إنقلابات وإضطرابات!!

السؤال الذي تبحث الأجيال عن جواب صائب له هو لماذا حصلت الإنقلابات في الدول العربية منذ بداية العقد السادس وحتى نهاية العقد السابع من القرن العشرين , وهل توجد علاقة بينها وبين ما حصل في نهاية العقد الخامس من القرن العشرين؟!!
السؤال يطرح نفسه بقوة وإصرار لأن ما جرى يخدم المشروع الذي بدأ في نهاية العقد الخامس من القرن العشرين , ولا تزال الأحداث والتطورات والتداعيات في خدمة ذلك المشروع مهما إدعت وتمنطقت وتفلسفت وفسرت وخادعت أو كذبت.
كما أن الإنقلابات ومنذ أيامها الأولى وضعت الدول العربية على سكة الإضطرابات والإحترابات والإستنزاف الخسراني المرير , وما تقدمت بفعلها الدول , وما تحررت الشعوب من الإستعباد والفقر والإذلال والهوان والحكم بالحاجات , بل أنها حولت المجتمع الواحد إلى كينونات متصارعة ذات مسميات إتلافية وتوصيفات تدميرية حتى تهالكت الأوطان وصارت ركاما على آهليها.
ولا تشذ عن ذلك أحداث الثالث والعشرين من تموز عام 1952 في مصر وما جرى في العراق بعد ستة سنوات من ذلك التأريخ , فجميعها أخذت البلاد والعباد إلى حمامات الحروب العبثية والصراعات الإستنزافية , وما أنجزت ما يحقق الأهداف الإنسانية المشروعة في الحياة.
قد لا يعجب البعض ما تقدم , لكنها حقائق دامغة يؤكدها الزمن ويؤازرها المآل , فلماذا لم تصل مصر إلى مرتبة الدول المتقدمة وهي بدأت في ذلك التأريخ الذي تقريبا بدأت منه الصين وبعدها دول آسيا الشرقية وحتى اليابان؟
ولماذا لم يصبح العراق من الدول المتقدمة في ظل تلك الحالات التي أوجدتها الإنقلابات المتعاقبة , وهو يمتلك عناصر ومؤهلات التقدم والرقاء؟
فهل كان الهدف من تلك الإنقلابات أن تتدهور أحوال الدول وتتمزق الأوطان؟!!
لماذا دخلت جميعها في حروب عبثية فتاكة العنوان؟!!
أسئلة لا يعرف الإجابة عليها مَن لم يعش تلك الفترات أو لم يعيها , لكنها حاضرة تتطلب أجوبة شجاعة وربما قاسية!!
فهل كانت تلك الإنقلابات على أنظمة دستورية مستقرة فعلا وطنية ونابعة من إرادة الشعب أم أنها حالة أخرى , يمكن وصفها بتنفيذ أجندات تخدم الحالة التي تحققت في نهاية العقد الخامس من القرن العشرين؟!!
فبعد توالي العقود وتراكم الأحداث , يتضح أن المتغيرات مهما كان نوعها لم تخدم الدول العربية والشعب العربي على الإطلاق , وإنما خدمت المشروع الذي إنطلق حينذاك ولا تزال أمينة وصادقة في تنفيذ إرادة ذلك المشروع , والذي يرى غير ذلك ليقدم الحجة البرهان!!
فلماذا لا نواجه أنفسنا بشجاعة وصراحة , ونتحرر من الخداع والكذب والتضليل؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here