اتحاد تكسي البصرة.. متطوعون للخدمات المجانية

سليم الوزان

تلفت سياراتهم الانتباه بالشعار الذي يميزها، وفي كل يوم جمعة من نهاية الأسبوع يجتمع أعضاء كروب “اتحاد تكسي البصرة” في منطقة محدّدة للتشاور والتعرف على المنضمّين الجدد والاتفاق على نشاطاتهم الخدمية المجانيّة.

يتلقى الكروب نداءات استغاثة من سواق أو مسافرين تتعطل عرباتهم على الطرق الخارجية فيهبون لنجدتهم، كما حصل مع احد المسافرين على بعد (40 كلم) عن مركز المدينة تعطلت سيارته فهب سبعة أعضاء بسياراتهم لنجدته وجرى نقله مع عائلته وتصليح سيارته.

يقول حسين العيداني (28 عاما) مسؤول الكروب إن اتحادهم تأسس قبل ثلاث سنوات تقريبا، وهدف إلى إحياء روح التعاون بين شباب المحافظة إذ بلغ عدد الأعضاء (39) ألف عضو.

ويضيف “نحن نتواصل ونناقش نشاطاتنا التي تتلخص بتوزيع المنشورات التي تحث على التعاون، ومسائل تثقيفية تتعلق بالأخلاق والسلوك الحسن ومساعدة الآخرين”.

ويؤكد “نقوم ببعض الأعمال كترقيع أجزاء من الشوارع التي تحدث فيها خسف وتعرقل السير باستخدام القير المستعمل أو بشراء المواد على حسابنا الخاص وبدأنا بتوزيع أكياس صغيرة على سواق التكسيات وسيارات الأجرة لحث الركاب على وضع النفايات بها وعدم رميها في الطرقات”.

مصطفى بارس شاب عشريني يعمل عسكريا في الجيش وهو مشرف على الكروب، يقول إن أعضاء اتحاد تكسي البصرة أصبحوا عائلته الكبيرة وأصدقاءه الذين أضافت خبراتهم الشخصية إلى حصيلته الشيء الكثير.

ويؤكد لـ “نقاش” أن الكروب “لا يختص بشريحة محددة من السواق، فهو يضم الجميع ومن كل المستويات، سوّاق شاحنات نقل وحوضيات ماء وحافلات نقل مسافرين وعربات بلدية أهلية، وسيارات نقل على الخط الخارجي ودراجات نارية، وهناك مصلحون للسيارات وأصحاب مهن ومهندسون وموظفون وطبيب ومن يتولى الإعلام عن الحوادث”.

بارس لا يجد إدارة الكروب أمرا يسيرا لكنهم يبذلون جهودا حثيثة ويقول “نحاول ان ندفع أعضاء الكروب للالتزام بالتوجيهات وهو أمر ليس سهلا، فربما يستغل بعض الشباب عضويتهم بالإساءة لروح الفريق لكننا نراقب تصرفات الجميع ولا نتساهل في هذا الجانب”.

لكنهم لا يتلقون دائما الثناء من الجميع فقد يصادف أن يصب أحدهم غضبه عليهم. يقول بارس حول ذلك وهو يضحك “كنا نقوم بترقيع احد الشوارع عندما هاجمنا احد السواق بألفاظ مقذعة دون سبب إلا كونه اعتبر عملنا معرقلا للسير. كان منفعلا جدا لكننا استوعبنا انفعاله وقابلناه بأسلوب لطيف. فلا يمكن إرضاء الجميع حتى لو كنا نقوم بعمل يصب في صالحهم”.

هناك أكثر من (45) كروبا وحملة تطوعية في البصرة، إضافة إلى حملات أخرى في الأقضية والنواحي لم تعلن عن نشاطاتها على صفحات التواصل الاجتماعي، كما يرى علي اليوسف، متطوّع في المجال الإنساني.

ويقول لـ”نقاش” حول ذلك “نحن نلاحظ انتشار البطالة والمخدرات والتوجهات السلبية الأخرى بين شريحة الشباب والمراهقين بصورة كبيرة، فإذا كان دافع المتطوّع بالانضمام لهذه الكروبات شخصيا أو إنسانيا أو دينيا أو وطنيا أو لإشغال الفراغ فهو أمر يصب في خدمة الصالح العام أولا كما يجنبه الانزلاق إلى ما لا تحمد عقباه. إن الغاية من نشاط الشباب تكمن في تفعيل العمل التطوعي”.

ويضيف “مع ذلك فالأعداد ما زالت قليلة لان ما نلمسه من تعاون ونزول للشارع يقتصر أحيانا على عدد قليل من المتطوعين، وأعتقد أن المشكلة تكمن في انتفاء دعم الدولة لحملات التطوع. باستثناء الكروبات المدعومة التي تحمل صفة رسمية مثل كروب وزارة الشباب والرياضة وأخرى تابعة للأحزاب، لكن الانخراط فيها يتضمن الخضوع لتوجهاتها”.

علي باقر الموسوي شاب عمره (28 عاما) وهو خريج كلية الفنون الجميلة وجد في الكروب ضالته في إطار من التعاون والحب والرغبة بمساعدة الآخرين.

وهو يقول عن ذلك “نظم الكروب توجهي لتقديم المساعدة للناس. ان أشارك أصدقائي في عمل شيء مفيد. ألا أنسى مساعدة شخص لا اعرفه. منحني انضمامي للكروب فرصة رائعة لإدراك حجم التعاون الجماعي ومردوده النفسي الإيجابي الكبير، كما انه يمنح شعورا بحب البلد والمكان الذي أنت فيه برغم كل الظروف”.

ويضيف لـ”نقاش”: “انا أجيد تصليح سيارتي بالكامل وهو أمر لا يتقنه الكثير من السواق لذلك قدمت خدمات مجانية لأشخاص واجهوا مشكلات في هذا الجانب”.

وفي ظل وضع سياسي واجتماعي متوتر ومعقد يكون الإبقاء على روح الفريق الواحد أمراً صعباً، لكن باقر يؤكد أنهم بعيدون تماما عن تلك الأمور ويقول “لا نحتاج أبداً لعناوين طائفية أو فئوية ودينية. وهذا الالتزام ضمن شروط الكروب. نحن نعتقد ان الطائفية والحزبية هي التي أضرّت بالعراق. نحاول البقاء بعيدين عن هذه التأثيرات من خلال عملنا المجاني. نود استعادة قلب العراق الواحد”.

اتحاد تكسي البصرة ضم أيضا سائقات من الجنس الناعم، يؤكد رئيس الكروب حسين العيداني ويقول “انضمت بعض السائقات إلى الكروب وتحمل سياراتهن شعار الاتحاد وقد شاركن في المسيرات التي نظمناها بمناسبة تحرير الموصل وفي نشاطات أخرى، كما أن جزءاً من أهدافنا يتمثل بحثّ السواق على عدم الإساءة للسائقات ومضايقتهن في الشوارع والتحلي بالشهامة”.

ولا يقتصر نشاط الكروب على تأدية خدمات مجانية فهناك جانب ترفيهي يتمثل بتنظيم سفرات ترويحية لأعضاء الكروب وعائلاتهم إلى مناطق الحوطة والجبايش بالناصرية أو مناطق سياحية أخرى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here