هل بناء العراق ممكن؟

الجواب: الأن وفي المنظور من الزمن… كلا!! لماذا؟

الجواب: البناء يحتاج إلى من يستطيع أن يستثمر بإبداع عناصر البناء الأساسية وإدارتها بشكل يضمن الاستفادة منها بشكل جيد … وعناصر البناء هي:

1. المال.

2. الوقـت.

3. الأشخاص.

عناصر البناء الثلاثة،لا يوجد من يديرها أو قادر على أدارتها من المتنفذين/المتسلطين/المسؤولين حالياً سواء كانوا أشخاص أو احزاب أو تكتلات أو لجان أو حتى الظروف .فالأموال محدودة في بلد فقير محطم مثل العراق … والوقت سائب حيث لا يزالون يتسكعون كما كان اغلبهم في بلدان التسكع والعيش عالة على الضمان الاجتماعي اوعلى هبات اجهزة المخابرات او بعض الاعمال غير المنتجة من قبيل “بيع وشراء” ودجل في مقار وجمعيات ومساجد وحسينيات قبل 2003…مثل هؤلاء الأشخاص تحركهم الغيبيات والتسّيب والاحزاب واللجان التي اشرفت وتشرف عليها اجهزة تعرف ما تريد منهم ولهم تعصف بها وبهم خلافات سياسية وطائفية وقومية تغذيها وتنظمها بارتياح تام اندساسات مخابراتية.

هؤلاء ومن تلك الخلفية وبتلك المقاييس والمواصفات والخبرات وجدوا انفسهم دون ان يعلموا في دوامة عنيفة تدور بشكل يختلف عما تعودوا عليه من دوران الجوامع والحسينيات والمقار والجمعيات والصحف الصفراء والمؤتمرات المدفوع لها…دوران عنيف غير مسبوق ادت قوته الى ان تطرد منها بفعل “قوة الطرد المركزي” لملوم جديد هو خلاصة او العصير المركز للملوم الاول المتسكع غير المتجانس من انصاف سياسيين وانصاف اكاديميين وانصاف متعلمين وان تقدمت أل(دال) المشكوك فيها أسماء الكثير منهم…”مُرَّكَزْ اللملوم” هذا وبعد كل هذه الفترة لا يزال تحت تأثير قوة ذلك الدوران الذي اصاب ما يملك من اجهزة/منظومة تفكيره بالارتجاج الذي لا شفاء منه. لم يتخلص هذا اللملوم “علمانيين ولبراليين ومعممين وقوميين وانتهازيين ووووو” لليوم من مشاعر التهميش والنقص التي سيطرت عليه كل الفترة قبل عام2003 وكان “طه ياسين رمضان محقاً عندما قال في جوابه على سؤال صحفي عن”المعارضة العراقية”لوجَّمَعْتَها لا تسد مجرى ساقية صغيرة من سواقي العراق”. تهميش ونقص تسببا بتعميق الشعور بالخوف من بعضها وكل ما/ من حولها من اشخاص، تنظيمات، دول… هذا الخوف/ الرعب دفعهم إلى العمل على تأمين حالهم كأشخاص ومن ثم تنظيمات مع الرغبة الكبيرة مبررة كانت اوغير مبررة للانتقام من حالهم السابق وممن يعتقدون انهم السبب فيه …أغراهم الرعب أو دفعهم الى التركيز على التعويض كأشخاص وجماعات بالاستحواذ الشرعي وغير الشرعي على المناصب والجاه والمال في وقتهم الاول لبناء منظومة عميقة لكل تنظيم ولكل شخص داخل أي تنظيم من الاكثر رعباً/خوفاً الى البسيط الذي لم يحصل منهم الا ما يحميهم به.

