حبوب منع التفكير

لا شك أن الامية سبب من اسباب التخلف الذهني والفكري ولكن الاهم منه هو الحرمان من حرية التفكير نفسها, فكوننا مجتمع اعتدنا على التلقين وليس التفكير سيطر الفكر الجمعي ( القطيعي) على الغالبية العظمى من مجتمعنا نساء ورجالا. لذلك نرى دكاترة من اساتذة الجامعات واطباء واعلاميين وحتى من يدّعوا الادب والفكر ممن تعلموا وحصلوا شهاداتهم من الخارج من النساء والرجال انا شخصيا على صلة بالعديد منهم ومع ان بعضهم يعتبر نفسه قدوة في التفكير والبحث وحجة في المنطق والحوار ومع ذلك متمسك والى ابعد الحدود بنظريات او تنظيرات خرافية اسطورية لا يتقبلها أي عقل حر يحترم نفسه, والمفارقة ترى بالمقابل أناسا أميين من كلا الجنسين ذوي تفكير واحساس عاليين في الذوق والادراك يتمتعون بضمير حي ومنطق جميل على مستوى التعامل والتفسير والعلاقات وفي فهمم الواقع ومجرياته وفي تفسير وتحليل الظواهر والاحداث وقراءة المستقبل أكبر بكثير ممن ذكرناهم.
لكن بالمجمل فإن شريحة النساء في نسبة التخلف والانقياد الجمعي ( القطيعي) والايمان بالغيبيات والاساطير الخرافية أكبر بكثير من الرجال لاسباب عديدة, منها مساحة الحرية التي تتمتع بها وهيمنة الرجل في مجتمعنا الذكوري المتدين ولو ظاهريا باسم الدين مرة وباسم العيب والتقاليد والاعراف الاجتماعية أخرى, لكن الادهى من هذا لو سألنا البرلمانيات المسؤولات عن حقوق المرأة اولا وماذا قدمن من تشريعات تخدم النساء تحديدا مع ان غالبتهن من مدعيات العلم والمعرفة والثقافة والحرية بدليل ما يحملن من شهادات جامعية ويكتبن ويشاركن حوارات ويطرحن آراء, أليس هن اللائي حاولنّ تشريع قانون يشجع على تعدد الزوجات بمنح امتيازات للرجل والمرأة الذين يطبقونه؟ أليس هن من حاولن تشريع أو تعديل قانون الاحوال الشخصية لاباحة زواج القاصرات؟ أليس هن من بذلن اقصى الجهود من اجل ابطال قانون الاحوال الشخصية الذي شرعه عبد الكريم قاسم لأنصاف المرأة في الميراث وغيره؟ بل الادهى والى اليوم ترى غالبية النساء من اللائي ينصفهن هذا القانون ويضمن لهن هذا الحق يتركنه ويتمسكن بالقسام الشرعي وليس القسام المدني الذي ينصفها ويحقق لها العدالة بحجة العيب والتقاليد.
للاسف مع كل ما ندّعي من حرية وديمقراطية لكننا محرّج علينا ممارسة اهم معالم الحرية وهي حرية التفكير فنحن ممنوعون من التفكير الحر الذي من اساسياته التخلص من ثقافة القطيع والفكر الجمعي والقدرة على نقد الماضي عقيدة وتراثا والعمل على تنمية الذات والتحرر من سطوة العيب والتقاليد ( مورفين منع التفكير), فلا مفر لنا إن اردنا مسايرة الامم والتخلص من التخلف إلاّ بالتخلص من هذا الادمان ونتخلص من أكبر قيوده ونسمح لأنفسنا بمراجعة حرة لكافة معتقداتنا وتقاليدنا ونتاولها بالدراسة والنقد واعادة صياغة افكارنا وقيمنا وفق مباديء الحداثة وحقوق الانسان وحضارة الامم. أخيرا لابد لي من الاشارة الى ان خير من تناول هذا الامر المفكر العربي ” أبراهيم البليهي ”
أحمد رامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here