من تحزب … خان

كان هذا شعار القذافي ومنهجه في حكمه الفردي الدكتاتوري في ليبيا على مدى أكثر من نصف قرن, ورغم كل التلفيقات والبدائل والشعارات التي كان يرفعها , كنت أيامها أستنكر ذلك فكيف لبلد يُدار ويُحكم بأسم الشعب وبعد ثورة جماهيرية أكتسبت ثقة شعبها ومن غير أحزاب تنظم وتشرف بين مشارك ومعارض لكي تسير العملية السياسية على الوجه الافضل. بعد تجربتنا المريرة مع الاحزاب الواردة من الخارج والمنبثقة من الداخل وبعد تجربة عقد ونصف من حكمهم تذكرت شعار القذافي ذاك وعذرته ووجدت له ما يبرره رغم عدم قناعتي بوجود عمل سياسي متكامل من نشاطات حزبية سياسية وطنية وحرية كاملة وممارسة حرة ديمقراطية. فكما أن البشر ليسوا متساويين في قدراتهم وكفاءاتهم وصفاتهم فكذلك الاحزاب ليس كلهم سواء ففيهم الغث وفيهم السمين وفيهم الخائن والعميل وفيهم الوطني النزيه الامين, وفيهم الشريف العفيف وفيهم الفطير الشجر , نعم هذه طبيعة الحياة فالدنيا كما يقولوا صور. ( الدنيا صور , كان هذا برنامجا إذاعيا ساخرا في العهد الملكي).
بعد هذه المقدمة ندخل الموضوع حيث الكثر من الاحزاب السياسية عندنا الاسلاموية والعلمانية طالما تتفاخر بعدد شهدائها وجسامة تضحياته في مسيرتها الحزبية والنضالية ( العلمانية ) و ( الجهادية الاسلاموية) متفاخرين مكابرين وكأنه أكبر انجاز تقدمه للشعب فترى الحزب الشيوعي مثلا أوحزب الدعوة أوالمجلس الاعلى أوباقي الاحزاب بما فيهم حزب البعث العربي الاشتراكي وغيرهم طالما يضربوا على هذا الوتر ويضعوه في مقدمة انجازاتهم ووساما على صدورهم وعلى الشعب ان ينحني لهم دائما راضخا لأوامرهم ساكتا اخرسا عميا امام فسادهم وعبثهم وخرابهم ونهب ثروات بلدهم. كمواطن عراقي ومن خلال خبرتي المتواضعة ما ارى ذلك إلاّ رعونة وانتحارا وعبثا واستهتارا واستهانة بجسامة مسؤولياتهم وخطورة اماناتهم ومصداقيتهم واستخفافا بارواح شباب يافعين بريئين غُرروا بهم وقتها تحت شعارات مضللة ظاهرها حق وباطنها باطل فاندفعوا كالقطعان يٌذبحون على مقاصل الطغاة بدم بارد لتجني احزابهم اليوم ثمرة ذلك الحصاد, أنا أرى ان كافة احزابنا الوطنية والدخيلة اسلاموية او علمانية لم تكن نزيهة ولم تكن أمينة وغير صادقة مع اتباعها وجمهورها وليس بوسعنا اليوم إلاّ الاسف والعبرة والندم على فقدان أفضل نخبة من ابنائنا واحبابنا ممن صدّقوا بشعارات تلك الاحزاب المجرمة الجاهلة وذهبت دمائهم غدرا, ودليل كلامي هذا ما اكتشفه مؤخرا شعبنا العراقي الطيب من هذه الحقائق فأصبح ينبذ كافة هذه الاحزاب بل كل الاحزاب قديمها وحديثها ويكفر بمبادئها وقيمها التي كان يسوقها زييفا وبهتانا, لدرجة ان جماهير شعبنا الواعي اليوم يمنعهم من الظهور والمشاركة في مظاهراتهم وتجمعاتهم بعدما تأكد أن ليس فيهم وطني ولا صادق ولا أمين ولا شريف ولا نزيه.
يتمشدق بعض هذه الاحزاب اليوم بل ويفتخر بأنه أعترف بخطأه ويطلب العفو من شعبه ولكنه في الوقت نفسه ما زال متمسك بالسلطة والحكم وكاتم على انفاس الشعب! أي استهتار هذا بحق الشعب! بل الادهى حتى الحكومة تتمنن على الشعب في مناسبة وغير مناسبة بذريعة القضاء على داعش وتتذرع بهذا لعدم محاسبتها في سكوتها على الفاسدين أو في معالجة ازمة البطالة واصلاح الخدمات وباقي طلبات المتظاهرين في عامة العراق لا بل وتطلب الولاية الثانية للبقاء في السلطة!
كمواطن عراقي كل ما ارجوه على كافة الاحزاب المشاركة في حكم العراق اليوم أن تعتذر اولا لشعبها وتكفّر عن اخطائها بحقه, ثم تعتزل العمل السياسي نهايئا وتنسحب من الساحة عموما وتترك خلق الله ترى مصالحها بكامل حريتها وبدون أي ضغوط أو شعارات زائفة وان لا نرى وجوههم الكالحة ما بقينا في هذه الدنيا.
أحمد رامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here