الرعب/الخوف/القلق/الافلاس الفكري/العلمي/الاجتماعي / الوطني اغراهم/دفعهم الى النظر إلى المستقبل /مستقبلهم بعيون المرعوب الذي لا يثق حتى بأهله وربما بنفسه… هذه الحالة الصعبة/الميؤوس منها جعلتهم محكومين بِعُقَدْ الماضي …التي دفعتهم ابعد من الماضي القريب او المتوسط الى حيث الماضي الذي لا أحد يملك ما يُصدقه ويُصَّدِقْ حكاويه وحكاياته التي فقط تَذَّكُرها او طرقها على مسامع الناس بمثل الصور التي تُطرق به اليوم عيب كبير واهانة حتى لشخوص تلك الحكايات التي جعلوها أساس للبناء عليها وفي اغلبها واهية …لا لاحترامها وركنها في اماكن طاهرة نظيفة تزيدها احتراماً…هؤلاء بتلك الحالة قرروا او فرضت عليهم الظروف ادارة عملية بناء ما افسده الدهر وهدمه الطغاة والطواغيت. هؤلاء تغريهم الصور او مظاهر الصور التي كانوا محرومين من التمتع بها في بلدان التسكع وعلى ضوء تلك المخيلة المريضة المهزوزة في تصويرها للبناء والمستقبل تصرفوا عندما لعبت بين اصابعهم الاموال فصارت/انطلقت حملات الارصفة المقرفصة والحدائق والنافورات والملاعب في الاحياء بنقل/استنساخ مما كانت الصور في بلدان تسكعهم وهم لضحالتهم لم يعرفوا ان هذه الامور جاءت بعد تعمير التعليم والصحة والسكن اللائق وظروف العمل حيث صارت هناك حاجة لاماكن تتنفس فيها الناس راحتها بعد العمل وتعب الحياة… هذا كان حال بنائهم لمستقبل ولم يغادروا مرابع تسكعهم تلك والدليل تملكهم الضياع والمزارع والارياف في بلدان التسكع للتعويض والمباهاة والبعض منهم سرق من حِملْ الجَمَلْ وهرب لبلدان الحرية التي لا تسأله من اين لك هذا وهي تعلم انها اموال مسروقه والدليل ان كل عوائلهم غاديه رائحه من والى العراق ومستقرها هناك. ومن طُرِدَ/هرب/تقاعد عاد ادراجه مسرعاً متلهفاً الى مكان تسكعه بعد ان ترك قاذوراته في العراق الطاهر…وغير هؤلاء أي الاخرين شعروا بخيبتهم بعد فوات الاوان وتلفتوا فلم يجدوا لهم حافظاً او نصير فنبشوا نفس الحكايات التي تعود الى زمن سحيق فارتموا في احضان من فكروا انهم سيعينونهم ويحفظوهم ويعيدونهم الى الصدارة…فكما لمسوا لمس اليد ان المتسكعين مسنودين من دول بحثوا عن دول تسندهم فأكملوا طوق دول الجوار فصاروا ادوات لها وبدأوا عملية التسكع المتأخرة في عمان واسطنبول ودبي والرياض والدوحة. فصار التسكع عام وأنتج ولاة أمر تسندهم نصوص مقدسة..

فوضى ولاة الامر الخائفين من بعضهم جعلتهم وجعلوا البلد ومستقبله بأيدي الغير وهَّمُهم الوحيد عدد أفراد الحمايات. وخلص كل طرف الى تحليله الذي اقنع نفسه به انه الأصلح الأصح والآخرين على خطاء.

في ضوء هذا هل يمكن بناء البلد؟

أقـــــــــــــــول:

1.لم يسجل التاريخ أن دوله بُنيت أُسُسُها وبُناها التحتية بناءً سليماً في ظل تشظي وتشرذم وتبعية عمياء لهذا الطرف أو ذاك لا تدفعها مصلحة الوطن وإنما مصالح دوائر مخابرات وكارتلات وعصابات وأقوام وطوائف وأحزاب ولسان حال كل واحده يقول:(طريق البناء والتقدم يمر عبر بناء مجموعتي وتمترسي خلفها…أنا من الفئه الفائزة).

2.لا يوجد بلد في التاريخ وضع أسس ومقومات تقدمه وتطوره في ظل(ديمقراطية!!!؟؟؟؟) هشة تلعب بها رئاسات ورؤوس خاوية فاسده بالجملة كأشخاص او كتل طائفيه او سياسية.

