رئسة كرواتيا ”الفاجره“ !

ساهر عريبي

[email protected]

همس في إذني قائلا إنها رئيسة ”فاجرة“ (باللهجة العراقية) حالما أثنى أحد الباحثيين والسياسيين الإسلاميين على رئيسة كرواتيا، كوليندا جرابار كيتاروفيتش، التي خطفت الأنظار خلال تواجدها في كأس العالم 2018، وتشجيعها منتخب بلادها.

كان يجلس بجنبي في احد المؤتمرات الإسلامية التي عقدت مؤخرا في لندن, يدعي أنه باحث واكاديمي إسلامي, لكنه لم يتمالك أعصابه حال سماعه لمديح بحق الرئيسة الكرواتية من باحث اسلامي مثله عند القاء كلمته في المؤتمر , مقارنا بينها وبين إسلاميي السلطه في العراق .

أجبته قائلا ”لكنها نزيهة“ كما وانها امرأة كفوءة لا يساوي شسعا من نعلها العديد من الساسة العراقيين الذين تاجروا بالدين خلال السنوات الماضية وخاصة ساسة الحزب الحاكم في العراق. لقد أغاظته كلمة حق بحق امرأة شريفة لأنها كشفت سوءة فجّار المنطقة الخضراء دون ان تعرفهم ودون أن يمروا على خيالها لأنهم نكرات , لكن هذه الكلمة ذكّرته بفجور وفساد وجهل وغباء أولياء نعمته من الحزب الحاكم في بغداد الجاثم على قلوب صدور العراقيين منذ 13 عاما.

لم استغرب هذا الوصف لكوليندا فبعد ان ذاع صيتها خلال كأس العالم وعرف العالم حقيقة هذه المراة النزيهة والكفوءة والمتواضعة شنّت جيوش الفاسدين الألكترونية حملة شعواء عليها بهدف تسقيطها , فلقد كشفت سوءات أسيادهم بسيرتها العطره في الحكم, فكوليندا لم تتربى في حلقات حزب الدعوة ولم تقرا القرآن ولم تتغنى بسيرة أهل البيت لكنها ضربت أروع الأمثلة في الحاكم النزيه العادل. لم تستخدم ”بيت المال“ لشراء تذكرة لتشجيع منتخبها في المونديال بل اشترت تذكرة على الدرجة السياحية من مالها الخاص.

لم تجلس في البدء في المقصورة الخاصة بالضيوف الكبار بل جلست بين صفوف مشجعي منتخب كرواتيا, وعندما يحقق منتخب بلادها الفوز فإنها تنزل اليهم تعانقهم بكل تواضع وبلاحماية لأنها تثقث بشعبها وشعبها يثق بها. واما في بلادها فعرفت بسياساتها الإقتصادية الحكيمة وخاصة عند رفضها لقروض صندوق النقد الدولي قائلة كلمتها الشهيرة ” إن كانت تلك القروض تستخدم للإستثمار في البلاد فمرحبا بها وإلا فلسنا بحاجة لها“.

واما سيرتها الذاتية فإنها تدرجت في المناصب الحكومية بين سفيرة ووزيرة واول امراة تشغل منصب الأمين العام المساعد لشؤون الدبلوماسية العامة عام 2011 في حلف الناتو قبل أن تصبح رئيسة لكرواتيا. تجيد خمس لغات أروبية بكل طلاقة وتحمل العديد من الشهادات الدراسية. ولذا فلاعجب أن تغيظ البهائم الساكنة في الخضراء بالعراق والتي تعجز عن إدارة بلاد تعتبر عاشر أغنى بلد في العالم من حيث الثروات الطبيعية.

واما تهمة الفجور التي ألصقها بها هذا الباحث الإسلامي فيستحق عليها الجلد, فعند النظر في سيرتها الذاتية فهي امراة على عصمة رجل منذ التسعينات من القرن الماضي, لكن عمى العين والبصيرة يقلب المقاييس فتصبح النزاهة والنجاح فجورا في نظر الحثالات من اسلاميي العصر الذين لايزالون يرفعون شعار ”الإسلام هو الحل“ او ”الإسلام يقود الحياة“ وهم لايرقون في سلوكهم وممارساتهم سيرة من يصفونهم ب“الفاجرات“.

فهم الفجار الحقيقيون والمفسدون الذين قال عنهم تبارك وتعالى في كتابه العزيز ” وإذا تولى في الأرض سعى ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب المفسدين“. فقد كانوا مصداقا لهذه الآية الكريمة أذ أفسدوا في العراق وحوّلوا المنطقة الخضراء الى بؤرة للفسق والفجور وأهلكوا الحرث والنسل بفسادهم وجهلهم حتى عاث بفضلهم تنظيم داعش ” الإرهابي ” فسادا في أرض العراق. واما أنت ياكوليندا فإنك رمز الطهر والعفة والصلاح وإن ذرة تراب على نعلك إن كان بقيت في بلادك بقعة ليست خضراء, أطهر من أعلام الفساد في العراق ومن الذائدين عنهم مقابل فتات يرمونه لهم على قارعة الطريق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here