وقياداته من الميليشيات الطائفية المسلحة، قدموا الفاسدين الكبار إلى المحاكمة، وإلا فأنتم أحدهم، أوقفوا نزيف الدم، تخلوا عن الطائفية ومحاصصاتها المذلة، وأنتم عضو في قيادة حزب طائفي مرغ ويمرغ يومياً كرامة الإنسان العراقي بالتراب ومنذ ثلاثة عشر عاماً.
ليس هناك من يشفع لكم ولأعضاء حكومتكم الذين لا يستقيلوا بسبب سياستكم الخرقاء إزاء المظاهرات ومطالب الشعب، إن واصلتم درب الصد ما رد، إن واصلتم ضرب المظاهرات وقمع المتظاهرين والمتظاهرات وولغت قواتكم الأمنية ومن معها بدماء العراقيين!!
لقد أعذر من أنذر، وغداً لناظره قريب!!!
د. كاظم حبيب
24/07/2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here