لا يمكن بناء بلد مفتوح حد التعري امام كل وكالات الاستخبارات العالمية والإقليمية والحزبية المحلية… لا يمكن البناء في ظل عدم وجود سلطه تشريعيه نزيهة تخاف الشعب وتحميه وسلطه تنفيذيه بمقدورها ان تحاسب المقصر والمتجاوز والسارق والمرتشي وأمام الجميع.

3.لا يمكن بناء بلد في ظل سلطه قضائية مسيسه خائفة ممزقه مضغوط عليها يهددها النواب والحكومة والمليشيات التابعة لكل الكتل والاحزاب والافراد بالقتل والتشكيك والتسقيط والرفض… وكذلك تهددها الرئاسة بقرونها الثلاثة.أن تعدد الرئاسات تكون باتجاه صحيح ومفيد للوطن عندما تكون هناك مؤسسات راسخة تقود وتُسّيير الدولة لا تتأثر بالتناطحات السياسية …وهي أي الرئاسات لا تنفع بلد محطم ، لا جامع بين طوائفه وأعراقه وأحزابه حتى وحدة الوطن وحب الشعب . أن الرئاسات والديمقراطية تكون مفيدة عندما يكون الجميع/الاغلبية مؤمن(ه) بها ويعمل على تعزيزها وترسيخها بوجود سلطه تطبق القانون لتحمي الحقوق والحريات والأمان

4.لا يمكن بناء بلد ليس له رموز سياديه محترمه تجمع شعبه مثل العَلَمْ واليوم الوطني وشعار الدولة.

أي خلاف يظهر في أي مستوى سياسي أو حكومي يدفع إلى التعطيل السياسي في بلد قَلِقْ محاط بالمخاطر..

أن من يفكر في وضع برنامج لبناء العراق عليه ان يضع أمامه:

1.أن العراق بلد ليس آيل للسقوط أنما ساقط وفق كل المقاييس وواحدة من أسباب سقوطه بعد تدمير الاحتلال لبُناه التحتية وتمزيق نسيجه الاجتماعي وترويع شعبه وقتل طاقاته وكوادره وغباء النظام السابق هي الديمقراطية المشوهة التي رسمها وصاغها الاحتلال واذنابه وهما المسؤولين مسؤوليه كامله عما اصاب البلد من تناحر وتمزق وقتل ودمار…

الوضع العام في العراق اليوم تالف… والتالف لا يمكن اصلاحه او الاستفادة منه او البناء عليه…التالف مكانة المكبات او وحدات التدوير ربما يتم استخلاص شيء قد يُفيد/ينفع في احدى مراحل البناء.

التالف لا يمكن ترقيعه او اعادة تغليفه او تحسينه…وقبل التخلص من التالف يجب دراسة اسباب التلف والقضاء عليها.وايجاد الطرق والادوات لمنع تكراره. ولا يمكن ان تتم هذه الدراسة في المصايف او الجوامع او الحسينيات او المواكب او دوائر المخابرات انما تتم في معاهد ومراكز البحوث والجامعات أي ان يَدْرسها العلم وليس الدين او العشيرة او القومية. العراق اليوم بلد تستفحل فيه الاحكام والمفاهيم العشائرية البائدة المتخلفة.

2.لا يمكن البناء في ظل تحفز أمني وانتشار للمظاهر المسلحة. بلد تعيث وتعبث فيه كل مخابرات العالم فساداً وإفسادا…بلد لا يملك ما يدافع به عن حدوده وثرواته. بلد الحواجز بين مدنه وأحيائه وشوارعه أكثر من الحواجز التي تحمي ترابه ومائه وهواءه…الأمن اللازم للبناء ليس فيه درجات فأما امن مستتب او لا أمن.فلا وجود لما يسمى تحسن أمني من يتحسن قد ينتكس ولا احد يبني على”قــــــد”.فالأمن أمن وغيره انعدام الأمن.والمال سيكون سائب بدون امن وامان والبناء والاعمار سيتحول الى دمار بدون أمن.

3.لا يمكن البناء في بلد يتعرض بالإضافة لما تعرض له من حصار وحروب ومؤامرات من الدول الكبرى ودول الاقليم يتعرض إلى هجوم بشع ومدمر من الريف على المدن بشكل مخيف ،لو أستمر سيكون البلد الوحيد في العالم بعد عدة سنوات بدون ريف ولا شباب يعرف ماذا يزرع وكيف يزرع ومتى.

4.لا يمكن البناء في ظل فوضى الأسعار وبالذات أسعار العقار التي فاقت كل تصور حتى أصبح سعر المتر المربع الواحد في المزابل المحيطة بالمدن التي لا تتوفر فيها أبسط مستلزمات العيش أغلى من سعر المتر المربع الواحد في ضواحي لندن وباريس .

5.لا يمكن البناء في ظل واقع مالي مزري ينخره الفساد في دوله كل وارداتها أحادية المصدر لا تكفي لسد رواتب وأجور العاملين في مؤسساتها غير المنتجة من الرئاسات إلى أصغر مخفر شرطه… بلد لليوم تُسلم فيه الرواتب والاجور وكل عمليات البيع والشراء نقدا حيث تتحرك في اليوم مئات ملايين الدنانير وربما مليارات بشكل نقد سائل …يتم عد الاغلب منها يدوياً .

العراق بلد محاط بالأعداء الذين لهم امتدادات داخليه فعاله ومسلحه…بلد يعيش في منطقه قلقه فيكفي ان تزداد حدت الخلافات مع ايران وتحصل أي مواجهه عسكريه قد تؤدي الى اغلاق مضيق هرمز ليتم الاطباق على العراق مع استمرار اضطراب الاحوال في سوريا وتلكأ موانئها وغلق الحدود البريه معها وغلق الحدود مع الاردن مع احتمال متكرر لغلق الحدود مع تركيا والمشاكل المتكررة بين اقليم كردستان والحكومة المركزية كل تلك الاضطرابات ستؤدي الى خنق العراق وتوقف الصادرات النفطية والواردات للعراق اذا ما علمنا ان العراق يستورد كل شيء بعد موت الزراعة ونحر الصناعة عليه سيكون اعتماد العراق على الواردات من الحدود الإيرانية فقط مع الاخذ بنظر الاعتبار حجم المشاكل التي تعاني منها ايران اليوم بفعل الحصار وعدم جودت المواد ويمكن ان تتعرض الواردات لابتزازات او هجمات واكيد سرقات وعمولات هائلة.

6.لا يمكن البناء بالاعتماد على تصور ناقص وهو زيادة الصادرات النفطية وللتوضيح فأن هناك وفره في السوق والاتجاه لتقليل الاعتماد عليه وهناك طاقات بديله وهناك وهو الأهم الفيتو السعودي الكويتي الإماراتي القطري على ذلك وكذلك حرب الاسعار المشتعلة سياسياَ وعدم كفاءة خطوط نقل النفط والمشاكل التي تحيط بطرق ومنافذ التصدير الى الموانئ كما اشرنا اعلاه …واهتزاز الوضع الامني الذي يجعل خطوط النفط داخل وخارج العراق عرضه للتخريب بشكل متكرر ليفقد النفط العراقي ثقة المستوردين …ولن تكون مساهمة العراق في سوق النفط أكثر من النسبة التي كان عليها في منتصف السبعينات عندما كان عدد السكان اقل من ثلثي عدد السكان الحالي لأن احتلال العراق لمرتبة متقدمة من حيث كمية الانتاج تثير حفيظة الدول النفطية المجاورة التي تحمل العداء للعراق ولتطوره ويعني بداية تفكير الغرب بمعالجة الاوضاع في الكيانات الخليجية الهشة وبالذات السعودية وهذا من العوامل التي دفعت دول الخليج للوقوف بوجه طموحات صدام حسين منذ اليوم الذي قال فيه قولته العنيفة من ان احد اخر برميلين نفط في السوق العالمية سيكون عراقي مع دوافع أخرى طبعا. وما هروب شركات النفط وتلكؤها الا دليل على ذلكً (احتكار اكسون موبيل) الحليف القوي لمشايخ الخليج… لا يمكن لهذه الدول ان تسمح باستقرار العراق واعادة بناءه. من يعتمد على نفط العراق لبناء العراق اضع عليه علامة استفهام كبيرة مع الاعتذار…العراق بلد نفطي مطوق بأعداء نفطيين لن يسمحوا بان ينتج اكثر مما يريدون هم “قوت لا تموت” …لو فكرنا بالنفط فعلى العراق اما تدمير الدول الاخرى وبالذات الخليجية وهذا جنون وهو خارج الممكن والمقبول والعقل… او الخضوع لها وهذا غير ممكن او مسموح به طائفيا او عراقياً أو اقليمياً او حتى دولياً

7.لا يمكن وعلى المدى ا لمنظور التفكير أو الحلم بتدفق أموال المستثمرين للأسباب التالية:

أ. الوضع الأمني المضطرب حيث معلوم أن رأس المال لا يدخل المناطق المضطربة والوضع الأمني لا يعني انحسار الإرهاب فقط وانما نهايته ويعني حرية الحركة للأشخاص وراس المال واختفاء القوانين الاستثنائية وتحسن البنى التحتية للطاقة والنقل والبنوك.

ب. ارتفاع الأجور قياساً إلى دول كثيرة أخرى…الاجور اليومية وتكاليف العمل والنقل والحماية وتعويض الفساد والرشى والسرقات والتسيب والاهمال.

ج. انتشار الرشوة والمحسوبية والعشائرية والطائفية والتجاوز على المال العام والخاص وانتشار روح النهب وتشريع السرقة دينيا واجتماعيا…تعتبر الرشوة والسرقة اليوم نجاح وشطارة يفتخر بها مُمارسُها ولا يخجل عندما يقال عنه انه مرتشي او سارق لأن الكبار (وزراء واعضاء برلمان ورؤساء يمارسون ذلك بكل الطرق والسبل والدليل ان البعض منهم اصبح مليارديرا وجميعهم دون استثناء اصبحوا من اصحاب الملايين)

د. ظاهرة المسيرات المليونية وهدر الوقت والجهد والمال العام والتستر على التجاوزات وكثرة المناسبات والأعياد والعطل الرسمية والتسيب الوظيفي والمحاصصة التي ستَفرضْ على كل مستثمر تشغيل اتباع الاحزاب المتنفذة في مكان العمل، عدم وجود قانون ينظم حركة رأس المال الأجنبي وضعف الخدمات البنكية وتخلف سوق الاوراق المالية.

ه.دائماً ما تُذكر تجارب دول الخليج الشاذة بكل مقاييس التطور والبناء وبالذات الأمارات العربية والوعد بالاقتداء بها(سنجعل المدينة الفلانية مثل دبي او غيرها) هذا تصور غير صحيح وغير دقيق وقاصر والمشكلة انه يُطرح من قبل سياسيين واكاديميين متخصصين. وهو نموذج شاذ في مكان شاذ وفي ظروف شاذه (نموذج الإمارات لا يمكن استنساخه لأنه لا يبني بلد وانما بلد يُبنى من قبل الغير فأهل الامارات ليسوا بُنات وانما عاطلين عن العمل يُبنى لهم).

لا يمكن استنساخ تلك الحالة للأسباب التالية:

1.الاختلاف في مساحة البلدين ومواردهما.

2.الاختلاف في عدد السكان وتركيبتهم الاجتماعية والطائفية والقومية.

3.الشعب العراقي شعب يشكل فيه الشباب النسبة العالية وهذه الشريحة تعرضت لظروف نفسيه قاسيه من اضطهاد وحروب وحصار وحُرِمَ لسنوات من ان يتمتع بفترة مراهقته او شبابه….عدة اجيال لم تمر بمرحلة الشباب….والنسبة العالية منهم عاطلين عن العمل وحتى نسبه عالية من العاملين في الدولة هم بطالة مقنعه..

4.المنفذين لعمليات البناء في الأمارات بكل المستويات من الأجانب حيث هناك منهم خمسة أضعاف السكان الأصليين وعملية البناء، اقتراحهاوتخطيطها ودراستها وتنفيذها تتم بأيدي اجنبيه. كل المؤسسات المالية والاستشارية والفنية يديرها الاجانب ويحضرون حتى اجتماعات المجالس الحكومية العليا/مجلس الوزراء. اما تنفيذ المشاريع بالنسبة للعمالة الماهرة وغير الماهرة فهي أيدي عامله آسيوية رخيصة مضطهده ليست من أخلاق العراقيين ممارسة نفس عملية الاضطهاد عليهم.

وحتى تكتمل المقارنة فأن على العراق ليستنسخ التجربة الاماراتيةاستقدام (150) مليون عامل وخبير أجنبي (خمسة اضعاف سكانه) وبنفس ظروف تواجدهم في الأمارات ليكون المتواجدون على أرض العراق من سكان ووافدين 180مليون إنسان لا تستوعب أرض العراق فضلاتهم والحرارة المنبعثة من أجسادهم ،لا تكفيهم موارده المائية او انتاجه من الطاقة بكل انواعها (كهرباء… وقود)… يصاحب ذلك ان تكون موارد العراق المالية بالمقارنة مع الاماراتية اكثر من ثلاثين ضعفاً…مع تدفقات استثماريه هائلة.

قد يعترض البعض على هذا الطرح. اتمنى على هذا البعض وهو الغالب ربما ان يتمعن فيها ومعانيها.

5.لا توجد في دول الخليج حياة حزبيه ونقابيه كما في العراق ولا تشكيلات عشائرية متنوعه مختلفة حد التحارب فيما بينها…احزاب دينيه وعصابات مسلحه متبوعة من افراد بشكل مقدس مذموم منفلت تبيح حتى قتل الغير او سلبه او تدميره او تخريب ما يمكن.

6.الأجرام التي تمارسه أجهزة المخابرات الكثيرة المنتشرة في العراق التي تعيث فيه فساداً وافساد والتي تستطيع التأثير على أي عمل باتجاه مصالح البلد الذي تمثله فلا يوجد سر يخص الامن الوطني للعراق فالمخابرات الأجنبية في العراق حاضره في مجلس الوزراء ومجلس النواب والرئاسة والبنوك والأجهزة الأمنية ومجلس الامن الوطني وقيادات الاحزاب والمرجعيات الدينية ومجالس المحافظات والدوائر المهمة وفي الاعلام.

7.الشعب العراقي يعتقد أنه يعيش في بلد غني هكذا يتصور البعض يُصّدِرْ 2 الى2.5 برميل نفط يومياً/اكثر من 30 مليون نسمة والامارات تصدر مليون نصف مليون برميل يومياً تقريباً مع عدد سكان يبلغ اكثر من مليون نسمة بقليل…يحسب البعض الاموال التي تأتي من تصدير النفط هائلة وهو ربما لا يعرف انها لا تكفي حتى لسداد اجور للعاملين وغير العاملين فهناك ما يقترب من عشرة ملايين موظف ومتقاعد وافراد القوات المسلحة والامن والحمايات وغيرهم لو كان معدل الراتب هو “500”دولار فهذا يعني “5”مليار دولار شهرياً أي ما يعادل واردات النفط الشهرية تقريباً.

العراق من افقر البلدان في العالم لأنه لا يملك بُنى تحتيه فلا كهرباء ولا مصافي ولا موانئ ولا طرق سكك حديد ولا مطارات ولا زراعه ولا قاعده صناعيه ولا مدارس كافيه ولا طرق صالحه ولا مجاري مياه امطار او مياه ثقيلة ولا منظومة معالجة نفايات ولا نظام اجتماعي ولا منظومة صحيه لائقة ولا مشاريع ماء صالح للشرب كافيه ولا خدمات بريديه ولا منظومه ضريبيه جيده او مقبولة ولا بنوك متطورة ولا سوق للأوراق المالية متطورة… ولا “الشخص المناسب في المكان المناسب” مع عدم ثقه كبيره من قبل المواطنين في الدوائر المالية والبنكية الحكومية والاهلية الوطنية والاجنبية.

يضاف الى ذلك ان الشعب العراقي ليس من طباعه الاستماع لأوامر الأجنبي وسيعتبر كل مستثمر سارق لخيرات بلاده وبالذات سيكون مع المستثمرين العرب قاسي جداً لأنه يعتقد وهذا صحيح أنهم جزء أساسي في معاناته وسوف لن يسمح ليكون البلد مرتعاً لممارسات أصحاب رؤوس الأموال العرب كما يفعلون في دول عربيه أخرى وبالذات في ظل انفلات امني وتناحر طائفي وتغول عشائري…

لا يقاس الاستثمار في الاتصالات (قد يقول البعض عن تواجد شركات الاتصالات الهاتفية) على انه اساس… لأنه يمكن ان يكون استثمار عن بعد أي بدون احتكاك مع العمال وذويهم بشكل واسع ويومي لان عدد العاملين في مثل هذه الشركات محدود وهي مشاريع خدميه…رغم حالات الشكوك الكثيرة التي تحيط بعملها… والتي تصل الى حد الخطورة جدا والتي اكيد ستكون لها جوله ساخنه في ملفات الفساد وربما التجسس والتدخل والكل يعلم ان هذه الشركات يمكن اختراقها والسيطرة عليها عن بعد. سيكون ملفها خطير جداً لها وللعاملين فيها وسيفتح يوماً علما ان كل محطاتها الصغيرة وابراجها وهوائياتها تتوزع في بيوت المواطنين وعلى أسطح تلك الدور لتوفر لعوائلها مورد شهري والكهرباء من المولدات المربوطة بالمنظومة لقاء حمايتها. ولا يقاس الاستثمار في المولات.

من هذا فأن عملية البناء تحتاج إلى جهد جبار غير متوفر او معطل الأن وتحتاج لإعادة تأهيل الشباب على أسس غير اللطم والزيارات والجوامع والمؤامرات والتحزب الضيق وتحفيزهم للمساهمة في عملية البناء وهذه تحتاج الى الاستثمار في مراكز الدراسات حيث يجب التوجه لمعالجة الأمراض الاجتماعية والنفسية والصحية التي تنخر المجتمع وإعادته إلى الوضع الذي يجد فيه العراقي متعته بالنجاح وحب الآخرين وحب العمل وحب الوطن وقبول التحدي…

كيف يتم ذلك؟ لا أدري لكن اعتقد ان هناك من العراقيين من يدري ويعلم كيف يعمل عندما تُتاح له الفرصة.

الشعب العراقي تعلم القتل “فُرضَ عليه القتال” فاستسهل الموت وأمتهن الكثير منه تعذيب الذات والغير والتجاسر على الحق العام لأنه تعلم ان المال العام مُلك للسلطة والتجاوز عليه نوع من انواع الرفض للسلطة والاعتراض عليها ومناهضتها وهذه نتيجة الحروب والدكتاتورية والاحتلال وشذوذ الطبقة السياسية.

يجب تركيز العمل على اطلاق ودعم المبادرات الفردية والاستفادة من الموارد الذاتية المتاحة وتقليل الهدر في الاستهلاك سواء للماء أو الكهرباء أو الوقود أو إي شيء والتفكير بمعالجة الممكن من المشاكل مثل الفضلات والتصحر وصيانة الطرق وإعادة هيكلة النقل والبريد والجباية والحياة الرياضية والمستشفيات وغيرها من الامور وتشجيع هوايات الشباب حيث الشباب العراقي بلا هوايات ولا طموح… واعادة الثقة الى الشباب وبالذات منهم الباحثين ويجب تشكيل مراكز بحوث لكل جانب من الجوانب العلمية ودعم ذلك ماديا واعلامياً.

في الحظة التي يتمكن فيها أبن البصرة من العمل والعيش مع أخيه أبن الأنبار وتكريت ويستطيع الصابئ من فتح محل صياغة في النجف ويستطيع المسيحي ممارسة حريته في العبادة في كنيسة تبنى في الأنبار أو أي شخص يفتح مقهى/مشرب/مطعم في أي مكان ويستقبل زبائنه بأمان وحرية يكون عندها من الممكن البناء. وكل ذلك لا يمكن ان تقدمه الحكومة الحالية… لم تتمكن الحكومات السابقة من تقديمه ولن تتمكن الحكومات اللاحقة القادمة ايضاً.

الوضع اليوم في بغداد والمحافظات الاخرى لا ينطبق عليه قانون او يشمله تحليل…

هذه وجهة نظر اكيد غير دقيقة لكنها ….

عبد الرضا حمد جاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here